قرأنا واستمعنا بين نهاية شهر آذار ومطلع شهر نيسان (2024) وبمناسبة احتفال اللبنانيّين بعيدي الفصح المجيد والفطر المبارك (أعادهما الله على الجميع بالخير والبركة والسلام)، لنوعٍ من الخطاب الذي ساوى، وبنيّة حسنة على الأرجح، بين الدين والطائفة. ولأنّ ذلك ليس بالأمر الجديد في الحياة السياسية اللبنانية الحديثة، إذ وقع فيه مع الأسف، وفي الخمسين سنة الأخيرة على وجه الخصوص، رجال دنيا، ودين؛ وحتّى بعض المفكرين اللبنانيين أيضاً الذين أخفقوا في التمييز بين المفهومَين: الدّين والطائفة، وتالياً بين الإيمان الديني و«التحزّب» الطائفي.
لذلك، يبدو إيضاح الفارق الكبير بين المفهومين (ولو بإيجاز) ضرورياً. وربما يفي بالغرض ومن دون الدخول في بيان نظري بالمفهوم، القول أن أخبر البشر قاطبة بـ «أفضال» الطائفية، والنفخ في بوق الطائفية، هم اللبنانيون، على ما رأوا وذاقوا، جميعاً، في الخمسين سنة الأخيرة من تاريخهم الحديث؛ الحقبة التي أخفق فيها الدين ورجال الدين، بعامةٍ، ونجحت بالمقابل، أيّما نجاح، الطائفية والطائفيون.
نكتفي في هذه العجالة ببعض المقارنات المتصلة بالمفهوم لا أكثر.
الدين من السماء؛ هي هبة، نعمة، يتوافق معها العقل «الصحيح» بالتأكيد، وتخاطب الإنسان بعامة، كل إنسان؛ في كل زمان ومكان.
أمّا الطائفة فمن الأرض؛ «جماعة» سياسية أو اجتماعية؛ لا علاقة لها بالعقل؛ ومقفلة على الأفراد المنتمين إليها بالولادة.
الدين إعلان انتصار النور على الظلمة، والمعرفة على الجهل.
الدين إعلان انتصار البشر أخيراً على الطبيعة المتوحشة.
الدين إعلان انتصار الإنسان على الحيوان فيه.
إنتصار العقل في الإنسان على الغريزة فيه.
إنتصار ذاته السامية (البذرة الإلهية) على ذاته الدنيا ( سلة مهملات الدنيا الزائفة والتقدّم المادي، والحضارة الإستهلاكية التي بتنا أسرى لها منذ بداية الثورة التجارية-الصناعية
مُذ خرجت من أوروبا من العصر الوسيط، وما سمّيّ بعصر الظلمات – والحضارة التجارية/المالية/الصناعية/ بمفهومها المادي والتقني والإستهلاكي ربما استحقت نفسه أكثر من سواها!
الدين تطويع للدنيوي والمادي في خدمة الله، وطاعته، والإنسان في مفهومه السامي؛
أمّا الطائفية فاستخدام ماكر لكلمة الله في خدمة الدنيوي والمادي؛
الدين حرية وانعتاق من قيود الماضي والحاضر والمحيط؛
أما الطائفية فاستعباد وعبودية، واستتباع القوي للضعيف؛
الدين وعي ومعرفة؛ كلمة طيّبة؛
أما الطائفية فعمىً عن الحقيقة، جهلٌ ؛ وغفلةٌ موردها الغرور؛
الدين اعترف بالآخر، اتصالٌ به، وحوار معه؛
أمّا الطائفية فضيقٌ بالآخر، بل محاولةٌ في شطبه وإلغائه؛
الدين محبة؛
الطائفية كراهية؛
الدين سماواتٌ وأرضون وآياتٌ من الجمال بلا حدود؛
أمّا الطائفية فريحٌ سَمومٌ، وجوه شيطانية تحاول ارتداء أقنعةً ملائكية؛
الدين حوارٌ مع الآخر بالحسنى من أجل حياةٍ أرقى؛
أمّا الطائفية فصراعٌ مع الآخر حتى الموت، وربما بهدف الموت؛
الدين قِيَمٌ وتجرّدٌ وتنزّهٌ حتى المطلق؛
أمّا الطائفية فاتّجارٌ ومصالح وسمسرة وحصص ومنافع ومقايضة وسمسرة شخصية، أو جمعية؛
بكلمة واحدة:
الدين لله،
أمّا الطائفية فللشّيطان!