الأحد, نيسان 21, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الأحد, نيسان 21, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

سميح القاسم

سميح القاسـم شاعــــر العروبــــة
والصمــــــود ورفــــــــض الاحتـــــلال

رفض وأولاده الخدمة العسكرية فسجنوا وحدّدت إقامتهم
وقاد المبادرة الدرزية في رفض التجنيد وسياسات المحتل

ألوف المشيعين من فلسطين والضفة والجولان والنقب
ودعت شاعر المقاومة والحنين في مسقط رأسه الرامة

شعره الأخير: أيها الموت لا أحبك لكنني لا أخافك

غيّب الموت بعد صراع قاسٍ مع المرض الشاعر العربي الفلسطيني سميح القاسم أحد أبرز شعراء الوطن العربي وشاعر المقاومة في فلسطين بلا منازع وهو الذي احتفظ بشعر التمرد والرفض للإحتلال الإسرائيلي، لكن مع إبقاء جذوة الأمل بحتمية اندحار الظلم ورفض الهزيمة والحض المستمر على الصمود فكان شعره على الدوام أحد المحركات المعنوية الفاعلة في نضال الشعب الفلسطيني وانتفاضاته داخل فلسطين وفي المناطق المحتلة، وقد رفض القاسم الهجرة إلى خارج فلسطين وبقي مقيماً في مدينة حيفا حتى وقت متأخر لكنه عاد إلى قريته الرامة في الجليل الغربي في السنوات الأخيرة، وكان القاسم صوتاً مدوياً في حركة الموحدين الدروز الرافضة للتجنيد، إذ رفض الخدمة العسكرية الإجبارية في جيش الاحتلال كما رفضها أبناؤه وتعرضوا جميعاً للسجن وللإقامة الجبرية، وطُرِدَ القاسم مِن عمله مرَّات عدّة بسبب نشاطه الشِّعري والسياسي وواجَهَ أكثر مِن تهديد بالقتل، في الوطن وخارجه.
وكتب القاسم قصائد معروفة غناها العالم العربي بأسره، منها قصيدته التي أنشدها الفنان مرسيل خليفة «منتصب القامة أمشي مرفوع الهامة أمشي» كما تذاع قصائده بصوته على القنوات العربية والفلسطينية، وقد نعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الشاعر بكلمات جاء فيها «إن الشاعر القاسم، صاحب الصوت الوطني الشامخ، رحل بعد مسيرة حافلة بالعطاء، والذي كرّس جلّ حياته مدافعاً عن الحق والعدل والأرض».

مؤسس لجنة المبادرة الدرزية
والقاسم هم هو من مؤسسي لجنة المبادرة الدرزية بل هو صاحب الفكرة ولعب دوراً مهماً في بلورة توجّهاتها العربية الرافضة للتجنيد وللتعاون مع الاحتلال وتشويه صورة الموحدين الدروز في فلسطين. . ترأس «الاتحاد العام للكتاب العرب» في فلسطين منذ تأسيسه، وكان في السنوات الأخيرة رئيس تحرير فصلية «إضاءات» ورئيس التحرير الفخري لصحيفة «كل العرب» التي تصدر في مدينة الناصرة.
أسهَمَ في تحرير «الغد» و«الاتحاد» ثم رَئِسَ تحرير جريدة «هذا العالم» عام 1966، ثُمَّ عادَ للعمل مُحرراً أدبياً في «الاتحاد» وأمين عام تحرير «الجديد» ثمَّ رئيس تحريرها، وأسَّسَ منشورات «عربسك» في حيفا، مع الكاتب عصام خوري سنة 1973، وأدارَ في ما بعد «المؤسسة الشعبية للفنون» في حيفا.
والشاعر الفقيد متزوج وأب لأربعة أولاد هم وطن ووضاح وعمر وياسر.

جوائز عالمية وتكريم
حصل سميح القاسم على العديد من الجوائز والدروع وشهادات التقدير وعضوية الشرف في عدّة مؤسسات، فنال جائزة «غار الشعر» من إسبانيا، وتلقى جائزتين من فرنسا عن مختاراته التي ترجمها إلى الفرنسية الشاعر والكاتب المغربي عبد اللطيف اللعبي، كما حصل على جائزة البابطين الأدبية، وحصل مرّتين على «وسام القدس للثقافة» من الرئيس ياسر عرفات، وحصل على جائزة نجيب محفوظ من مصر وجائزة «السلام» من واحة السلام، وجائزة «الشعر» الفلسطينية. وتلّقى القاسم عدداً كبيراً من الدروع وشهادات التقدير وعضوية الشرف من عدة مؤسسات وقلّده الرئيس محمود عباس وسام «نجمة القدس» كما حصلَ على جائزة ياسر عرفات للإنجاز، من مؤسسة ياسر عرفات.تُرجِمَ عددٌ كبير من قصائده إلى الإنكليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفييتنامية والفارسية والعبرية ولغات أخرى.
كتب سميح القاسم أيضاً عدداً من الروايات، ومن بين اهتماماته إنشاء مسرح فلسطيني يحمل رسالة فنية وثقافية عالية كما يحمل في الوقت نفسه، رسالة سياسية قادرة على التأثير في الرأي العام العالمي في ما يتعلّق بالقضية الفلسطينية.
حياته
ولد سميح القاسم في مدينة الزرقاء في الأردن يوم 11 مايو 1939وتعلّم في مدارس الرامة والناصرة، ثم انتقل للتعليم كما اشتغل عاملاً في خليج حيفا وصحفياً، وانصرف بعدها إلى نشاطه السياسي وتفرغ بصورة شبه كلية لعمله الأدبي والشعري، وما إن بلغ الثلاثين حتى كان قد نشر ست مجموعات شعرية حازت على شهرة واسعة في العالم العربي.
كانَ والدُهُ ضابطاً برتبةِ كابتن في قوّة حدود شرق الأردن وروى بعض شيوخ العائلة أنَّ جدَّهم الأول خير محمد الحسين كانَ فارساً قَدِمَ مِن شِبه الجزيرة العربية لمقاتلة الروم واستقرَّ به المطاف على سفح جبل حيدَر في فلسطين على مشارف موقع كانَ مستوطنة للروم، وما زالَ الموقع الذي نزل فيه معروفاً إلى اليوم بإسم «خلَّة خير» على سفح جبل حيدر الجنوبي.

بعض ما قيل فيه
صدَرتْ في العالم العربي وفي العالم عدّة كُتب ودراسات نقدية، تناولَت أعمال الشاعر وسيرته الأدبية وإنجازاته وإضافاته الخاصة والمتميّزة، شكلاً ومضموناً، وقد أسهب الكتاب والنقاد في محاولة توصيف ظاهرة سميح القاسم النضالية والشعرية، وقد أطلقت على الشاعر المناضل ألقاب وتسميات منها أنه «قيثارة فلسطين» و«شاعر العرب الأكبر» و«شاعر العروبة بلا منازع» وهو «مغني الربابة وشاعر الشمس» .

تشييع مهيب
شارك الآلاف في تشييع جثمان الشاعر سميح القاسم في بلدة الرامة في الجليل الأعلى في مسيرة رفعت خلالها الأعلام الفلسطينية وتخللتها قراءة لأشعاره. وسجّي الجثمان في الملعب، حيث بدأت تصل الوفود القادمة من القدس المحتلة والضفة الغربية والنقب وكل المدن والبلدات العربية داخل الكيان المحتل.
سجّي جثمان الشاعر الراحل في بيت الشعب وغطي نعشه بالورد الجوري الأحمر وأغصان الزيتون، وارتدت النسوة الأسود وغطاء الرأس الأبيض وحملن أغصان الزيتون وارتدى الشبان سترات كتب عليها «منتصب القامة أمشي… مرفوع الهامة أمشي». وردّد الجميع عند رفع النعش وهم يبكون «مع السلامة مع السلامة…”
وخلف الكشافة الذين عزفوا دقات الحزن، سار الموكب المهيب وراء علم فلسطيني امتد لعشرة أمتار، على وقع كلمات قصيدة «سماء الأبجدية”.
وتقدّم المسيرة الرجال ومشايخ الدروز ورجال الدين المسيحيون وأصدقاء الشاعر وأبناؤه وزوجته وأقرباؤه وقريباته وشخصيات سياسية، كان من بين المعزين رئيس الوزراء الفلسطيني السابق الدكتور سلام فياض. وتقدم أعضاء وفد الجولان حاملين أعلاماً سورية وفلسطينية.
شارك في تأبين الشاعر عدد من الشخصيات الوطنية والدينية قبل أن يوارى الثرى على أرض مرتفعة في جبل حيدر في بلدة الرامة تشرف على جبال الجليل وعلى مدينة حيفا ورأس الناقورة، وسط قطعة أرض كبيرة سيتم تحويلها إلى حديقة في المستقبل.

سميح القاسم ومحمود درويش في زيارة للشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري
سميح القاسم ومحمود درويش في زيارة للشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري
يلقي شعرا وهو في مطلع شبابه وإلى جانبه الشاعر الراحل توفيق زياد
يلقي شعرا وهو في مطلع شبابه وإلى جانبه الشاعر الراحل توفيق زياد
التشييع على أكتاف المحبين
التشييع على أكتاف المحبين
منظمات شبابية شاركت في التشييع
منظمات شبابية شاركت في التشييع

ومضاته الأخيرة

صورة-له-في-شبابه
صورة-له-في-شبابه

عاش سميح القاسم حياته ونضاله شعراً كما ودّع دنياه مستقبلاً الموت بلغة الشعر فكتب وهو على سرير الموت الأبيات البليغة التالية:
أنا لا أحبك يا موت
لكنني لا أخافك
أعلمُ أنّي تضيق عليّ ضفافك
وأعلمُ أن سريرك جسمي
وروحي لحافك
أنا لا أحبك يا موت
لكنني لا أخافك

ترأس «الاتحاد العام للكتاب العرب» في فلسطين منذ تأسيسه، وكان في السنوات الأخيرة رئيس تحرير فصلية «إضاءات» ورئيس التحرير الفخري لصحيفة «كل العرب» التي تصدر في مدينة الناصرة.
أسهَمَ في تحرير «الغد» و«الاتحاد» ثم رَئِسَ تحرير جريدة «هذا العالم» عام 1966، ثُمَّ عادَ للعمل مُحرراً أدبياً في «الاتحاد» وأمين عام تحرير «الجديد» ثمَّ رئيس تحريرها، وأسَّسَ منشورات «عربسك» في حيفا، مع الكاتب عصام خوري سنة 1973، وأدارَ في ما بعد «المؤسسة الشعبية للفنون» في حيفا.
والشاعر الفقيد متزوج وأب لأربعة أولاد هم وطن ووضاح وعمر وياسر.

جوائز عالمية وتكريم
حصل سميح القاسم على العديد من الجوائز والدروع وشهادات التقدير وعضوية الشرف في عدّة مؤسسات، فنال جائزة «غار الشعر» من إسبانيا، وتلقى جائزتين من فرنسا عن مختاراته التي ترجمها إلى الفرنسية الشاعر والكاتب المغربي عبد اللطيف اللعبي، كما حصل على جائزة البابطين الأدبية، وحصل مرّتين على «وسام القدس للثقافة» من الرئيس ياسر عرفات، وحصل على جائزة نجيب محفوظ من مصر وجائزة «السلام» من واحة السلام، وجائزة «الشعر» الفلسطينية. وتلّقى القاسم عدداً كبيراً من الدروع وشهادات التقدير وعضوية الشرف من عدة مؤسسات وقلّده الرئيس محمود عباس وسام «نجمة القدس» كما حصلَ على جائزة ياسر عرفات للإنجاز، من مؤسسة ياسر عرفات.تُرجِمَ عددٌ كبير من قصائده إلى الإنكليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفييتنامية والفارسية والعبرية ولغات أخرى.
كتب سميح القاسم أيضاً عدداً من الروايات، ومن بين اهتماماته إنشاء مسرح فلسطيني يحمل رسالة فنية وثقافية عالية كما يحمل في الوقت نفسه، رسالة سياسية قادرة على التأثير في الرأي العام العالمي في ما يتعلّق بالقضية الفلسطينية.
حياته
ولد سميح القاسم في مدينة الزرقاء في الأردن يوم 11 مايو 1939وتعلّم في مدارس الرامة والناصرة، ثم انتقل للتعليم كما اشتغل عاملاً في خليج حيفا وصحفياً، وانصرف بعدها إلى نشاطه السياسي وتفرغ بصورة شبه كلية لعمله الأدبي والشعري، وما إن بلغ الثلاثين حتى كان قد نشر ست مجموعات شعرية حازت على شهرة واسعة في العالم العربي.
كانَ والدُهُ ضابطاً برتبةِ كابتن في قوّة حدود شرق الأردن وروى بعض شيوخ العائلة أنَّ جدَّهم الأول خير محمد الحسين كانَ فارساً قَدِمَ مِن شِبه الجزيرة العربية لمقاتلة الروم واستقرَّ به المطاف على سفح جبل حيدَر في فلسطين على مشارف موقع كانَ مستوطنة للروم، وما زالَ الموقع الذي نزل فيه معروفاً إلى اليوم بإسم «خلَّة خير» على سفح جبل حيدر الجنوبي.

بعض ما قيل فيه
صدَرتْ في العالم العربي وفي العالم عدّة كُتب ودراسات نقدية، تناولَت أعمال الشاعر وسيرته الأدبية وإنجازاته وإضافاته الخاصة والمتميّزة، شكلاً ومضموناً، وقد أسهب الكتاب والنقاد في محاولة توصيف ظاهرة سميح القاسم النضالية والشعرية، وقد أطلقت على الشاعر المناضل ألقاب وتسميات منها أنه «قيثارة فلسطين» و«شاعر العرب الأكبر» و«شاعر العروبة بلا منازع» وهو «مغني الربابة وشاعر الشمس» .

تشييع مهيب
شارك الآلاف في تشييع جثمان الشاعر سميح القاسم في بلدة الرامة في الجليل الأعلى في مسيرة رفعت خلالها الأعلام الفلسطينية وتخللتها قراءة لأشعاره. وسجّي الجثمان في الملعب، حيث بدأت تصل الوفود القادمة من القدس المحتلة والضفة الغربية والنقب وكل المدن والبلدات العربية داخل الكيان المحتل.
سجّي جثمان الشاعر الراحل في بيت الشعب وغطي نعشه بالورد الجوري الأحمر وأغصان الزيتون، وارتدت النسوة الأسود وغطاء الرأس الأبيض وحملن أغصان الزيتون وارتدى الشبان سترات كتب عليها «منتصب القامة أمشي… مرفوع الهامة أمشي». وردّد الجميع عند رفع النعش وهم يبكون «مع السلامة مع السلامة…”
وخلف الكشافة الذين عزفوا دقات الحزن، سار الموكب المهيب وراء علم فلسطيني امتد لعشرة أمتار، على وقع كلمات قصيدة «سماء الأبجدية”.
وتقدّم المسيرة الرجال ومشايخ الدروز ورجال الدين المسيحيون وأصدقاء الشاعر وأبناؤه وزوجته وأقرباؤه وقريباته وشخصيات سياسية، كان من بين المعزين رئيس الوزراء الفلسطيني السابق الدكتور سلام فياض. وتقدم أعضاء وفد الجولان حاملين أعلاماً سورية وفلسطينية.
شارك في تأبين الشاعر عدد من الشخصيات الوطنية والدينية قبل أن يوارى الثرى على أرض مرتفعة في جبل حيدر في بلدة الرامة تشرف على جبال الجليل وعلى مدينة حيفا ورأس الناقورة، وسط قطعة أرض كبيرة سيتم تحويلها إلى حديقة في المستقبل.

من شعــــــر
سميح القاسم

يلقي-شعره-الوطني
يلقي-شعره-الوطني

وردة حزني
بهدوء ورويّة
أقطف وردة حزني الجورية
‏وأغني لحبيبة جسدي المسبيّة
لا أستأذن أحدا
أقذف حجري في وجه الكرة الأرضية
لا أستأذن أحدا
أقضم تفاحة موتي
وأغنّي للحرية

منتصبَ القامةِ أمشي
منتصبَ القامةِ أمشي
مرفوع الهامة أمشي
في كفي قصفة زيتونٍ
وعلى كتفي نعشي
وأنا أمشي وأنا أمشي….
قلبي قمرٌ أحمر
قلبي بستان
فيه فيه العوسج
فيه الريحان
شفتاي سماءٌ تمطر
نارًا حينًا حبًا أحيان….
في كفي قصفة زيتونٍ
وعلى كتفي نعشي
وأنا أمشي وأنا أمشي….

أنا مُتأسّف
إلى الله أرفع عيني أرفع قلبي وكفّي
يا رب حزناً حزنتُ وأرهقني اليُتم
وأهلكت النار زرعي وضرعي
بكاءً بكيتُ ويمّمت وجهي إلى نور عرشك
يا رب
جارت عليّ الشعوب
وسُدّت أمامي الدروب
تضرعت وصلّيت
بُحّ دعائي وشَحت
ينابيع مائي
تمادى ندائي أضاءت شموعي
فسامح بكائي وكفكف دموعي
ظلامي شديد وليلي ثقيل طويل
فأنعم عليّ بنور السماء وجدّد ضيائي
وسدّد خطاي، سدّد خطاي لأعبر منفاي
يا رب واغفر إغفر خطاياي واقبل رجائي
شقاء شقيْتُ وثوبي تهرّأ
برد الكابة قاسٍ وحرّ التخلّي
شديد مقيت
شقاءً شقاءً شقيت
ويطردني الجُند عن باب بيتي
وأرجو حياتي بموتي
وناري تشبّ بزيتي
وصمتي يزلزل صمتي
ويهدم سّمْتي
ولم يبق سمتٌ سواك
ولم يبق صوت سواك
فيا رب بارك براكين روحي
وأسعف جروحي
ومجِّد بوقتك ما ظلّ من بعض وقتي
إلهي وما من إله سواك
مراعيَ ضاقت بعشب السموم اللئيمة
ماتت خِرافي على ساعديّ
وبئري أهالوا عليها الصخور
ولي تينةٌ أتلفوها، وزيتونة جرّفوها
ولي نخلة وبّخوها، ودالية عنّفوها
وليمونة قصّفوها، ونعناعة جفّفوها عقاباً
فكيف تفوح بحزني وضعفي
وكيف تبوح بخوفي عليها وخوفي
إلهي وما من إله سواك أراك بقلبي وروحي
أراك وأنت تراني
أسيراً حبيس الشِراك
بلاد أبي أصبحت مقبرة، منازل من آمنوا مُقفرة
بساتين من آمنوا مُسحره، مدارسهم ُمنكرة
وأحزانهم عتمة ممطرة
إلهي إلهي
وما من إله سواك
سألت رضاك وطلبت رضاك
تضرّعت صليت هَبني رضاك
وسلّط على القاذفات
وسلّط على الراجمات جناح الهلاك
ونزّل علينا جناح الملاك
إلهي إلهي أمِن مغفرة؟
ألا مغفرة؟ ولا مغفرة؟
إلهي عذابي طويل وقاس ومؤسف
وأنت غفور رحيم ومنصف

إلهي أنا متأسف، أنا متأسف
إلهي، إلهي أنا متأسف
أنا متأسف
أنا متأسف

تعبت
يا أيها الموتى بلا موت
تعبت من الحياة بلا حياة
و تعبت من صمتي
و من صوتي
تعبت من الرواية والرواة
و من الجناية والجناة
و من المحاكم والقضاة

تقدموا
تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل ارض تحتكم جهنم
تقدموا
يموت منا الطفل والشيخ
ولا يستسلم
وتسقط الام على ابنائها القتلى
ولا تستسلم
تقدموا تقدموا
بناقلات جندكم
وراجمات حقدكم
وهددوا وشردوا ويتموا وهدموا
لن تكسروا اعماقنا
لن تهزموا اشواقنا
نحن القضاء المبرم
تقدموا تقدموا

حرامكم محلل
حلالكم محرم
تقدموا بشهوة القتل التي تقتلكم
وصوبوا بدقة لا ترحموا
وسددوا للرحم
ان نطفة من دمنا تضطرم
تقدموا كيف اشتهيتم
واقتلوا
قاتلكم مبرأ
قتيلنا متهم
ولم يزل رب الجنود قائما وساهرا
ولم يزل قاضي القضاة المجرم
تقدموا تقدموا

لا تفتحوا مدرسة
لا تغلقوا سجنا
ولا تعتذروا
لا تحذروا لا تفهموا
أولكم آخركم
مؤمنكم كافركم
وداؤكم مستحكم
فاسترسلوا واستبسلوا
واندفعوا وارتفعوا
واصطدموا وارتطموا
لآخر الشوق الذي ظل لكم
وآخر الحبل الذي ظل لكم
فكل شوق وله نهاية
وكل حبل وله نهاية
وشمسنا بداية البداية
لا تسمعوا لا تفهموا
تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل ارض تحتكم جهنم
تقدموا تقدموا

كل سماء فوقكم جهنم
وكل ارض تحتكم جهنم

خذني معك
من قصيدة في رثاء محمود درويش

تَخلَّيتَ عن وِزرِ حُزني
ووزرِ حياتي
وحَمَّلتَني وزرَ مَوتِكَ،
أنتَ تركْتَ الحصانَ وَحيداً.. لماذا؟
وآثَرْتَ صَهوةَ مَوتِكَ أُفقاً،
وآثَرتَ حُزني مَلاذا
أجبني. أجبني.. لماذا؟.
عَصَافيرُنا يا صَديقي تطيرُ بِلا أَجنحهْ
وأَحلامُنا يا رَفيقي تَطيرُ بِلا مِرْوَحَهْ
تَطيرُ على شَرَكِ الماءِ والنَّار. والنَّارِ والماءِ.
مَا مِن مكانٍ تحطُّ عليهِ سوى المذبَحَهْ

وتَنسى مناقيرَها في تُرابِ القُبورِ الجماعيَّةِ.. الحَبُّ والحُبُّ
أَرضٌ مُحَرَّمَةٌ يا صَديقي
وتَنفَرِطُ المسْبَحَهْ
هو الخوفُ والموتُ في الخوفِ. والأمنُ في الموتِ

طائر الرعــد
و يكون أن يأتي
يأتي مع الشمس
وجه تشَّوه في غبار مناهج الدرس
و يكون أن يأتي
بعد انتحار القحط في صوتي
شيء . . روائعه بلا حدّ
شيء يسمّى في الأغاني
طائر الرعد
لا بد أن يأتي
فلقد بلغناها
بلغنا قمة الموت

تعالي لنرسم معاً قوس قزح
نازلاً كنت : على سلم أحزان الهزيمة
نازلاً .. يمتصني موت بطيء
صارخاً في وجه أحزاني القديمة :

أحرقيني ! أحرقيني .. لأضيء !
لم أكن وحدي،
ووحدي كنت، في العتمة وحدي
راكعاً أبكي ، أصلي ، أتطهر
جبهتي قطعة شمع فوق زندي
وفمي ناي مكسّر

واستوى المارق والقديس
في الجرح الجديد
واستوى المارق والقديس
في العار الجديد
واستوى المارق والقديس
يا أرض فميدي
واغفري لي، نازلاً يمتصني الموت البطيء
واغفري لي صرختي للنار في ذل سجودي :
أحرقيني أحرقيني لأضيء

أغمضي عينيك من عار الهزيمة
أغمضي عينيك وابكي، واحضنيني
ودعيني أشرب الدمع . دعيني
يبست حنجرتي ريح الهزيمة
وكأنا منذ عشرين التقينا
وكأنا ما افترقنا
وكأنا ما احترقنا
شبك الحب يديه بيدينا ..
وتحدثنا عن الغربة والسجن الكبير
عن أغانينا لفجر في الزمن
وانحسار الليل عن وجه الوطن
وتحدثنا عن الكوخ الصغير
بين أحراج الجبل ..
وستأتين بطفلة
ونسميها «طلل “
وستأتيني بدوريّ وفلـّه
وبديوان غزل !
قلتِ لي – أذكر –
من أي قرار
صوتك مشحون حزناً وغضب
قلتِ يا حبي، من زحف التتار
وانكسارات العرب !
قلتِ لي: في أي أرض حجرية
بذرتك الريح من عشرين عام
قلتِ: في ظل دواليك السبيّه
وعلى أنقاض أبراج الحمام !
قلتِ: في صوتك نار وثنية
قلت: حتى تلد الريح الغمام
جعلوا جرحي دواة، ولذا
فأنا أكتب شعري بشظية
وأغني للسلام !
وبكينا
مثل طفلين غريبين، بكينا

البيان قبل الأخير
عن واقع الـحال مع الغزاة الّذين لا يقرأوا
لاَ. لاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ..
يَوْمُ الْحِسَابِ فَاتَكُمْ
وَبُعثِرَتْ أَوْقَاتُكُمْ
يَا أَيُّهَا الآتُونَ مِنْ عَذَابِكُمْ
عُودُوا عَلَى عَذَابِنَا
عُودُوا إِلَى صَوَابِنَا
أَلشَّمْسُ فِي كِتَابِنَا
فَأَيُّ شَيْءٍ غَيْرَ هَذَا اللَّيْلِ فِي كِتَابُكُمْ
يَا أَيُّهَا الآتُونَ مِنْ عَذَابِكُمْ
لاَ. لاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ

مَنْ أَوْصَدَ السِّحْرَ عَلَى قُلُوبِكُمْ؟
مَنْ كَدَّسَ الأَلْغَازَ فِي دُرُوبِكُمْ؟
مَنْ أَرْشَدَ النَّصْلَ إِلَى دِمَائِنَا؟
مَنْ دَلَّ أَشْبَاحَ الأَسَاطِيرِ عَلَى أَسْمَائِنَا؟
مَنْ أَشْعَلَ الْفَتِيل؟
مَنْ لاَطَمَ الْقَتِيلَ بِالْقَتِيلْ؟
لاَ تَسْأَلُوا لاَ تَقْبَلُوا
لاَ تَعْبَأُوا بِالدَّمْعَةِ الْمُفَكِّرَهْ
وَلاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ..

حِئْتُمْ إِذَنْ فَلْتَخْرُجِ السَّاحَاتُ وَالشَّوَارِعْ
فَيْضًا مِنَ النُّورِ
عَلَى الْعَتْمَةِ فِي السَّاحَاتِ وَالشَّوَارِعْ
سَدًّا مِنَ اللَّحْمِ
عَلَى مَدٍّ مِنَ الْفُولاَذِ وَالْمَطَامِعْ
أَلْكُلُّ.. لِلسَّاحَاتِ وَالشَّوَارِعْ
وَالْكُلُّ. فِي السَّاحَاتِ وَالشَّوَارِعْ
وَلْتُدْرِكِ الْمَصَارِعُ الْمَصَارِعْ
وَلاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ
لاَ. لاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ…

السلام
ليُغنِّ غيري للسلامْ
ليُغنِّ غيري للصداقة، للأخوّةِ، للوئامْ
ليُغنِّ غيري..
للغراب ..جذلانَ ينعقُ بين أبياتي الخراب
للبوم.. في أنقاضِ أبراجِ الحمام !
ليُغنِّ غيري للسلام
و سنابلي في الحقل تجهشُ بالحنين
للنورج المعبود يمنحها الخلود من الفناء
لصدى أغاني الحاصدين
لِحُداء راعٍ في السفوح
يحكي إلى عنزاته.عن حّبّه الخَفِرِ الطموح
و عيونهِا السوداء.. و القدِّ المليح
ليُغنِّ غيري للسلام
و هناك.. خلف حواجز الأسلاك. في قلب الظلام
جثمت مدائن من خيام سُكّانُها..
مستوطنات الحزن و الحمّى، و سلّ الذكريات
و هناك.. تنطفئ الحياة في ناسِنا..
في أبرياء.. لم يسيئوا للحياة !
و هنا… !
هَمَت بيّارةٌ من خلقهم.. خيراً كثير
أجدادهم غرسوا لهم..
و لغيرهم، يا حسرتي، الخير الكثير
و لهم من الميراث أحزان السنين !
فليشبع الأيتام من فضلات مأدبة اللئام !!

لا نُصبَ.. لا زَهرةَ.. لا تذكار
لا بيتَ شعرٍ.. لا ستار
لا خرقة مخضوبة بالدم من قميص
كان على إخوتنا الأبرار
لا حَجَرٌ خُطّت به أسماؤهم
لا شيءَ.. يا للعار
أشباحُهم ما برحت تدورْ
تنبش في أنقاش كَفْر قاسم القبور
ليُغنِّ غيري للسلام..

سماحـــــة شيـــخ العقـــل
سيبقــــى رمـــزاً للنضـــال

وجّه سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن برقيتين الى الرئيس الفلسطيني الاستاذ محمود عباس وسفير دولة فلسطين في لبنان الاستاذ اشرف دبور عبّر فيهما عن عميق الأسى لنبأ رحيل الشاعر المعروفي والمناضل الفلسطيني الكبير سميح القاسم، الذي قاوم على طريقته الاحتلال الإسرائيلي وصلفه وظلمه وقهره للشعب الفلسطيني، وعبّر بصدق ووجع عن معاناة الفلسطينيين ومآسي الشعوب العربية، ورفع الصوت عالياً نصرةً للحق وللقضايا الانسانية، وكان خير من يمثل التزام أبناء طائفة الموحدين الدروز بإنتمائهم العربي الأصيل وبتجذرهم في الأرض. ويبقى سميح القاسم رمزاً للنضال، عاش فوق التراب الفلسطيني وتوفي فوق ارض فلسطين.

الشيــــخ سامــــي أبــــي المنــــى
نحسـدُه على استراحــة الضميــر والفكـــر

وجه رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز رسالة تعزية لعائلة الشاعر والمناضل سميح القاسم ولإخوانه بني معروف الأكارم والشعب الفلسطيني الصابر جاء فيها:
نفتقد وإياكم، كما يفتقد الشعب الفلسطيني المجاهد فارساً من فرسان الأدبِ المقاوِم والنضال، الذي لمع اسمُه ونجمُه في سماء الأمة العربية، مجاهداً بالشعر والموقف، ملتصقاً بالأرضِ والتاريخِ والقضية، الشاعر المحلِّق سميح القاسم.
لقد كان شاعرُنا الراحلُ واحداً من أبرز الشعراء والشخصيات الوطنية، ورمزاً للإباءِ والعنفوان، تألّم من الغربة فغنّى للوطن، وذاق مرارةَ السجنِ فأنشد للحرية، و”تعبَ من الحياة بلا حياة” فحمل نعشَه على كتفه، وبكى مع الأطفالِ والأمهات فحمل في كفه غصنَ الزيتون، وفي قلبِه المحبةَ والسلام.
إننا إذ نتحسّرُ لغيابِه اليومَ، والبلادُ ما زالت تعيشُ في أَوجِ مراحلِ الصدامِ وتدفعُ الدموعَ والدماءَ ضريبةَ الوجود، ومشاهدُ الدمارِ والألمِ تسيطرُ في أكثرَ من مكانٍ، والموتُ ينهشُ جسدَ الأمة من هنا وهناك، فإننا نحسدُه على استراحة الضمير والفكر، وقد أدّى ما عليه من واجب النداء والنضال، ومات واقفاً منتصِباً، وكأن صوته ما زال يتحدى المحتل الغاصب: “ لن تكسروا أعماقنا لن تهزموا أشواقنا»..
سميح القاسم، ستبقى إسماً لا يُنسى، وقامةً لا تُطوى، على طريق القادةِ المعروفيين الأحرارِ، كسلطان باشا وكمال جنبلاط وعادل أرسلان، وسيظلُّ شعرُك نبراساً لأحبائنا الفلسطينيين، في الديار وفي المخيمات، يحثُّهم على الوحدة ويُذكي فيهم الحنينَ إلى العودة والانتصار.
نطلبُ لروحِك الرحمةَ ولعائلتِك وأهلِك البقاءَ والعزاء، ولشعبِك العزّةَ وإرادةَ الحياة.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading