الثلاثاء, نيسان 23, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الثلاثاء, نيسان 23, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

من مروءات التآزر الدرزي المسيحي

[su_accordion]

[su_spoiler title=” من مروءات التآزر الدرزي المسيحي وصية عاجلة من الأمير شكيب أرسلان” open=”no” style=”default” icon=”plus” anchor=”” class=””]

الأمير شكيب أرسلان في استنبول
الأمير شكيب أرسلان في استنبول

معلوم أن أحداث الثورة السورية الكبرى سنة 1925 امتدت بتأثيراتها إلى لبنان وخصوصاً جنوبه، وذلك نتيجة لجملة أسباب منها قرب الجنوب من جبل العرب وتأثر أبنائه بما كان يحدث هناك. كما أن الوجود الفرنسي في قرى الجنوب وخصوصاً حاصبيا وراشيا خاف من امتداد الثورة إلى لبنان فبدأ بتحريك العصبيات الطائفية وإثارة مخاوف المسيحيين بهدف اجتذابهم للتعاون مع الدولة الفرنسية ضد الوطنيين، وذلك باعتبار فرنسا الحامية الوحيدة للوجود المسيحي في لبنان وسوريا. نتيجة لهذا الاستقطاب حصلت مواجهات محدودة وفتن مدبرة سقط فيها مصابون وضحايا من الطرفين. وقد بلغ الامر أمير البيان شكيب أرسلان في منفاه الاختياري في أوروبا فاعتراه قلق شديد وسارع إلى إعداد رسالة بعث بها إلى الموحدين الدروز والمسيحيين في الشوف ومناطق التعايش المشترك بينهم من ضمنها حث الفريقين على الحفاظ على أواصر المودة، كما نوّه في رسالته برجالات المسيحيين والموحدين الدروز ملقياً على عاتقهم أمانة الحفاظ على التعايش وأواصر المحبة والصلات التاريخية بين الطائفتين العريقتين. ومما قاله الأمير شكيب أرسلان في رسالته ما يلي:
“وأنا وإن كنت بعيداً عن الوطن، غير أنني أعلم بكل ما يحدث فيه، ومن هو المصلح وغير المصلح، وذلك لأن الناس تكتب لي؛ ونظراً لخبرتي بأحوال الوطن إذا جاءني القليل فهمت منه الكثير، وأخص بالذكر مآثر سيادة المطران أغسطين بستاني (مطران الطائفة المارونية في بيت الدين) ، هذا الرئيس الروحي والذي ينبغي أن يوجد في مثل تلك الأوقات العصيبة.
وهنا نحمد الله على أن مياه الصفاء بين الطائفتين رجعت إلى مجاريها بحسن مساعي سيادته ومساعي العقلاء والأفاضل. وإنني وإن كنت غائباً أو حاضراً ليس لي من وصية عند أبناء وطني سوى الإتحاد والتّحاب، لأن الطوائف المتنوعة في الوطن الواحد ينبغي أن تكون بعضها لبعض ركناً، وكل واحد من هذه الفئة أو تلك يُسدي معروفاً إلى أبناء الفئة الأخرى. ويجب أن يعلم أنه يخدم جماعته بذلك قبل الجماعة الذين أسدى إليهم المعروف.
وأثناء الحرب الكبرى، معلوم أنني كنت أعظ الجميع بالوئام والإنضمام ولاسيما الدروز الذين كانوا يسمعون مني أولاً لاعتقادهم بإخلاصي لهم، وثانياً لنفوذي يومئذ عند الدولة فكنت أقول لهم من كان منكم له صديق مسيحي يزوره في الشهر مرة صار يلزمه في هذه الظروف أن يشاهده في كل جمعة، وأي إنسانية تقدرون عليها نحو أبناء وطنكم النصارى فهذا وقتها، لأن الإتحاد على كل الأحوال هو العماد والراحة، ولأن القبيح يُقابل بمثله، وأنتم تعرفون المستقبل. فالأجدر أن يأتي المستقبل وصحيفتكم بيضاء عند هؤلاء الجماعة ولا يقدرون أن يمسكوا عليكم ممسكاً.
ثم يختم وصيته بلفتة تقدير واحترام لوجهاء دير القمر والشوف معاً إذ يقول:
”اسألوا لي عن خاطر سيادة المطران أوغسطين بستاني جزيل الإحترام في بيت الدين. وإن زرتم دير القمر قبّلوا لي عوارض الأخ عبدالله أفندي أفرام، والأخ نمر أفندي شمعون الذي كنت قديماً مغتاظاً منه ولكنني نسيت ذلك وعادت إلى قلبي محبته المتينة، ثم أهدوا سلامي وأشواقي إلى جناب الوجيه سليمان أفندي شمعون، وإن كان الأستاذ العلامة جرجس أفندي صفا في الدير فاسألوا لي خاطره واهدوه مزيداً من أشواقي لأنه صديق قديم ورجل كبير بعلمه وعقله”.
هذا، واسألوا لنا خاطر سيادة شيخنا الشيخ حسين طليع (شيخ عقل الدروز في حينه)، والتمسوا لنا دعاءه، وقبلوا لنا عوارض الأخ أمين بك طليع، واهدوا وافر التحيات إلى حضرات الأجلاء المشايخ أبي محمد قاسم أبو شقرا، ومحمود أفندي نجم أبو شقرا، ومحمود أفندي رافع ومحفوظ أفندي حميه، وإلى أنس المجالس الشيخ أبي علي الفطايري، وسلامي وأشواقي إلى حضرة أخيكم محمد أفندي طليع”. 1

المخلص شكيب أرسلان

[/su_spoiler]

[su_spoiler title=”كيس ذهب من دير القمر ينقذ حياة زعيم آل أبو شقرا ” open=”no” style=”default” icon=”plus” anchor=”” class=””]

دير-القمر-في-سبعينات-القرن-التاسع-عشر
دير-القمر-في-سبعينات-القرن-التاسع-عشر

كان أجدادنا يتناقلون لعشرات العقود من الزمن حادثة مؤثرة حصلت قبل نحو 200 عام وحملت الكثير من العبر عن أهمية التآزر الدرزي المسيحي، وعن الفوائد العظيمة التي يجنيها الطرفان من جراء علاقات الوئام الدائم بينهما. موجز تلك الحادثة أنه وعلى أثر شر السمقانية سنة 1825 بين الأمير بشير الشهابي والشيخ بشير جنبلاط أخذ الأمير بعد انتصاره على خصمه الشيخ الجنبلاطي بالإنتقام من أنصاره وأتباعه ومنهم الشيخ بشير حسن أبو شقرا، والذي توارى عن بلدته عماطور إلى إقليم الشومر في الجنوب واختبأ في قرية تخص وجيهاً من بيت علي الصغير اسمه أحمد بك. وعبثاً فتش عنه رجال الأمير في مختلف أنحاء الجبل فلم يقفوا له على أثر. واتفق ذات يوم وهو يتجول في صيدا أن عرفه أحد جواسيس الأمير بشير ووشى به فقُبض عليه واقتيد مكبلاً إلى بيت الدين.
كان لهذا الحادث الوقع الأليم في نفوس أقاربه آل أبو شقرا، وخوفاً على حياته من بطش الأمير وتعسّفه استنجدوا بالشيخين النبيلين ناصيف وحمود النكديين أنصار الأمير. وتقول الرواية إن النكديـِّـيْن دخلا على الحاكم الرهيب في الساعة التي كانت الشرطة تستعد لتنفيذ حكم الإعدام بالشيخ أبو شقرا، فلاحظ الأمير على وجهيهما علامات الإضطراب والحاجة فسألهما:
-”خيراً إن شاء الله ، هذه الزيارة في هذا الوقت مش بلا ؟”
أجاباه : رجاء نعرضه على سعادتك.
دهاؤه حدثه برغبتهما، فقال: كل شيء إلا العفو عن بشير أبو شقرا.
أجاباه: العهد بيننا أننا حلفاؤك حتى الموت، وأنك لا تخيبنا ولا تكسر خاطرنا.
تأثر الأمير وأجاب: لكم ما تريدون فاطلبوا..
-العفو من شيم الكرام، ونحن نرجو أن تعفوَ عن ابن أبو شقرا.
قال الراوي: أسقط في يد الطاغية، ولبى رجاء الشيخين النكديين على مضض وكره، ولكنه اشترط أن لا يطلق سراحه إلا إذا أدّى خمسة وثلاثين كيساً وكان المبلغ باهظاً وعظيماً في ذلك الزمان، فسعى بنو أبوشقرا إلى تدبيره بشق النفس، وباعوا حُلي ومصاغ نسائهم والعديد من أرضهم، ثم ساعدهم أصدقاؤهم من عائلة أبو حسن في بعذران، وعائلة جودية في حارة جندل حتى تجمّع لديهم، بعد العناء الشديد، أربعة وثلاثين كيساً، وبقي عليهم كيس واحد، ولكن الأبواب سدّت في وجوههم فحرّكت المروءة الشيخ نادر بو عكر كبير أسرة آل نعمة في دير القمر، وهي أسرة صديقة لآل أبو شقرا منذ القدم وتربط بينهما أواصر المحبة ووحدة الفرضية، فجمع هذا الشهم الكيس من عائلته الكريمة وقدمها إلى أبو شقرا وأنقذ بعمله هذا حياة كبيرهم من الموت المحتم.
ومما يرويه المؤرخ حسين غضبان في كتابه “ الحركات في لبنان، ص 22 “ أن الشيخ قاسم معضاد أبو شقرا، شيخ قرية عماطور في حينه، نزل إلى بيروت سنة 1880 لشؤون خاصة، وعندما همّ بالعودة شعر أنه متوعك المزاج، فمرّ بالشويفات ليبيت عند صديقه فارس محمود أبو حسن، ولم تمضِ بضع ساعات على وصوله حتى حضرته الوفاة.
في الصباح حُمّل الفقيد بموكب نحو بلدته عماطور، وقبل أن يبلغ الموكب دير القمر، كان النعي قد وصل إليها فتداعى رجال آل نعمة لملاقاة الموكب في ظاهر البلدة، ومن هناك انضموا إلى الموكب وساروا إلى جانب آل أبي شقرا يساهمون في حمل الجثمان حتى وصلوا عماطور، فوقفوا يستقبلون المعزين مع آل أبوشقرا وكأنه فقيدهم.

[/su_spoiler]

[su_spoiler title=” جميل ردّ الجميل لكن البادىء أفضل” open=”no” style=”default” icon=”plus” anchor=”” class=””]

الرجال سيفها ليس للعدوان
الرجال سيفها ليس للعدوان

مخطىء من خالج فكره يوماً أن الشعب المسالم في قراه ومدنه، كان السبب في تغيير مجرى الثورات من وطنية إلى فتن طائفية، فقد كان العامل الأهم هو الأيادي الخفية لعملاء السلطة المحتلة أو لعناصر الشر والمكائد من مخابرات محلية أو خارجية وجميعهم ممن ينطبق عليهم القول:”يفسدون في الأرض ولا يصلحون”.
هذا ما حدث يوم فتنة بلدة كوكبا في الخامس والعشرين من شهر تشرين الثاني سنة 1925، بعد أن تناهى لسمع زوجة الشيخ أبو محمد أسعد الزغير، أزيز الرصاص وضجيج الغوغاء وارتفاع الأصوات والعياط، قرب بلدة كوكبا، وكانت لم تزل تصطاف مع عائلتها في بستانها القريب من البلدة المذكورة، صرخت قائلة: “يا أبا محمد ولدنا مهنا ذهب للصيد هناك، إذهب وابحث عنه وعسى أن لا يكون قد أصابه مكروه”.
اعتلى أبو محمد ظهر دابته وانطلق نحو العين غير آبهٍ بالخطر المحدق به، كونه لا علم له بما حدث أو لم يزل يحدث. لدى وصوله إلى مبتغاه، وجد مهنا يبحث عن طرائده رغم أن طرائد غيره كانت من الأبرياء الضعفاء. عند اقترابه من العين المذكورة، إذ بنسوة مع أولادهن وأطفالهن ويربو عددهن على الثلاثين، يركضن نحوه صارخات مولولات يلتمسن النجدة والخلاص.
تحركت النخوة والعزة والكرامة التي انفطر عليها هذا الشيخ وأمثاله، خصوصاً وأن العديد من أؤلئك النسوة كنَّ ممن يعرفهن أو يعرف أزواجهن. ورغم استغرابه لهذا المشهد انتفض قائلاً: “ويحكن، ماذا يحدث هنا، ولماذا هذا الهلع؟ فأنتن بإذنه تعالى سالمات ولن يصيبكن أي مكروه وأنا حيٌّ ولي عرق ينبض”.
إنطلق أمامهن عائداً من حيث أتى بعد أن أودع العديد من الحوائج المهمة كالمصاغات وسواها في خرج دابته ووضع أمامه وخلفه أربعة أطفال وسار أمام النسوة وابنه مهنا يرافقهن.
مع وصوله إلى بستان الحرفاني القريب من بستانه، وجد العديد من الثوار وبينهم من يمتّ إليه بصلة فاستوضحهم عن السبب، ثم طلب من بعض أصحابه وأقاربه أن يعودوا معه لمساعدته وحماية مرافقيه حتى وصوله إلى بيته في حاصبيا، وذلك تحسباً لأي إنتقام ممن فقدوا أولادهم أو أحد أقاربهم.
في منزله، رحّب أبو محمد بالنسوة ثم دعاهن إلى الدخول آمنات مطمئنات غير أنه فوجىء بإحداهن والدموع تملأ مقلتيها وهي تولول وتلطم خديها وتقول: “ولدي حبيب لم يزل في السرير”.
ذُهل واستغرب من هذا الكلام، ثم سألها: لماذا لم تقولي قبل مجيئنا؟ وقبل أن تستجمع قواها للجواب سارع إلى طمأنتها بالقول:لا تقلقي سأعود وأجلبه فأين بيتك، وزوجة من تكونين؟
-صحيح يا عمي أبو محمد؟ صحيح؟ وهل باستطاعتك أن تعود؟ فأنا زوجة شكري أبونقول وبيتنا في الجهة الشرقية من الكنيسة.
وصل إلى البلدة والنيران لم تزل تلتهم ما تبقى من المنازل وما يحيط بها لكن المنزل المقصود كان لم يزل سالماً. فاندس إلى داخله وأخرج الطفل من سريره ثم عاد به إلى والدته.
هنا مشهد يرويه حفيد الشيخ عن لسان والده فارس قائلاً: “ بقي ذلك المشهد طيلة حياته لا يبرح فكره، كيف أن الوالدة تلقفت الطفل، وكيف ركضت ثم ركعت أمام والده شكراً وامتناناً، لكن الجد استغفر الله وأجاب: “هذا واجبنا تجاه ضميرنا وتجاه الجميع وكيف وأنتم جيراننا وأحباؤنا”.
بقيت النسوة في المنزل مكرّمات فترة من الزمن، غير أن خوف مضيفهن من الأيام المقبلة وعاقبتها جعله يذهب إلى الشيخ حسين قيس قاضي المذهب الدرزي آنذاك، طالباً منه النصيحة في ما يجب أن يكون موقفه تجاه النسوة.
أيقن الشيخ خطورة الأمر، لذا أشار إليه أن يوصلهن إلى سهل إبل السقي على أن يكملن طريقهن من هناك إلى مرجعيون، حيث أن البلدة عادت إلى يد السلطة المستعمرة ولربما أزواجهن وأولادهن يتواجدون هناك.
هذا ما حدث بالفعل، إذ قام بإيصالهن مع بعض أقاربه إلى السهل المقصود، ومن هناك توجهن إلى مرجعيون، وكان اللقاء المؤثر بين الفاقد والمفقود.
رد الجميل لم يطل كثيراً لأبي محمد أسعد الزغير، من قبل آل أبو نقول، إذ بعد اندحار الثوار وتركهم لبلدتهم حاصبيا ودخولها وحرقها من قبل الجيش الفرنسي وبعض المتعاونين معه، كان أن سلم بيت الشيخ أبو محمد من الحريق وذلك بإيعاز وحضور من والد ذلك الطفل، وكان من جرّاء ذلك أن تعمّقت الصداقة وتجذّرت بين آل الزغير وآل أبونقول حتى اليوم الراهن. ويكمل الراوي فيقول إن السيدين شكري وميشال أبونقول بقيا يناديان والده فارس حتى وفاتهما بأخي فارس.
هذه المأثرة حدت بي إلى إعادة ما رواه أمامي الطيب الذكر الأديب سلام الراسي عن مأساة بلدة كوكبا فقال: “أقسم اليمين عما سأرويه حيث كنت في الرابعة عشرة من عمري عندما أتى إلى بلدتنا إبل السقي، وفد حكومة حاصبيا برئاسة نسيب أفندي غبريل، وعضوية كل من السادة نزيه مؤيد العظم، وشكيب وهاب وفي جعبتهم المنشور الموقع من القائد زيد الأطرش وفحواه: “إن قدوم الثوار الدروز إلى هذه البلاد هو لإنقاذها من السيطرة الأجنبية، وإن ثورتهم هذه باسم الوطن لا بإسم الطائفية، وإن جميع أبناء الوطن، إخواننا في النفس والمال والحرية الشخصية. وعلى مبدأ “الدين لله والوطن للجميع”، راجين التفّهم والتعاون والله من وراء القصد”. ثم أخبروهم أن الثوار سيمرون غداً قرب بلدتهم متلمسين منهم عدم التحرش أو إطلاق النار عليهم.
أثناء تواجد الوفد في منزل الوجيه يوسف أبو سمرا علمت المخابرات الفرنسية المتواجدة في مرجعيون بقدومهم، لذا أرسلت ثلاثة من عملائها لاعتقال الوفد المذكور، لكن حالما عرف أبو سمرا بالأمر حتى أرسل رجاله لمقابلتهم وأمرهم بالعودة من حيث أتوا.
في اليوم التالي، قَدِم الثوار من حاصبيا إلى مرجعيون وقصدهم طرد الحامية الفرنسية المتواجدة فيها سلماً، كما حصل في بلدة حاصبيا ذاتها، حيث طردت الحامية من موقعها في تلة زغلة من دون سفك أي نقطة دم وتمّ إيصال الجنود الفرنسيين إلى مصنع الحمّر، مع تزويدهم بالطعام والماء، كما سُمح لهم بنقل جميع معداتهم وأسلحتهم”، غير أن المخابرات المذكورة سابقاً ما كان منها إلا أن أرسلت العملاء الثلاثة ذاتهم إلى زيتون المغاريق المتواجدة أمام بلدة كوكبا، وحيال وصول الثوار إلى هناك فاجأوهم بإطلاق النار عليهم فقتل منهم على الفور ثلاثة هم: أسعد شرف وقاسم ومحمود أبودهن.
صادف أن حصل هذا الاعتداء الغادر على الثوار بينما كان قائد الحملة حمزة درويش يشرب القهوة عند خوري البلدة، ونظراً إلى أن القائد المحنط لم يكن موجوداً في الوقت المناسب فقد عمت الفوضة بين الثوار و”فلت الملقّ”، كما يقال بعد أن اعتقد الثوار أن أهالي كوكبا هم الذين هاجموهم لذا توجهوا نحو البلدة وحدث ما حدث، وقتل نحو ثلاثين من الذين قاوموا وكانوا يحملون السلاح.
ليردد بعد ذلك الأمير عادل أرسلان، أحد قادة تلك الثورة، جملته الشهيرة: “هكذا أرادتها فرنسا: من ثورة وطنية إلى فتنة طائفية”.

 

 

[/su_spoiler]

[su_spoiler title=”يا محترم حياتكم غالية جداً علينا” open=”no” style=”default” icon=”plus” anchor=”” class=””]

حدّثني الأديب سلام الراسي عن أريحية ومروءة الشيخ أبو اسماعيل سليم خير الدين، فقال: “بعد اندحار الجيش الفرنسي التابع لحكومة فيشي سنة 1940، أمام الجيش الفرنسي التابع لحكومة الجنرال ديغول في الجزائر في منطقتي مرجعيون وحاصبيا حدث فراغ أمني في بلدة حاصبيا من جرّاء ذلك.
القسيس إبراهيم داغر، راعي الكنيسة الإنجيلية، ومدير المدرسة التابعة لها في تلك البلدة، وكان لم يزل يقطن فيها.
إحدى الليالي، نظر من نافذته، فوجد ثلاثة مسلحين يتجوّلون قرب منزله، لكنهم لم يطرقوا الباب، ومع هذا بقي طوال الليل يترقب حدوث عمل مشين.
بعد طلوع الفجر بقليل، أسرع القسيس إلى صديقه الشيخ أبو اسماعيل خير الدين وحادثه قائلاً :
“شيخنا الكريم، إذا كان وجودي في بلدتكم غير مرغوب فيه، فأرجو من حضرتكم إعلامي بذلك، وإنني على استعداد للرحيل ساعة تشاؤون، والسبب أن ثلاثة مسلحين بقوا طوال الليل أمام منزلي”.
تبسّم الشيخ بعد أن استراحت تقاسيم وجهه، وأدار بيده فوق لحيته وقال:
“يا محترم، لا يغرُب عن بالكم أن حياتكم غالية جداً علينا، وأن وجودكم بيننا لا يقدّر بثمن. فأنتم المرشد الروحي والفكري لأولادنا وللجميع، وخوفاً من حدوث مكروه لحياتكم في هذه الأوقات العصيبة، قمنا بإرسال الشباب لحراستكم، والسهر على راحتكم”.
تبسّم القسيس بعد أن سمع ذلك، وبعد أن استراح فكره، نظر نحو الشيخ من جديد وقال: “حييتم وبييّتم أيها النبيل الشريف، وحقيقة أنكم خلقتم للمعروف يا بني معروف”.

[/su_spoiler]
[/su_accordion]

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading