صدقَ أبو العلاء المعرّي، عبقريُّ كلِّ الأزمنة، حين اعتبر وبجرأة نادرة، أنَّ ما من حقيقة عَصِيّة على الشك، أكثر من حقيقة الموت:
سألتُ عن الحقائق كلَّ يومٍ | فما ألفيتُ إلاّ حـرفُ جَحْـدِ |
سوى أنِّي أموتُ بغيرِ شكٍّ | ففي أيِّ البلاد يكون لحدي! |
من يجرؤ غير المعري على القول أنّ كل ما لديه أو ما بلغه من حقائق يمكن الشكّ بها كلّها، خلا الموت (سوى أنِّي أموت بِغَير شكٍ). جرّ البيتان أعلاه عليه أكثر من اتّهام ممَّن كانوا يتربّصون به الدوائر، فيما هم كانوا قاصرين عن إدراك المعنى العميق الكامن في البيتين أعلاه. وسأعود إلى تحليل تَفرُّد هذين البيتين من الشعر بكلِّ المعايير في ثقافتنا، وربّما في الثقافات العالمية الأُخرى. لكنَّنا لِنمرَّ أوّلاً بفكرة الموت نفسها، وما تحتويه من أهمّية بل وأولوية.
أجَلْ، لا شيءَ مُشترك بقوَّة بين كائنات الكون كافة، كمثل الاشتراك في حقيقتَيِّ الولادة والموت....
This content is locked
Login To Unlock The Content!