الأربعاء, نيسان 24, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الأربعاء, نيسان 24, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

شاعر في مواجهة القدر

تتقدّم أسرة مجلة الضحى من فضيلة الشيخ الدكتور سامي أبي المنى رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز وأحد كتّاب المجلة الدائمين بأحر التعازي القلبية بالفقيد الغالي ريبال سامي أبي المنى.

راجين من الله سبحانه وتعالى أن يتغمّده بالرحمة والرضوان وأن يُلهم ذويه الصبر والسلوان.


الشّاعرُ الشَّيخ سامي أبي المُنى شاعرٌ غزير الشّاعرية تتميّز معظم قصائده بعمود شعريٍّ عالٍ وبِغنًى فكريٍّ حافل بالمعاني التّوحيديّة والوطنيّة اللبنانيّة والعروبيّة والإنسانيّة الشّاملة، وببلاغة فِطريّة، وبالصور الفنّيَّة التي تأتي عفوا بلا ما تكلّف أو تصنّع…
هو رئيس اللجنة الثقافيّة في المجلس المذهبي لطائفة الموحّدين الدّروز وأمين عام مؤسّسة العرفان التّوحيديّة وعضو في أكثر من هيئة للحوار منها هيئة الحوار الإسلاميّ المسيحيّ …
فُجِعَ الشاعر الشيخ بابنه ريبال (25) سنة في 19 نيسان 2018 بعد صراع مرير مع مرض عُضال لأكثر من سنة؛ ولما كان الشّعر وليدًا للمشاعر والعواطف على تنوّعها فقد كتب الأب قصائد عديدة في المناسبة الأليمة قبل وفاة الابن وبعدها… هنا سنتناول إحداها قبل الوفاة بنحو شهرين. في تلك الفترة من شهر شباط حيث كان الشّاعر يلازم ابنه في ساهرًا إلى جانبه في مَشفى عَيْن وزَيْن…
في هذه القصيدة التي اختار لها الشاعر عنوان “حُلُمٌ تَجَلّى” نَجِدُهُ الأبَ الذي يحلُم بشفاء ابنه الشاب من المرض العضال الذي ألمّ به، هذا الشاب الشيخ التقي النّقي الذي يحلم الأبُ الشّاعر له أن يراه يكمّل مسيرة الرّجولة في حياته معافًى ومميّزًا “قولًا وفكرا” يرعى والده في خريف العمر، سندًا له .. ويمضي الوالد في حلمه، فيتفاءل بشفاء ولده “غدًا تشفى وربّ الكون شافٍ…، غدًا ترتاح من داءٍ…” لكنّه من جانب آخر يرى التّراجُع والذبول المُتنامي يعصف بجسم الابن الذي أنهكه الدّاء الوبيل؛ فيرى ما يُشير إلى إنّ روح ابنه تحاول التفلّت من الجسد الشّفيف؛ ذلك الماعون الدنيويّ الذي يتهاوى يوماً بعد يوم، بل وساعة بعد ساعة، يقول ” هَنيئاً بانتصار الروح راحت تحلّق في فضاء الحقّ نَسرا” ولكنّه ينوس متأرجحا بين اليأس والأمل؛ فيخاطب الابن المريض قائلًا “لَئِنْ وَهَنَ القَميصُ فَثِقْ بِرَبٍّ يعينك للشّفاء…” غيرَ أنّه يؤوب أخيراً إلى التّسليم بقضاء الله المحتوم وقَدَرِهِ، إذ يُيْقِنُ باستحالة شفاء الابن الحبيب فَيَخْتُم بقوله “هنيئاً نِلْتَ بالتّوحيد عِزًّا وبُشرى يا حبيبَ القلبِ بُشرى”.
القصيدةُ غنيّةٌ بالعاطفة الأبويّة الجيّشة، ومُفْعَمَةٌ بالمعاني التّوحيديّة التي تنطوي على ثقافة الأب المُشبعة بمفاهيم التّوحيد والرّضى والتّسليم بقضاء الله وقدره…
وفما يلي نصّ القصيدة:

حلم تجلى

حَـبيـبي أَنْـــتَ يـا رِيبـــالُ صَــبْرا
قـَضى الرّحمنُ أن تــحظى بِــداءٍ
فَــكَمْ مِــنْ مِحنَةٍ تــــأتي اختيـــارًا
علــى أَمَـــلِ الشّــفاء أراك تَــدعو

بُـنَـيَّ حَــلِـمْتُ أَن أَلــقـاكَ وجْــهًا
بُنيَّ حَلِمتُ أنْ أُعْطـــاكَ نَجْـــــلًا
بُـــنَيَّ حَلِمْتُ أن تَــرعى خَريـفي
بُنَــيَّ حَــلِمْتُ أنْ تَبــــقى وَتَـرقى
بُـنَيَّ رَجَـــوْتُ مُنْــذُ الـبدء طفـلًا
وفي رَيْعـــــانِ عُمْرِكَ في شبابٍ

حَبيبي أيُّــــــها الغــالي الــمُفَــــدّى
نشـأتَ على المبـــــادئ مُطْمئنًّــــا
وكُنتَ المُــــرْتجى مُذْ كُنتَ غُصناً
رأيْتُـــكَ في هُـــــــدوء واتّـــــزانٍ
وصِرْتَ لأصــــدقائِكَ خَــيْرَ خِــلٍّ
وَعِشْـتَ مُوَحِّـــــدًا والإنسُ بـــــادٍ

حَبيبي كَم نَرى الأحلامَ وَمْضًا
تُرى كـمْ كُنتَ تَحْلُمُ يـا حـبيبي
هُـــوَ القَدَرُ المَريرُ قَضاه رَبّي
فصارَ شفاؤكَ الحُلُمَ المُرَجَّــى
وصِرْتَ الفِضَّةَ البيضاءَ تَزْهو
وَوَحْهًـــــا بالخُسُوفِ بَدا ولَكِنْ
أيـــا ريبــــال قَدْ مُيّـــــِزتَ فينـا

متى الجَسَدُ اصْطَلى بالنّار حِيْنًا
وقد يُبْري الجُسومَ الـداءُ يومـــاً
غَــــدًا تَشفى وربُّ الكون شافٍ
غـــدا تـرتـــاح مِـنْ داءٍ وتَرقـى
وتـلبِـسُ بالسّــعادة ثـَوْبَ نُـــورٍ

هَنيئًا أنتَ في أَرقى اتّصــالٍ
هنيئًا بانتصار الرُّوحِ راحتْ
لَئِن وَهَنَ القَميصُ فَثِقْ بِرَبٍّ
ولا تَيْأَس فَقَــــدْ نـاجيت ربًّا
هنيئًا نِلْتِ بالتَّوحيـدِ عِـــــزًّا

لـقد أُهْـــدِيتَ مـن باريــك أَمْرا
فَـــلَمْ تَسـخَطْ وقُــلْتَ اللهُ أَدرى
فَتَــغدو مِنْحَـــةً أَولى وأحرى
رَضِـيًّـا طائــعًا سِـــرًّا وَجَـهْرا

نَــدِيًّــا مُـنْصِـــفًا قَـــوْلًا وَفِكْرا
يُتــــــَوِّجُ سِيرَتي عِزًّا وَفَخرا
أخًا يَحْنــــو إذا أَسْنَدْتُ ظَهْرا
لِتَكْتُبَ مَجْدَنا سَطْرًا فَسَطْرا
صَبِيًّـــا يافِعًـــا وفتًى أَغَــرَّا
رَبيعيٍّ رَجَـوْتُ النُّــورَ بَدْرا

أيا كَبِدي لكَ الأكبــاد تُشـرى
فَكُنْتَ طُموحَنا وازددتَ قَــدْرا
نَمَوْتَ على التُّقى شِبرًا فشبرا
رَزينًـــــا عاقلًا صلبـاً وحُـرّا
وقُـــدوتَهُمْ ولَو سَبقوكَ عُمْرا
وزادَكَ مَصْهَرُ الآلامِ سـِـحْرا

قُبَيْــلَ الفَجْــر ثُمَّ تَضِيع فَجْرا
وكَم كُنَّا وَفاضَ الشَّوق نَهــرا
وَنَحْــنُ لمـا قَضاه الله أَســرى
وصارَ طُموحُنـا شَهْراَ فَشَهْرا
صَــفاءً كُلّمــا واجهتَ جَمْــرا
يُـضـيء كَرامَـــةً ويَشِعُّ بِشرا
ونِلْتِ بِما اصطفاك الله أ جْرا

فإنّ الـــرّوح بالأنوار تُبرى
ويَبـرأُ منــه مَنْ داواهُ سِـــرّا
يُحوّل ترب هذا الكون تبرا
إلـى حيث المشيئة أن تُسرّا
وذا حُلُمٌ تَجلّى صـارَ نَصْـرا

وَلَيْلُ الخَوْف يُوشِكُ أنْ يمُـرّا
تُحَلّقُ في سماءِ الحَقِّ نَسْـــرا
يُعِيْنُك للشّفاء فَكُنْ مُصِــــرَّاّ
رحيمًا قادرًا إنْ شــــاءَ أَبْــرا
وبُشْرى يا حبيبَ القلبِ بُشْرى

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading