الأربعاء, نيسان 24, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الأربعاء, نيسان 24, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

يوسف إمري

ثــلاث قصائـد لـ يونــس إمــري

شاعــر الحـب والوحـدة الإنسانيــة باللـــه

بين يدي الحبيب أكتب شعري إجلالاً وتـــذللاً
تعـــال وانظـــر إلى مـــا نالـــني مـــن أثـــر العشـــق

يحتل الشاعر الصوفي يونس إمري بين الشعوب الناطقة بالتركية مكاناً يكاد يكون مشابهاً للموقع الذي يحتله حافظ الشيرازي. فهذا الدرويش الذي عاش زاهداً كل حياته، كان مفعماً أيضاً بالحب الروحي الذي أنفق حياته في التعبير عنه بأعذب الأشعار. عاش في الأناضول التركية في القرن الثالث عشر الميلادي وذاع صيته وأصبح لشعره الرقيق واختباره الروحي وتمجيده للوحدة الإنسانية والحب تأثير كبير على الثقافة التركية، بل والعالمية إلى يومنا هذا.

وبسبب شهرته وأثره في الأدب التركي والعالمي تحول يونس إمري إلى موضوع لندوات ومؤتمرات عالمية تبحث في شعره وفلسفته ولغته الشعرية، وأدخلته منظمة اليونيسكو ضمن قائمة أعظم الشخصيات الثقافية في العالم، بل وأعلنت العام 1991 «السنة العالمية لـ يونس إمري» وتمت ترجمة أعماله إلى لغات عدة حول العالم.

على الرغم من الشهرة التي يحظى بها اليوم، فإن حياة يونس إمري يحيط بها الغموض، وكل ما يُعرف عنه أنه كان درويشاًَ سائحاً في الأرض قبل أن ينضم إلى  مجموعة من الدراويش وجد بينهم المرشد الكامل الذي يرقيه في مراتب المعرفة. ويقال إن إمري أمضى عقوداً طويلة في خدمة الدراويش عبر قطع الحطب وجبله إلى الزاوية على سبيل العبودية لله. وبسبب حياته البسيطة حتى وفاته فإن الكثير من وقائع حياته وتجربته بقيت غير معروفة، وحلت محلها بعد ذلك مجموعة كبيرة من القصص والأساطير التي رفعت الشاعر إلى مرتبة القداسة وحاكت القصص الكثيرة والغريبة أحياناً التي استهدفت إظهار مكانته الجليلة لدى أهل الأناضول التركية وما نسب إليه من عجائب وكرامات. هناك قصة عن لقاء إمري بشاعر الصوفية الأكبر جلال الدين الرومي وانبهاره الشديد، لكن ليس معروفاً إن كان إمري اتبع طريقة ذلك الشاعر، وإن كان مؤكداً أنه اتخذ له شيخاً ومرشداً.

وصف نفسه يوماً بهذه الأبيات:
أنا يونس إمري درويش الأحزان
أثخنتني الجراح من الرأس وحتى الأقدام
بين يدي الحبيب أكتب شعري إجلالاً وتذللاً
تعال وانظر إلى ما نالني من أثر العشق
يتّسم شعر إمري بفلسفة تشدد على وحدة البشر والحب الإنساني وتشكو من التفرقة والتأثير السلبي للتعصب، بل إنه يفرق في شعره غالباً بين دين الحب والوحدة الإنسانية في الله وبين أولئك الذين يحكمون على الآخرين ويفرقون بين الناس باسم اختلاف العقائد، لأنهم لا يفهمون حقيقة الإيمان ويتعلقون بظاهره فحسب.
في ما يلي ثلاث قصائد لـ يونس إمري منقولة عن الترجمة الانكليزية للنص التركي:

إبحث عنه في داخلك

إن عزمت على أن تمسح
كل هذا الصدأ عن القلوب
فقم بنشر هذه الكلمات
فهي بحق مختصر الحياة

«من لا يرى
شعوب الأرض كلها كخلق واحد
هو عاص لله حتى ولو رأى فيه
بعض أهل الورع قديساً»

أصغي أيضاً, فإن لي رأياً
في ما يسمونه الشرائع والقانون
الشرائع سفينة
والحقيقة هي البحر

مهما كانت ألواح السفينة
سميكة ومتلاصقة
فإنها لا بدّ ستتحطم وتتبعثر
إن هاج البحر وماج

جنوني هو عشق الحبيب
وحدهم المحبون يدركون مغزى كلامي
الإثنينية يجب أن لا تكون
الله وأنا العبد يجب أن لا نعيش متفرقين

الله يتخلل هذا العالم الكبير
لكن حقيقته سر مخفي على الجميع
إن أردت البحث عنه فأنظر في داخلك
فأنت لست كياناً منفصلاً عنه

لست بناظر لدين أحد من الناس
كما لو كان خصماً لاعتقادي
والحب الحق لا بدّ أن يسود
عندما تتحد العقائد كلها في الحقيقة الكاملة

الناس أطلقت عليّ اسم «الصوفي»
لكن لي مع ذلك عدوّ: الحقد
ليس في قلبي كدر أو كره لأحد
لأن هذا الوجود في نظري واحد

عندما يختبر الإنسان

الحب الحق
لا بدّ سيترك التعصب
للعقائد وروابط الأوطان

وأنتم لا تنفكون عن التذكير بالعقائد
وتدعون الناس إلى ما تسمونه النعيم
وماذا في النعيم. بضعة حوريات؟
أقول الحق: ليس هذا مرادي

رباه
لم كل هذا القدر من الكلام
وما الحكمة من كل هذا الجدل
حول حفنة من تراب؟

كلمــــة واحــــدة

في إمكان كلمة واحدة أن تضيء
وجه رجل يعرف معنى الكلمات
الكلمة التي تنضج في عالم الصمت
تختزن قوة كبيرة على الفعل

الحرب يمكن وقفها بكلمة
وهناك كلمات تداوي الجراح
وكلمات يمكنها أن تبدل السم
إلى عسل مصفى

دع الكلام ينضج في داخلك
ولا تدع مجالاً للخواطر المرتجلة
هلم وافهم ذلك الكلام
الذي يحول المال والثروات إلى تراب

اعلم متى يمكنك النطق
ومتى يتعين عليك الصمت
كلمة واحدة تقلب سعير جهنم
إلى جنات ثمانية

اتبع طريق القوم ولا يغرنك
كل ما تعلمته في السابق وكن يقظاً
فكِّر قبل أن تنطق
فلسان الحمق قد يدمغ روحك بالسواد

يونس! قل الآن شيئاً أخيراً
عن قوة الكلمات:
فقط كلمة «أنا»
تقطعني عن الله

الإنسان الحقيقي

لن تكون إنساناً حقيقياً على الطريق
إن لم تكن بسيطاً متواضعاً
وإن نظرت باستعلاء إلى أي مخلوق
فسيتم دفعك إلى أسفل الدرجات

إن ارتفعت نفسك فإنك سترفع بعيداً عن هذا الطريق
لا فائدة من كتم ما أنت فيه
لأن ما في جوفك يظهر لا محالة في سيمائك

حتى ذلك العابد ذو اللحية البيضاء
ذلك الذي يُظهر الحكمة في محيّاه
لو تجرأ فكسر قلب إنسان
ما الفائدة من حَجِّه إلى مكة؟
إن كان عديم الرحمة
فما الغاية من وجوده؟

قلبي هو عرش المحبوب
والمحبوب هو مقصود قلبي
كل من يكسر قلباً لإنسان
فلن يجد طريقاً إلى الله
لا في هذا العالم
ولا في غيره

الذين يعرفون لا يتكلمون إلا نادراً
لكن الضواري منهمكة دوماً بسيل من الكلام
كلمة واحدة تكفي من في قلبه العلم الحق

إن بحثت عن المعنى في الكتب المقدسة فهو ذا:
كل ما كان نافعاً لك تقاسمه مع غيرك

كل من يأتي إلى هذه الدنيا يهاجر منها
وكل من شرب خمر الحب يفهم قولي

يونس! لا تنظر باحتقار إلى هذا العالم

أبق ناظريك مسمرتين على وجه الحبيب
لأنك عندها لن ترى الصراط
في يوم الحساب العظيم

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading