تشكّل الأشجار المثمرة الجزء الأهم والأساس من الزراعة، وتعتبر ثمارها مصدر غذاء للإنسان، كما أنها تعدّ مواد خام ضرورية للصناعات الزراعية الغذائية.
ولثمار الأشجار المثمرة فوائد طبية عالية، وعناصر غذائية مختلفة كالبروتين والفيتامينات والأحماض والدهون…اذ تساعد الانسان بعد تناولها على الهضم وتليّين الجهاز العصبي والألياف وتنظيم الدورة الدموية.
إنّ علم الأشجار المثمرة يهتمّ بدراسة وتنظيم وتأهيل الأشجار المثمرة وتطوير انتاجها اقتصاديّا، ويدرس الأعمال الحقلية من تقليم وري وحراثة وتنظيم أثمار وتسميد (حسب الحاجة) ومكافحة، إذا لزم الأمر، والقطاف للحصول على أفضل إنتاج من حيث الجودة والكمية وتطبيق جميع الوسائل الحديثة.
يجب أن يبقى المزارع حرّا طليقا، فلا يقيّد أو يرتهن لشركات التصدير خاصة المنتِجة للنباتات الزراعية؛ لأنّ الدعاية وطرقها تجعل المزارعين يعتقدون أنّ هذه الاصناف الجديدة هي المنقذ الوحيد لهم من عبء الغلاء (خاصة المعيشة منها). معظم هذه الأصناف الجديدة هي معروفة منذ القدم ولا زالت عند المزارعين المحترفين، والذين يتقيدون ولا يؤمنون بالدعاية خاصة التجارية منها الخاضعة لمؤسسات غير حكومية (الشركات الأجنبية) التي تروّجها على أنّها أفضل الأصناف مثل التين والزيتون والرمان والكرمة والكرز وغيرها؛ ثمّ استبدالها ببعض الأصناف المحدثة وراثيّا، ممّا أدّى ذلك إلى وضع المزارع «بين السندان والمطرقة»، ويقف مكتوف الأيدي أمام هذه الحيلة. لذلك، أصبح المزارع مرتبكًا وغير قادر على اتخاذ القرار، ما أدّى الى إهماله لأرضه ومزروعاته، وبالتالي انخفاض انتاجه ومزاحمته بالأصناف المعدلة وراثيّا.
التراجع الكبير الذي حصل في أواخر القرن الماضي وبداية الحالي، يتطلب جهدًا لإعادة التوازن بين الإنتاج والاستهلاك والتصدير من جهة أخرى.
لذلك تأتي اقتصادية الأشجار المثمرة بعد الأعمال المدروسة التي ينفذها المزارع في أرضه. إنّ الارض والرجوع إليها هي الملاذ الأساس في حياتنا، لذا يُستحسن القيام بدراسة العوامل التالية:
المناخ
دراسة المناخ تتيح لنا معرفة الأصناف التي يجب زرعها، والتي تعطي مردودًا اقتصاديًا وفيرًا، وليس كما كان في السابق، فقد أهدرت بعض مساحات الأرض لتجربة أصناف جديدة بلا جدوى، لأنّها لا تنمو إلّا على ارتفاع معيّنٍ وفي تربة خاصة مثل زراعة أشجار المشمش على ارتفاع 1300 متر عن سطح البحر غير مجدية لأنها تحتاج الى حرارة مرتفعة نسبيا في مرحلة الأزهار.
1- الحرارة: تحتاج الأشجار المثمرة إلى حرارة مختلفة باختلاف أصنافها، فمنها ما يحتاج إلى البرودة، ومنها إلى حرارة معتدلة، وأخرى إلى معتدلة دافئة شتاء.
2- الأمطار: تنجح الأشجار المثمرة في المناطق التي يزيد فيها معدل الأمطار عن 700 ملم سنويًّا، خاصة في الأراضي البعلية.
3- البرودة: تحتاج بعض أصناف الاشجار المثمرة إلى البرودة خلال فصل الشتاء، من أجل مرحلة السكون والراحة التي تمرّ بها أي ايقافها عن النمو.
4- الارتفاع عن سطح البحر: تزرع الأشجار المثمرة في الأماكن حسب ما تحتاجه من ارتفاع ملائم لها ومدروس اقتصاديّا.
موقع الارض
1- التربة الملائمة: تعتبر التربة من العوامل الهامة لنجاح زراعة الأشجار المثمرة وإنتاجها، وتأتي في الدرجة الثانية بعد عامل المناخ.
2- المسافات الزراعية: تختلف المسافات من صنف لآخر حسب حجم وعمر الأشجار وطبيعة التربة وخصوبتها وحسب الأصل الجذري المستخدم.
3- عمق التربة وخصوبتها: تحتاج الأشجار المثمرة إلى تربة عميقة نوعًا، منها ما يحتاج إلى تربة عميقة لأنّ جذرها وتدي، ومنها ما يحتاج إلى تربة متوسطة العمق بين (150-200سم) وآخر إلى أقل من ذلك، وكذلك حسب أنواع الاشجار وأحجامها.
4- استصلاح الأرض: القدرة على استصلاح الأرض وتسطيبها إذا كانت منحدرة، على أن لا يزيد انحدارها عن 40%.
5- الطرقات: قرب البساتين من الطريق عامل هام في الزراعة لتوفير تكاليف وعناء المزارع من توصيل الشتول والمعدات المستعملة للزراعة والأسمدة العضوية وغيرها، وكذلك نقل الإنتاج إلى الأسواق.
6- الري: ايجاد مصدر مياه للري لمساعدة الأشجار على اجتياز الحرارة الشديدة في الصيف، كما حصل في هذا العام خاصة في بداية نموّها.
في مطلع الأربعينيات، دخلت الأشجار المثمرة المحسنة في بلاد المنشأ إلى لبنان كزراعات مربحة، ولاقت شهرة واسعة وبدأت تُحتكر من قبل المتموّلين للإتجار بها. أخذ بعض المزارعين بقطع أشجار الزيتون والتفاح والتين والرمان وغيرها واستبدالها بأشجار الدراق والخوخ والمشمش على سبيل المثال.
بعد ذلك، قام أخصائيون في أوروبا وبعض البلدان المتقدمة في مجال الزراعة بالعمل على تأصيل الأشجار المثمرة اقتصاديّا. وتمّ استقدام بعضها إلى لبنان لأخذ المطاعيم منها وتطعيمها على الأصول البريّة من قبل تجار حصريّين وأصحاب مشاتل، وبدأت عملية الإكثار بعدة طرق. فالأشجار المثمرة تبدأ في الإنتاج بعد زراعتها بعدة سنوات. أمّا في وقتنا الحالي، فتبدأ الاشجار بالإنتاج في السنة الثانية خاصة الأصناف المطعّمة على أصول جذرية.
مجموعات الأشجار المثمرة التي تنمو في المناطق التي تزيد عن 600 متر
1- التفاحيات: تضم التفاح، الإجاص، السفرجل والزعرور.
2- اللوزيات: تضم الكرز، الدراق، المشمش، الخوخ والجنارك.
3- الجوزيات: تضم الجوز، اللوز، الكستناء، البندق والفستق الحلبي.
4- الزيتون
5- الكرمة
6- التين
7- الرمان
8- الكيوي
وبعد استصلاح الأرض، تنفذ الأعمال التالية:
1. الحراثة: تحرث الأرض على عمق 40 سم تقريبا على جرار جنزير، ثم تحرث حراثة سطحية بواسطة فرّامة لتسوية سطح التربة وتكسير الكتل الترابية.
2. تخطيط الأرض: طرق الغرس كثيرة أفضلها الشكل المثلث والمربع، ممّا يتيح زرع أكبر عدد ممكن من النصوب. يتمّ تخطيط الأرض لتحديد موقع النصوب وتكون المسافة بين خطين متوازيين 3،5 متر للتفاح و4،5 متر للكرز وبين شجرة وأخرى 3،5 متر للتفاح و4،5 للكرز. كما إنّ هذه المسافات بين الخطوط تتيح المجال لإستخدام الآلات الزراعية مثل جرار الحراثة وغيرها.
3. حفر الجور: بعد هطول الأمطار لأول مرة في فصل الخريف (عندما تُروى الأرض)، تحفر جور في الأماكن المحددة على عمق 50 سم وعرض 50 سم تقريبا. ويوضع في قاعها حوالي 2 كلغ من السماد العضوي المخمر وخلطها مع التراب في قاع الحفر. تزرع الغراس بعد تساقط أوراقها (أواخر فصل الخريف وأوائل فصل الشتاء) لأن الأوراق تستمر في عملية التبخر خاصة إذا ما إرتفعت الحرارة نسبيا، مما يؤدي الى جفاف البراعم وبالتالي الغراس.
4. الشتول أو النصوب: إنّ حاجة 10 دونم من أشجار التفاح والكرز 500 شجرة، عمرها بين سنة وثلاث سنوات، كي تدخل في الإنتاج بعد عام من زراعتها في الأرض المستدامة. أما مصدرها، فمن المفضل أن يكون من مشاتل موثوقة ومدروسة من حيث النوعية الجيدة والإقتصادية وخلوّها من الآفات الزراعية ومرغوبة في السوق المحلي.
5. التسميد: تحتاج أشجار التفاح والكرز نسب عالية من العناصر المعدنية خاصة عند مرحلة النمو والإثمار. فإن جميع أنواع الأتربة تحتوي على العناصر الضرورية للأشجار بنسب مختلفة وبحسب أنواعها، مثلا: التربة الطميية أغنى أنواع الأتربة والتربة الرملية أفقرها. لذا، يستحسن وضع الأسمدة العضوية البلدية المخمرة كالسماد الحيواني والأسمدة الكيميائية الضرورية وحسب الحاجة.
6. التقليم: يعتبر التقليم من أهم الأعمال الحقلية للأشجار المثمرة، لأنّه من الأعمال الأساسية لزيادة الإنتاج وجودة الثمار وزيادة عمر الشجرة إقتصاديا. إنّ عملية تقليم الأشجار يساعدنا على التحكم بطبيعة نموها. فإنّ أفضل الأشكال في التقليم هو الشكل الكأسي حيث يكون الإنتاج من الخارج والداخل ويسمح هذا الشكل بدخول الشمس والضوء. تبدأ عملية التقليم بعد الغرس مباشرة على إرتفاع يتراوح بين 50 و70 سم ويفضل أن يكون الساق قصيرًا، لأنه يتعرض للعوامل الطبيعية من حرارة وصقيع. وبنفس الوقت، يجب الإنتباه على أن يسمح بمرور الآلات الزراعية دون تضرر الأغراس. في العام الثاني، يبدأ التقليم التكويني وينتخب ثلاثة أو أربعة فروع وتقصّ الفروع المتبقية. أمّا الفروع المنتخبة، فيقص نصفها العلوي على أن يراعى بقاء البرعم العلوي نحو خارج الشجرة. في العام الثالث، أيضًا يستمرّ التقليم التكويني مع بدء تقليم تنظيم الأثمار خاصة في هذه الأصناف المبكرة الإنتاج. تقلّم بنفس الطريقة على أن تراعى البراعم الثمرية ويكون هذا التقليم خضريّا وتنظيم إثمار في آن واحد. ومع تقدّم عمر الأشجار، تزداد نسبة عملية التقليم لتنظيم الإثمار على التقليم الخضري للمحافظة على عمر الأشجار والحمل السنوي. وكذلك التقليم الإثماري يهدف إلى تنظيم الحمل بين الفروع والأغصان ليكون متساويًا نوعًا ما مع الإبقاء على بعض الفروع الثانوية لتكوين براعم ثمرية جديدة. أفضل توقيت لتقليم أشجار التفاح والكرز، يكون خلال الفترة الممتدة من تشرين الثاني وكانون الثاني أي بعد دخول الأشجار مرحلة الراحة والسكون وتساقط أوراقها.
7. حراثة الأرض: يجب حراثة الأرض ثلاث مرات سنويّا على الأقل خاصة في السنوات التي يقلّ فيها معدل تساقط الأمطار عن 700 ملم سنويًّا.
8. الرّي: من المفضل توافر مصدر مياه للري لمساعدة الأشجار على اجتياز الحرارة الشديدة في الصيف، كما حصل في هذا العام خاصة في بداية نموها وبعد زرعها في الأرض المستدامة، لأنّ عندما تقلع النصوب من المشاتل يبقى قسم لا يستهان به من جذورها الشعرية الماصّة في أرض المشتل، وأيضا تقلع قبل سقوط أوراقها. وهذان العاملان يؤدّيان إلى ضعف الشتول وحاجتها إلى الرّي.
9. جني الإنتاج: تقطف ثمار الأشجار المثمرة قبل نضجها بحوالي الأسبوع، كي تتحمل أعمال التوضيب والنقل والاستهلاك والتبريد. لكن لأصناف الفاكهه عدة مراحل للنضج حسب أنواعها؛ منها يتمّ نضجه خلال شهر أيار مثل الكرز، وخلال شهر تشرين الأول مثل بعض أصناف التفاح. تعتبر الثمرة ناضجة عندما تأخذ الحجم واللون الطبيعي لها، وعندما يصبح مذاق الثمار يحتوي على القليل من المادة القابضة (البكتين). أمّا عند قطاف الثمار، فيجب مراعاة النقاط التالية:
– الانتباه لعدم الضغط على الثمار باليدين لأنه يؤدي إلى تلف الثمار بعد القطاف بوقت قصير.
– عدم جرح الثمار عند القطف.
– يجب قطاف الثمار برفق حيث تنفصل عند نقطة الالتحام بالغصن، مع الانتباه إلى البراعم الأخرى التي يُعتمد على انتاجها السنة القادمة.