الجمعة, أيار 3, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, أيار 3, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

رسالة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن

رسالة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز
الشيخ نعيم حسن

ترشيد النفوس مع
تعديل النصوص

إنّ طبيعةَ الاعتقاد الإيمانيّ التي تتميَّزُ بالثباتِ يجبُ أن تكونَ دافعاً إلى مواكبةِ الأوضاع المعاصِرة، عقلاً واجتهاداً حميداً، نحو تحوُّلات الواقع ومؤثّراتها في كافَّة الحالات الاجتماعيَّة.

موضوعان جديران بالاهتمام اليوم في المجتمع: رفع سن الحضانة، وجعل الابنة عصبة بنفسها إذا انفردت في الميراث. هذا التطور في انصاف البنت إذا انفردت او البنات عند انفرادهن هو الإنجاز الأفضل والأقرب إلى ميزان السَّويَّة بالمعنى الحقوقيّ العادل. أمّا رفع سن الحضانة فإننا نحذّر من استعمال مضمون القانون تعسفاً بعيداً عن روح الاعراف والتقاليد الاصيلة ومبادئ التآلف والتحابب وغاية الزواج التي هي شرعة من شرائع البقاء.
إنّ المهمة الأساسية التي اعدّتها الحياة لكل فتاة هي ان تكون “ أمّاً، ربّة بيت”. وهو دور طبيعي لا يستطيع أحد ان يبدّله، كما لا يبدّل الصدق بالكذب والخريف بالربيع، وهي المهمة التي يجب ان تعدّ كلّ فتاة نفسها من اجلها، ولا نقصد بقاء المرأة ضمن منزلها لواجباتها البيتية كالطبخ وغيره … بل ان تكون “ أمّاً، ربّة بيت” سواء عملت طبيبة او محامية او مدرّسة… او موظفة عادية. وبرأينا ان هذا اللقب يهتزّ عرشه إذا أصبحت فيما بعد مطلقة.
إنَّ رفع سنّ الحضانةِ يأتي من بابِ تقدير “الأمومة” ودورها الذي يقتضي من بابٍ أوْلى الحرص كلّ الحرص على حفظ كيان الأسرةِ وألفتها لأنه الضمانة الأغلى للتربيةِ السليمة وسلامة العائلة في مسارها الحياتي حاضرا ومستقبلا. والنظر إلى الطلاق بأنَّه “بغيض” وذي عواقب غير سليمة من عدَّة وجوه. ولا يجوز بأيِّ حالٍ من الأحوال اعتبار التعاطُف مع الأمومة في هذا التعديل مؤشِّراً لاستسهال الطلاق، وعاملاً من عوامل اتّخاذ خِياره ( دون ان ننسى عدم جواز رجوع المطلقة). وهذا يدفعُ بنا إلى طرح قضيَّة المسؤوليَّة في الإقدام على الزواج، وضرورة مقاربته بالوعي والتأنِّي والفهم الكافي للوقائع واستحضار العقل للحدِّ من سلطان العاطفة في هذه الخطوة المصيريَّة.
هذا من شأنه الحثّ على اغتنام فرصة الخطوبة لتسبق المصارحة الصادقة والتفاهُم المشترك بحُسن نيّة وإدراك واقع المستوى المادي قبل خطوة إجراء العقد. يدفعنا إلى هذا القوْل معرفتنا الوافية بأسباب حدوث التصدُّع العائلي والخلافات المؤدية إلى الطلاق الذي تتصاعد وتيرتُه في السنوات الأخيرة لأسبابٍ شتَّى.
أمام هذا الواقع، نجدُ أنفسَنا في مواجهة الأحوال العامَّة التي تساهمُ إلى حدٍّ كبير في ازدياد حالات الفشل الأسريّ. ولا بدَّ من التذكير بالأصُول المتعلِّقة بالسلوك الفردي والاجتماعي التي من شأنها المحافظة على النواة الأولى للمجتمع المستقرّ وهي “سلامة الكنف العائلي” وثباته في وجه مصاعب الحياة. إنَّ القليلَ من الثقافةِ الحقيقيَّة ينبِّهُنا إلى أنَّ الفهمَ السطحي المنفعل لما يُسمَّى “موجة التّحرُّر” هو الخطوة الأولى نحو المنزلق الوخيم. إنَّ مشاهد البذخ والاستهتار بالقيَم الراقية لطبائع الحشمة والحياء والرصانة، خصوصا فيما يتعلَّق بالأزياء التي يقع عليها خِيار الشابَّات وغيرهنَّ، هي من جملة الأسباب المحبِطة للتدبير الحكيم. ولا يجوز لنا التسليم بالتقصير في وسائل الإرشاد والتربية والتوعية في هذا المجال. إنَّ لهذه الوسائل ثقافات واسعة ومعمَّقة، في التقاليد الشريفة، وفي التراث العام، وفي الثقافة العالميَّة التي كثيرا ما يتمّ إغفالها لصالح النزوع نحو اللهو والمتعة والقشور الفارغة.
ما نودّ أن نتوقَّف عنده الآن هو التذكير بالقضيَّة الأساسيَّة المتعلِّقةِ بوازع النّفوس وأسبقيّـته على النصوص. إنَّ دورَ المجتمعِ أساسيٌّ في هذا المجال، بفعاليَّاته المتنوِّعة، وبالجمعيَّات والنوادي في كلِّ القرى. إنَّ المطالبة بالنهوض الحضاريّ يتطلَّبُ المتابعة والمثابرة في عملٍ حقيقيّ مُثمِر متعلِّق بترشيد المناخ الاجتماعي العام. عمل مرتبط بالقيَم التي بها قامت الحضارات الإنسانيَّة على مرِّ العصُور، قيَم الاعتدال والاستقامة والفضيلة. قيَم العائلة والغاية من وجودها في التربية السليمة وبناء الشخصيَّة المعنويَّة لتكون أساساً متيناً قويّا قادراً على تحقيق الخير في الذات وفي المجتمع. قيَم الأمومة بمعناها الأنبل المرتبط بغاية الوجود. وإن كانت بهارجُ العصر قد أوهمتْ الكثيرين بأنَّ هذا البيت الشعريّ قد خَبَت نارُه بالتكرار، لكنَّه في الحقيقة ما زال محتفظاً بمعناه لقلب كلّ لبيب:
الأمُّ مدرسةٌ إذا أعددتها أعدَدْتَ شعباً طيِّبَ الأعراقِ.

مؤتمر الازهر

الإعلان النهائي يكرّس مفهوم المساواة والدولة المدنية الدستورية
والحرية الدينية والتضامن بين الأديان في وجه التطرف والإلحاد

مؤتمر الأزهر حول الحرية والمواطنة حدث كبير بكل معنى الكلمة سواء بحجم الحضور الإسلامي المسيحي الذي شارك فيه من المنطقة ومن العالم أم في مناخات الصراحة والأخوة التي سادت المناقشات ومشاعر الوحدة التي عبّر عنها المشاركون في مواجهة التحديات المشتركة أم في الظروف الدقيقة التي انعقد في ظلها وأبرزها أحداث طائفية في مصر وفي المنطقة وموجة العداء للإسلام في المجتمعات الغربية، لكن ما يعطي للمؤتمر صفة الحدث المفصلي هو البيان الذي صدر عنه في نهاية يومين من المداولات والذي حمل في نظر المراقبين قفزة كبيرة في المفهوم الإسلامي للدولة الدستورية الحديثة وهي قفزة تزيح أهم العقبات من طريق التقارب والتضامن الإسلامي المسيحي وتعزّز الثقة المتبادلة وتنتزع من المعادين للإسلام آخر الحجج الواهية التي يتذرعون بها لاتهام الإسلام بالتمييز ضد الأديان الأخرى. وقد حضر المؤتمر نحو 200 شخصية دينية وفكرية من 60 بلداً لكن لفت الأنظار في هذا المجال الحضور اللبناني الكثيف إذ دعيت 50 شخصية لبنانية من المسلمين والمسيحيين للمشاركة في المؤتمر أكثر من نصفهم من رجال الدين، كما تميّز المؤتمر بحضور مصري كثيف من المسلمين والمسيحيين الأقباط وبرعاية شخصية من الرئيس السيسي للمؤتمر وبمشاركة ممثلين عن كنائس الولايات المتحدة ومجلس الكنائس العالمي والفاتيكان، وشاركت مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز في أعمال المؤتمر وانتدب سماحة شيخ العقل نعيم حسن القاضي غاندي مكارم لإلقاء الرسالة التي بعث بها إلى المؤتمرين.
تميّز المؤتمر أيضاً بالدور البارز الذي لعبه شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيِّب في الإعداد للمؤتمر والمشاركة في أعماله وجلساته وكذلك في إعداد البيان النهائي، كما لعب الرئيس الروحي لأقباط مصر البابا تواضروس الثاني دوراً مهماً في أعمال الجلسات وفي الإعلان النهائي الذي اعتبر منعطفاً كبيراً في صياغة المفاهيم الإسلامية للدولة وكذلك في صياغة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر أو في خارجها.
ويتألف إعلان الأزهر حول الحرية والمواطنة من ستة بنود أساسية وهنا أهم النقاط والمبادئ التي تضمّنها:
أولاً: إن مصطلح “المواطنة” هو مصطلح أصيل في الإسلام، وقد شعّت أنواره الأولى من دستور المدينة وما تلاه من كتب وعهود لنبي الله – صلى الله عليه وسلم – يحدّد فيها علاقة المسلمين بغير المسلمين في أول مجتمع إسلامي أسسه، هو دولة المدينة. هذه الممارسة لم تتضمن أي قدر من التفرقة أو الإقصاء لأي فئة من فئات المجتمع آنذاك، وإنما تضمّنت سياسات تقوم على التعددية الدينية والعرقية والاجتماعية، وهي تعددية لا يمكن أن تعمل إلا في إطار المواطنة الكاملة والمساواة التي تمثلت بالنص في دستور المدينة على أن الفئات الاجتماعية المختلفة ديناً وعرقاً هم “أمة واحدة من دون الناس”، وأن غير المسلمين لهم ما للمسلمين،

مشهد-عام-لقاعة-المؤتمر-والمشاركين
مشهد-عام-لقاعة-المؤتمر-والمشاركين

وعليهم ما على المسلمين.
ثانياً: إن أول عوامل التماسك وتعزيز الإرادة المشتركة يتمثل في الدولة الوطنية الدستورية القائمة على مبادئ المواطنة والمساواة وحكم القانون، كما إن تجاهل مفهوم المواطنة ومقتضياته يشجّع على الحديث عن الأقليات وحقوقها والذي كنا نظن أنه ولى بتولي عهود الإستعمار، إلا أنه أعيد استخدامه أخيراً للتفرقة بين المسلمين والمسيحيين، بل بين المسلمين أنفسهم، لأنه يؤدي إلى توزّع الولاءات والتبعية لمشروعات خارجية.
ثالثاً: نظراً إلى ما استشرى في العقود الأخيرة من ظواهر التطرف والعنف والإرهاب التي يتمسح القائمون بها بالدين، وما يتعرّض له أبناء الديانات الأخرى والثقافات الأخرى في مجتمعاتنا من ضغوط وتخويف وتهجير وملاحقات واختطاف، فإن المجتمعين من المسيحيين والمسلمين في مؤتمر الأزهر يعلنون أن الأديان كلها براءٌ من الإرهاب بشتى صوره، وهم يدينونه أشدّ الإدانة ويستنكرونه أشدّ الاستنكار.
رابعاً: إن حماية المواطنين في حياتهم وحرياتهم وممتلكاتهم وسائر حقوق مواطنتهم وكرامتهم وإنسانيتهم، صارت الواجب الأول للدول الوطنية التي لا يصح إعفاؤها منها، ولا ينبغي بأي حالٍ من الأحوال مزاحمة الدولة في أداء هذا الواجب أياً كان نوع المزاحمة.
إننا اليوم مدعوون جميعاً بحكم الانتماء الواحد والمصير الواحد إلى التضامن والتعاون لحماية وجودنا الإنساني والاجتماعي والديني والسياسي، فالمظالم مشتركة، والمصالح مشتركة.
خامساً: إننا لنتطلع إلى إقامة المزيد من صلات التعاون بين سائر المؤسسات الدينية والثقافية والإعلامية في العالم العربي، من أجل العمل معاً في مجالات الإرشاد والتربية الدينية والأخلاقية، والتنشئة على المواطنة، وتطوير علاقات التفاهم مع المؤسسات الدينية العربية والعالمية، ترسيخاً للحوار الإسلامي المسيحي وحوار الحضارات.
سادساً: إن طموح الأزهر ومجلس حكماء المسلمين من وراء هذا المؤتمر هو التأسيس لشراكة متجددة أو عقد مستأنف بين المواطنين العرب كافة، مسلمين ومسيحيين وغيرهم من ذوي الانتماءات الأخرى، يقوم على التفاهم والاعتراف المتبادل والمواطنة والحرية. إن المجتمعين مسلمين ومسيحيين يجددون عهود أخوتهم، ورفضهم أية محاولات من شأنها التفرقة بينهم، وإظهار أن المسيحيين مستهدفون في أوطانهم، ويؤكدون أنهم مهما فعل – ويفعل – الإرهاب بيننا في محاولة للإساءة إلى تجربتنا المشتركة، واستهداف مقومات الحياة في مجتمعاتنا لن ينال من عزيمتنا على مواصلة العيش الواحد وتطويره والتأكيد على المواطنة فكراً وممارسة، وهو -سبحانه- من وراء القصد، وهو حسبُنا ونعم الوكيل.

شيخ-الأزهر-الدكتور-أحمد-الطيِّب-يلقي-خطاب-الافتتاح
شيخ-الأزهر-الدكتور-أحمد-الطيِّب-يلقي-خطاب-الافتتاح

مواقف بارزة في كلمة شيخ الأزهر

إفتتح شيخ الأزهر في مؤتمر الحرية والمواطنة بكلمة بليغة عبّرت عن أبرز الهموم الواقعية التي يواجهها الإسلام في علاقاته بالعالم وفي تعامله اليوم مع غير المسلمين، وتميّزت كلمة الدكتور الطيب بموقفها التقدمي والجريء من المسائل المثارة كما يبدو من المقتطفات التالية:
• إن رسالات الأنبياء التي تصطدم اصطداماً مدوياً بكل التفسيرات المغشوشة التي تتنكَّب بها طريق الأديان، بل وتُخطف بها النصوص المقدسة لتصبح في يد القِلَّة المُجرمة الخارجة عليها، وكأنها بندقية للإيجار، لِمَن ينقد الثمن المطلوب من سماسرة الحروب وتُجَّار الأسلحة، ومُنظِّري فلسفات الاستعمار الجديد.
• هل الإرهاب صناعة محلية، أو صناعة عالمية، أُحِكمَت حلقاتُها، ثم دُبِّرت بليل في غفلة، أو في تواطؤ مع كثير من الساهرين على حقوق الإنسان.
• إن هذه الشرذمة (التكفيريين) الشاردة عن نهج الدين كانت إلى عهد قريب محدودة الأثر والخطر، وكانت من قلة العُدَّة وضعف العتاد عاجزة عن تشويه صورة المسلمين، إلَّا أنَّها الآن، أوشكت على أن تُجيِّشَ العالَم كُلَّه ضِدَّ هذا الدِّين الحنيف.
• إن المتأمل المنصف في ظاهرة الإسلاموفوبيا لا تخطئ عيناه هذه التفرقة اللامنطقية، أو هذا الكيلَ بمكيالين بين المحاكمة العالمية للإسلام من جانب، وللمسيحية واليهودية من جانب آخر، رُغم اشتراك الكل في عريضة اتهام واحدة، وقضية واحدة هي قضية العنف والإرهاب الديني، فبينما مرَّ التطرُّف المسيحي واليهودي برداً وسلاماً على الغرب من دون أن تُدنَّس صورة هذين الدينين الإلهين؛ إذا بشقيقهما الثالث يُحبَسُ وحده في قفص الاتهام، وتجري إدانتُه وتشويه صورتهِ حتى هذه اللحظة.
• إن الإسلاموفوبيا إذا لم تعمل المؤسسات الدينية في الشرق والغرب معاً للتصدي لها، فإنها سوف تطلق أشرعتها نحو المسيحية واليهودية إن عاجلاً أو آجلاً.
• إن تبرئة الأديان من الإرهاب لم تعد تكفي أمام هذه التحديات المتوحشة، وأن خطوة أخرى يجب علينا أن نبادر بها، وهي: النزول بمبادئ الأديان وأخلاقياتها إلى هذا الواقع المضطرب، وأن هذه الخطوة تتطلَّب – من وجهة نظري- تجهيزات ضرورية، وأولها إزالة ما بين رؤساء الأديان وعلمائها من بقايا توترات وتوجسّات لم يَعُد لوجودها الآن أيُّ مُبرِّر، فما لم يتحقق السلام بين دُعاته أولاً لا يمكن لهؤلاء الدُّعاة أن يمنحوه للناس، وأنى لفاقد شيء أن يمنحه لغيره! وهذه الخطوة بدورها لا تتحقَّق إلَّا مع التعارف الذي يستلزم التعاون والتكامل، وهو مطلب ديني في المقام الأول.
• إن الأزهر حين يدعو إلى نشر مفهوم “المواطنة” بديلاً عن مصطلح “الأقلية والأقليات”، فإنما يدعو إلى مبدأ دستوري طبقه نبي الإسلام صلّى الله عليه وسلّم على أول مجتمع مسلم في التاريخ، وهو دولة المدينة، حين قرر المساواة بين المسلمين من مهاجرين وأنصار، ومِن اليهود بكل قبائلهم وطوائفهم بحسبان الجميع مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، وقد حفظ لنا تراث الإسلام في هذا الموضوع وثيقة مفصَّلة في شكل دستور لم يعرفه التاريخ لنظام قبل الإسلام.
• إن الإسلام ينبهنا إلى حق أصيل فطر الله الإنسان عليه، وهو حق الحرية والتحرر من الضغوط، وبخاصة: ما يتعلق بحرية الدين والاعتقاد والتمذهب: }لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ{ البقرة: 256، }وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ{يونس: 99، }لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ{الغاشية: 22، }إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ {الشورى: 48. وكان من بين البنود التي اشتمل عليها كتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ، وأنه: “مَنْ كَرِهَ الْإِسْلَامَ مِنْ يَهُودِيٍّ، أَوْ نَصْرَانِيٍّ، فَإِنَّهُ لَا يُحَوَّلُ عَنْ دِينِهِ”، إلى آخر كل هذه النصوص الدينية المُؤسِّسَة لحقِّ الحُريَّة والتحرُّر.

سماحة شيخ عقل الطائفة في كلمة إلى مؤتمر الأزهر

الأزهر إستكمل دوره التاريخي التنويري
بدعم الدولة الدستورية الديمقراطية الحديثة

تلا فضيلة القاضي الشيخ غاندي مكارم كلمة سماحة شيخ عقل طائفة الموحِّدين الدروز الشيخ نعيم حسن أمام مؤتمر الحرية والمواطنة معبراً في البدء عن تثمين سماحة شيخ العقل لما يقوم به الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين عبر هذا النوع من الملتقيات الروحية الرفيعة المستوى، ملمحاً في البدء إلى “أنَّ المواطَنة مفهوم مدنيّ مرتبط بحقوق الإنسان، تأسَّس في الأفكار التي طرحتها الثورة الفرنسيَّة، ثم تطوَّر نتيجة بروز القوميَّات، وصولاً إلى تجسيده في نصوص عالمية أبرزها ميثاق الأمم المتحدة وشرعة حقوق الإنسان”.
وأضاف سماحة شيخ العقل: “إن العدل ضرورة يوجبُها العقلُ النيِّر المسترشِد بحكمة الحكيم، وإنَّ مقاصدَ الشريعة كلّها تهدفُ إلى حفظ نظام العالم بتحقيق المصالح وإبطال المفاسد” مشيراً إلى أن “المصالح الضروريَّة” تتمثل بـالكلّيات الخمس وهي: حقّ الدّين (المعتقد) وحقّ النفس، وحقّ العقل وحقّ النسل وحقّ المال، وهذه الحقوق الطبيعية أكّد عليها الرُّسل جميعاً”.
ودعا سماحة شيخ العقل إلى التوقف مليّاً أمام ما حقَّقه الأزهر الشريف استكمالاً لدوره التاريخي التنويريّ، ولاسيما تصدّيه للمسائل الدقيقة، حين أصدر تباعاً (منذ العام 2011) الوثائق الهامَّة المعروفة حول “مستقبل مصر”، وفي مساندة حركات التحرُّر العربيّ، وفي بيان منظومة الحرّيات الأساسيَّة، وفي حقوق المرأة، آخذاً في الاعتبار الأبعاد الفقهيَّة والتاريخيَّة والحضاريَّة الإصلاحيَّة، وهو الذي تحدّث بشجاعة عن دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستوريَّة الديمقراطيَّة الحديثة، واحترام أدب الاختلاف، واحترام المواثيق الدوليَّة، كما أكَّد على حرِّيَّة العقيدة وحرية الرأي والتعبير، وحرية البحث العلمي”.
وقال سماحة شيخ العقل: “إنَّ مبدأ “المواطنة” علَّة وجود معظم ما تضَّمنته تلك الوثائق من مفاهيم ومقاربات، وهذا أمرٌ في غاية الأهميَّة من حيث إنجازه من قبَل مرجعيَّة هي مرجعيَّة الأزهر الشريف، ومن حيث إنه أرسى قواعد التطوير والتأصيل من دون أن ننسى بالطبع محطات التنوير التي يسعى المخلصون إلى انعقادها حول هذه المواضيع على امتداد العالم العربي والإسلامي”.
واستذكر سماحة شيخ العقل في سياق مخاطبته للمشاركين كلام الأمير شكيب أرسلان حين قال: “كما إنّ آفة الإسلام هي الفئة التي تريدُ أن تلغي كلَّ شيءٍ قديم، من دون نظر في ما هو ضارّ منه أو نافع، كذلك آفّة الإسلام هي الفئة الجامدة التي لا تريدُ أن تغيِّرَ شيئاً، ولا ترضى بإدخال أقلّ تعديل على أصُول التّعليم الإسلامي..”. ويعبِّر بشكلٍ رائع عن هذا الخلل بعبارة موجزة بالغة البيان: “أضاعَ الإسلامَ جاحدٌ وجامد.” وقد تساءل الأميرُ شكيب أرسلان وهو المؤمن العارف بالمضامين العميقة لكتاب الله وواقع المسلمين، قائلاً: “إنَّ الإسلامَ هو من أصله ثورةٌ على القديم الفاسد، وجَبٌّ للماضي القبيح، وقطع كلّ العلائق مع غير الحقائق، فكيف يكونُ الإسلامُ ملَّةَ الجمود؟” وختم سماحته الرسالة بالدعاء “أن يسدد الله تعالى خطانا ويوفِّقنا إلى ما فيه خير أمَّتنا وينوِّر بصائرنا بهداه”.

لبنان يكرِّم الشيخ محمد أبو شقرا

لبنان بأسره التقى يوم السبت 20 أيار في قصر الأونيسكو لإحياء الذكرى 25 لرحيل شيخ العقل الشيخ محمد أبو شقرا . كان الاحتفال حاشداً تمثلت فيه الرئاسات الثلاث والقيادات الروحية للطوائف الإسلامية والمسيحية كما حضره ممثلون عن القيادات السياسية الحزبية والمدنية وحشد كبير من المشاركين غصت بهم قاعة الاحتفالات الكبرى لقصر الأونيسكو.

الافتتاح
قدّم الحفل رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي الدرزي الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، الذي تحدث عن مسيرة الشيخ الراحل، مستذكراً مواقفه الوطنية والعروبية فاعلاً ومتفاعلاً مع أخوانه القادة الروحيين، حريصاً على الوحدة الوطنية، ضنيناً بوحدة الصف الدرزي، وهو القائل في وداع الأمير مجيد أرسلان في العام 1983: إن إقامة حفل الصلاة في قصر المختارة العامر، يثبت أننا كلنا واحد، وأن موقف الطائفة عزيز بوحدة صفها قوي باتحاد كلمتها، ثم ألقى رئيس بلدية عماطور وليد ابو شقرا، كلمة قال فيها: “علمتنا سيرته من خلال مسيرته، ألا نقول سنفعل، بل أن نقول فعلنا، وقد علّمتنا مسيرته أن نكون حكماء”. وتبع ذلك عرض فيلم وثائقي يروي سيرة حياة الراحل، من إعداد دائرة الإعلام في مؤسسة العرفان التوحيدية.

ممثل الراعي: مصالحة الجبل أنهت عقدة الحرب
وألقى ممثل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المطران بول عبد الساتر كلمة قال فيها: لقد واكب سماحة الشيخ الراحل الأحداث اللبنانية، وكانت له المواقف الواضحة، التي شدّد فيها على ضرورة ترسيخ الروح الوطنية والمساواة بين المواطنين، فلبنان وفق ما صرّح به في العام 1986 “هو وطن لجميع اللبنانيين وسيبقى للجميع، وبالتالي لا للدولة المسيحية ولا للدولة الإسلامية، نعم لدولة تضم جميع اللبنانيين”.
ونوّه المطران عبد الساتر بالمصالحة التاريخية في الجبل التي أرسى مداميكها غبطة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، مع معالي الأستاذ وليد جنبلاط في آب 2000 والتي حرّرت الوطن من عقدة الحرب “داعياً للمحافظة على الميثاق الوطني وصيغته الفريدة التي جعلت من لبنان بلد الرسالة كما سماه البابا القديس يوحنا بولس الثاني، إبان زيارته التاريخية إلى لبنان سنة 1997” وحذّر عبد الساتر من استمرار التجاذب حول قانون الانتخاب والذي قد يؤدي إلى “انهيار الهيكل على رؤوس الجميع لا سمح الله”.

حضور كثيف رسمي وشعبي
حضور كثيف رسمي وشعبي

ممثل مفتي الجمهورية: سنبقى معكم في السرّاء والضرّاء
وألقى ممثل المفتي عبد اللطيف دريان الشيخ خلدون عريمط كلمة حيّا فيها “ هذه المشيخة الوطنية الإيمانية والعربية، التي يقودها الآن سماحة الشيخ نعيم حسن” مشدداً على أن لبنان وطن العروبة والإنسان والإيمان، لا يمكن أن يعيش إلا بجميع أبنائه مسلمين ومسيحيين، شعباً واحداً متساوياً في الحقوق والواجبات أمام القانون. واعتبر ذكرى الوفاء لسماحة الشيخ الراحل محمد أبو شقرا، مناسبة لتسليط الضوء على “صفحة مشرقة من التعاون بين المراجع الدينية الإسلامية والمسيحية، للحفاظ على عروبة لبنان ووحدة شعبه وإبعاده عن المحاور الإقليمية والدولية وبناء الدولة الوطنية القوية والعادلة” وقال إن الشيخ محمد أبو شقرا بقي رغم الصراعات وفوضى السلاح ومآسي الحرب “كبيراً في مواقفه الإسلامية والوطنية، رافضاً كل تقسيم أو تجزئة لأن لبنان كما كان يراه مع الكبار، لا يمكن أن يقسّم أو يبتلع، ولا يمكن أن يكون إلا سيداً حراً عربياً مستقلاً محباً لأشقائه العرب ومحتضناً لقضاياهم العادلة ولاسيما قضية فلسطين”.

الإرهاب عدوّ للإسلام والمسيحية
وأضاف: “في ذكرى الوفاء هذه، نقول لسماحة الشيخ نعيم حسن وأركان طائفة الموحدين الدروز الأشقاء لنا، كنا وسنبقى معاً في السراء والضراء، ومعاً ومع المراجع الدينية والقيادات السياسية الأخرى المخلصة والصادقة سننهض بلبنان الدولة والمؤسسات الشرعية، ومعاً يداً بيد لبناء الدولة الوطنية، دولة المواطنة والحرية والعدالة والمساواة، حيث لا سلطة على الأرض اللبنانية إلا سلطة الدولة، ولا قوة إلا قوتها، ومعكم يا صاحب السماحة ومع كل الأخيار في هذا الوطن، لا نريد لبنان أن يكون ساحة صراع لتوجيه الرسائل إقليمياً أو دولياً، معتبراً “أن الإرهاب هو عدوٌ للإسلام ولكل الأديان وأنه بضاعة مستوردة إلى شرقنا العربي، وهو مستمرّ بدعم من أعداء العرب والإسلام لضرب الوحدة الوطنية في كل قطر عربي وإسلامي، فلا مكان للمذهبية والطائفية والعصبية والغلو في عقيدتنا الإسلامية”.

قبلان: لا للفراغ والطائفية
ثم تحدّث رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان مذكراً بأن الشيخ محمد أبو شقرا توفي وبين شفتيه “إياكم والفتنة، فإنها تبدأ بالسياسة وتنتهي ببحر من الدم الطائفي الكفيل بإغراق لبنان”. وقال قبلان:”ليست السياسة أن تربح لأخسر، بل السياسة أن نربح معاً، ليبقى لبنان، داعياً إلى قانون انتخاب لا ثأر فيه ولا تشفياً ولا حقداً، لنضمن عدالة التمثيل الوطني ونلحظ الهواجس، على قاعدة “لبنان لكل اللبنانيين” ودعا إلى توفير أطر سياسية تشريعية تمنع الاستبداد بالسلطة والجموح بالمركز والاستغلال للطائفة، والاستئثار بالمال، مشدداً على رفض الفراغ والمغامرة بالبلد وإسقاط شرعية المؤسسات. وأكّد قبلان على أن المطلوب دعم الشرعية ومنع الفراغ، وتأكيد الوطنية لا الطائفية، مطالباً الرئيس ميشال عون بـوقفة وطنية يعبّر عنها بقانون انتخاب وطني يربح فيه لبنان، ليمنع الطائفية من إحراق هيكل هذا البلد”.
وفي الختام، ألقى شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز كلمة جامعة مهمة نفرد لها حيزاً خاصاً إلى جانب هذا الموضوع ، وبعد الكلمات، توجّه الحضور إلى ساحة وطى المصيطبة، حيث تمت إزاحة الستار عن النصب التذكاري للراحل الشيخ محمد أبو شقرا وهو من تصميم المهندسة هلا أبو شقرا وتنفيذ النحات الشيخ صلاح نبا.

رسالة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن

رسالة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز
الشيخ نعيم حسن

قتل النفس

إنّ من حِكمة الله عزّ وجلّ أن جَعلَ الإنسانَ الناطقَ الغرَضَ من الموجودات. قال تعالى: ﴿ثمّ سوَّاه وَنفَخ فِيهِ مِن رُّوحِهِ﴾

(السجدة 9)، وسَخّر له الليل والنّهار والشَّمس والقمر والبحر والأنهار وما في السموات وما في الأرض، وجعله كامن الجوهر، تامّ القصد، على أحسن تصوير وأجْود تقدير وأتمّ تدبير كما قال عزَّ مِن قائل ﴿لقد خلقـنا الإنسانَ في أحسن تقويم﴾، وفسّرَ البيضاويّ هذه الآية فقال: “بأن خُصَّ بانتصابِ القامة، وحُسنِ الصورة، واستِجماع خواص الكائنات ونظائر سائر المُمكِنات.” وقال تعالى:﴿علَّمَهُ البيان﴾ أي أنَّ اللهَ علَّم الإنسان ما به الحاجة إليه من أمر دينه ودُنياه من الحلال والحرام، والمعايش والمنطق، وغير ذلك.

لقد سبق وأكّدنا مراراً بان المُوَحِّد يقرّ إقـراراً راسِخاً بأنَّ الانسان روح وجسد وأن (الرُّوح مِن أمرِ ربِّي)(الإسراء 85)، ولأنَّها بِهَذا الَمقام الجليل، ومِن ذلك الأصل النّوراني الأَقدس، فهي خالدة بَاقيَة، حاشَاها مِن وَضعها علَى قدم المُساواة مَع الجسم الفاني المكوَّن كما ورد في القرآن الكريم من (صَلصَالٍ كالفخَّار)(الرحمن 14)، يَفنَى بِانحلال العناصر، ويَتهافَت بمرور الزَّمن. إنَّ فَانـيَيْـن لاَ يُكوِّنَا إنسانَا، وحَريٌّ بالمرء أَن لا يظلم نَفسه بإهمال الجوهر الباقي، والانشِغال بِالعَرَض الفانِي.

انتشرت ظاهرة الانتحار في المجتمع التوحيدي وهي غريبة عن مجتمعنا حيث تشير الدراسات الى تكاثرها في المجتمع الغربي، وهي تزداد اليوم مع ازدياد المخاطر التي يتعرض لها المرء من وسائل التواصل الاجتماعي والتقدّم الذي جاء بمزيد من التسهيلات للإنسان.

الانتحار قد يكون متعمداً مع أهلية المرء، وهذا يتنافى مع مبدأ الثقة بالله والتي هي أفضل العبادات بل هو تحد لإرادة الخالق، واعتداد باطل بالنفس، ويأس من رحمة الله تعالى، وانكار لفضله، وتشكيك في عدله، وحاشاه من ذلك، وهو ايضاً تمرد على قضاء الله وقدره وعدم الرضا به، ولحظة نفاذ صبر على البلاء والصعوبات، وهو وساوس الشيطان لقلوب ضعيفة الايمان. إن سبب المشكلة لا يتعدّى التعلق بشيء مادي، فمن ليس له تعلق بشيء لا ينتحر لشيء، ولا يجوز عند المؤمنين سوى التعلق بالله وحده،
وقد يكون المنتحر يعاني من اضطرابات نفسية، أو قد يعاني من هلوسات تسهل عليه عملية إيذاء نفسه. وأكثر الأسباب تعود للتفكك الاسري وكثرة المشاكل في الاسرة والمشاكل النفسية مثل الإكتئاب والعزلة والابتعاد عن الناس. او تعاطي المخدرات التي تهيىء للمدمن اموراً غير ما هو في الواقع، أو تناول بعض أنواع الادوية، التي تترك انعكاسات تخفف له من حدّة ما هو مقدم عليه.

أمام خطورة الواقع ندعو الجمعيات الاهلية للتعاون مع المجلس المذهبي والاهتمام بهذه الظاهرة، والاكثار من الندوات لنشر الوعي والثقافة ومفهوم التربية الصحيحة الهادفة الى تهذيب الاخلاق واستشعار الخلاق، ومن أهم البرامج التي يجب اعتمادها إطلاق برامج سلامة الطفل وفقاً لقوانين الطبيعة. فإننا نرى ان عديداً من العائلات انجبت ثلاثة أولاد في ثلاث سنوات وذلك في جهل مطبق لقواعد الحمل والانجاب وعدم احترام فترة الارضاع وسلامة حليب الام، ومن ناحية أخرى أصبح الواقع يفرض وجود مراكز استشفاء ومعالجة من ادمان المخدرات.

الى جميع الشباب والشابات نقول:
ان قتل النفس حلّ هادم لصاحبه وليس حلاً لأية ازمة أو مشكلة، هنالك دائماً الكثير من البدائل حين تتأزم الأمور وتشتدّ المحن، علينا ان نلتمس النور وسط السواد الحالك الذي قد يحيط بنا. فلا بدّ ان يتحقق الخروج من النفق المظلم وان تنتصر إرادة الحياة وهذا ما يتفق تماماً مع المنظور الديني للتعامل مع البلاء والشدائد بالعودة الى الله سبحانه وتعالى والتمسك بإيمان قوي والتحلّي بالصبر والثبات حتى يقضي الله امره هو على كلّ شيء قدير. دون ان ننسى اننا بحاجة دائماً الى التمرّد الخلاق فهو كما يقول الشهيد كمال جنبلاط يعوزنا كالماء والخبز والنور والهواء. دون ان ننسى قول الشاعر:
يـــــــا خادمَ الجسم كم تشقـى بِخدمتــــــــه أتطلب الربح فيمـا فيـه خســـــــران
أقبل على النفس واستكمل فضائلها فـأنـت بـالنـفس لا بالجسـم إنســان

العمل البلدي

الضُّحى تُطلقُ باباً خاصّاً بالعملِ البلدِيِّ

حـــــــــــــقُّ الاطّـــــــلاع
واجــــــبُ المُشـــاركَة

رغم أهمّيته الكبيرة لعمليّة التّنمية المحلّيّة فإنّ العمل البلديّ لا يحظى بالاهتمام والمتابعة اللّازمين، فلا معلومات كافية عمّا يجري في البلديّات ولا اهتمام بالتّجارب النّاجحة أو تبادل خبرات وتعاون بين البلديّات أو بين اتّحاداتها، ولا تفاعل حقيقيّاً بين البلديّة وبين الجمهور الذي انتخبها ولا شفافية مالية بشأن موارد البلدية وأوجه إنفاقها متاحة للمواطنين دافعي الرسوم ولا تقاريرَ سنويًّة من قبل المجالس البلديّة ولا غيرَ ذلك من أساسيّات الوضوح والتّشارك بين المجلس وبين المواطنين. لهذه الأسباب تُطلق “الضّحى” مع هذا العدد باباً مخصّصاً لمتابعة عمل البلديّات تأمل أن يساهم في مواجهة تلك النّواقص وأن يحفّز إلى مزيد من الشفافيّة في العمل البلديّ وإلى تحسين مستويات التّواصل داخل القرية وتطوير ثقافة الخدمة والعمل العامّ.

إنّ العمل البلديّ (والمخترة) هو الآن الصّيغة الأقدم والأكثر نضجاً للحكم المحلّي الذي نمارسه منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وهذا العمل في قرى الجبل (على سبيل المثال) يشمل بفوائده مئات الألوف من المواطنين وتتوافر له ميزانيات استثمار بعشرات الملايين من الدّولارات. فضلاً عن ذلك فإنّ المجلس البلديّ ينتمي إلى البلدة وهو مُنتَخب من سكّانها ويخضع لإعادة الانتخاب كلّ ستّ سنوات بينما الإدارة الحكوميّة لا هي منتخبة ولا هي خاضعة للمسائلة من قبل المواطن دافع الضّرائب.
أخيراً فإنّ العمل البلديّ مموّلٌ بنسبة كبيرة من المكلّفين المحلّييّن من خلال الرّسوم البلديّة المختلفة وهذه السّمة تعتبر في أساس العلاقة التّعاقديّة بين البلديّة وبين السكّان وهي أيضاً في أساس ما يعتبره المواطنون حقّهم في أن يعرفوا ماذا يجري في البلديّة وفي البلدة وإن كانت الأكثريّة منهم، و لأسباب عديدة، لا تمارس هذا الحقّ كما هو مفترضٌ حتى الآن.
فما هو سبب هذه اللّامبالاة؟ وكيف نفسّر هذا التّناقض بين الحُمّى التي تسبق الانتخابات البلديّة والهدوء الذي يحلّ على البلدة، بل حالة النّوم التي تقع فيها لمدّة ستِّ سنوات كاملة؟!!
سبب ذلك واضح وبسيط وهو أنّ أكثر البلديّات يتمّ انتخابها على أسس عائليّة بل وعلى أساس تحالفات داخل العائلات نفسها، وبالطّبع عندما تفوز البلديّة بأصوات نِصف النّاخبين أو أكثر فإنّ أكثر هؤلاء سيكتفون من العُلى بمجرد فوز اللّائحة التي دعموها وهم يشعرون بأنّهم هم الذين “ربحوا” البلديّة، وبذلك فإنّ شعورهم الأصليّ هو الولاء للرّئيس أو لأكثرية الأعضاء التي تنتمي إليهم وهم سيميلون للدّفاع عن البلدية تجاه انتقادات “المعارضة” التي لم تُوَفّق في الانتخابات. أمّا المعارضة المُحْبَطة فإنّ لسان حالها غالباً هو إمّا أن نكون نحن في البلديّة وإمّا أن ننصرف عن العمل البلديّ بكلّيته في انتظار تغيير الأمور في انتخابات قادمة، وهذا حصل فعلاً في بلدات عدّة.
كلا الفريقين بذلك، أي الذين ساهموا في إنجاح المجلس المُنتخَب والذين لم يصوتوا له ينتهيان إلى موقف السّلبية واللّامبالاة، وهو عكس المُرتَجى بالطّبع لأنّ العمل البلديّ النّاجح في حاجة إلى كلّ كفاءة في القرية بمن في ذلك الذين كانوا بالأمس في خانة المنافسين و”الخُصوم”. وبسبب هذه السّلبية ينصرف المجلس البلديّ إلى العمل لكن من دون مشاركة كافية من النّاس، وبعض أقطاب العمل البلديّ يساهمون في هذا الوضع عندما لا يبذلون جهوداً كافية لبناء ائتلافات ذات طابع تمثيليّ واسع أثناء الانتخابات ولا يسْعَوْن (بعد فوزهم في الانتخابات) لاستقطاب شخصيّات وكفاءات مستقلّة أو أشخاصٍ من أصحاب التّجارب لاستشارتهم وإعطائهم دوراً في العمل العامّ في البلدة، وسبب ذلك أنّ كلّ مجلس بلديٍّ يريد أن يُنسِبَ الفضل في العمل إليه ليكون ذلك بمثابةِ ورقةٍ في يده في الانتخابات التّالية، وهذا من أبرز علامات ضَعف ثقافة العمل المدنيِّ والحكم المحلّيِّ التّشاركيِّ الذي هو من النِّعِم القليلة التي يوفّرُها النّظامُ السّياسيُّ في لبنان.

رئبس التحرير

تحت الضوء

المجلس البلدي العاشر في نيحا
يبني على سجل طويل من الإنجاز

أولويات للمجلس الجديد: البيئة والتكميلية والنفايات

السيد-وهيب-غيث-رئيس-بلدية-نيحا
السيد-وهيب-غيث-رئيس-بلدية-نيحا

الانتخابات البلدية الأخيرة في نيحا خلفت أجواء يصعب اجتنابها في مناخ المنافسة على الرئاسة وفي تشكل اللوائح، وقد ساهم في ذلك التركيبة المعقدة لعائلات البلدة التي تتوزع تاريخيا على ثلاث أنساب أو عشائر هي : بنو قعيق وبنو خميس وبنو ركين.
تشكل المجلس البلدي العاشر 2016 لبلدة نيحا من السادة: وهيب غيث رئيساً، داني ابو هدير نائباً للرئيس، وفاء فرحات، أنيس الشمندي، أنطوان العجيل، منرفا الحداد، وديع أبي راشد، محمود ماجد، صلاح أبو رشيد، ماهر الزويني، سهيل مرشاد. وانتخب كل من نبيل عزام والمختار نجم ذبيان لمنصب المختار.
ويرأس رجل الأعمال المعروف وهيب غيث البلدية للمرة الثانية ( إذ تولى رئاسة البلدية في الفترة 1998-2004) وهو يحمل إلى ذلك تجربة طويلة في العمل المحلي والعمل الشعبي في نيحا وقد التقته “الضحى” وسألته عن أجواء العمل البلدي في البلدة وعن مشاريع المجلس البلدي الجديد فقال:
• كل انتخابات فيها منافسة، ومن الصعب (خصوصا في البلدات المتعددة العائلات) التوصل إلى تزكية (كما حصل في عدد محدود من قرى في الجبل) لذلك يبقى أن يترك الأمر للناخبين، وأعتقد أن من المهم القبول بنتائج الاقتراع وإلا فإن العملية لا يعود لها قيمة.

> الضحى: ما هي أهم مشاريع المجلس البلدي الجديد.؟
سنركز على المشاريع المهمة التي لم يتح الوقت للبلديات السابقة لاستكمال تنفيذها وهي كثيرة ومتشعبة، والعمل البلدي استمرارية ولا يتوقف. سنعطي اهتماما خاصا لتكملة شبكة الصرف الصحي لتشمل كل بيوت نيحا وصيانة مياه الشفة وإعادة تأهيل عدد من الطرقات الفرعية كما سنتابع متابعة موضوع النفايات ونركز على توفير الدعم اللازم للتكميلية والثانوية والمحافظة على الثروة الحرجية. وأهم شيء العمل من أجل الإفراج عن أموال البلديات التي هي في عهدة الصندوق المستقل للبلديات.
> الضحى: ما هي أبرز الإنجازات التي حققتها بلديات نيحا المتعاقبة للبلدة؟
أكرر أن العمل البلدي استمرارية ونحن وكافة أهالي نيحا ممتنون جدا للجهود التي بذلتها البلديات السابقة والتي أثمرت إنجازات عديدة ساهمت في جعل نيحا إحدى أجمل قرى المنطقة وأخص بالذكر إنشاء الحديقة العامة في محلة السهل على مساحة 3000 متر مربع وتجهيز الشوارع العامة بشبكة إنارة حديثة وإنشاء بئر ارتوازي لمياه الشفة في محلة النبع لحل مشكلة المياه في البلدية، مع مدّ خط 4 إنش وصولاً إلى الشبكة العامة، وتكملة العمل في مبنى رابطة التضامن الاجتماعي وقاعة الاجتماعات ومكتبة العامة والمستوصف الخيري. لقد جرى الاهتمام أيضا بتطوير وتحديث شبكة مياه الشفة والبنى التحتية من طرقات وجدران دعم فضلا عن العناية بالأحراج وتنميتها عبر غرس الأشجار وغيرها الكثير.

تنظيم وجود السوريين

تنظيمُ وجود السّورييّن

لا زال التّعامل مع الإخوة السّورييّن في قُرى الجبل يفتقد إلى التّنسيق بين البلديّات المختلفة التي يطبق كلٌّ منها تدابير لا تتّفق بالضّرورة مع ما هو متّبع في بلدات مجاورة. فإحدى البلديّات مثلا تتقاضى مبلغاً محدوداً من كلّ أسرة سوريّة كتعويض عن الخَدمات البلديّة وبلديّة ثانية تتقاضى مبلغ 10 آلاف ليرة مقابل جمع النّفايات وبلديّة ثالثة لا تتقاضى أيّة مبالغ لكنّها تتجه لتطبيق رسوم “المسقَّفات” (أي الرّسم على القيمة التأجيرية) على المقيمين السّورييّن إسوة بالمقيمين اللّبنانييّن. وهناك أكثر من نظام لساعات التّجوّل من حيث تحديد فترة السّماح به وفترة الحظر، وتقوم بلديّات بتطبيق إجراءات أمنيّة تتضمّن تركيب كاميرات بينما لا ترى بلديّات أخرى ضرورة لذلك وتزيد بعض البلديّات على ذلك تكليف شباب بأعمال الحراسة قد يزيد عددهم في بعض البلديّات عن 10 أو 15 شخصاً بينما تخالف بلديّات أخرى هذا المبدأ لصالح تعيين شخص أو شخصين بأعمال السّهر على أمن القرية. ألم يَحِن الوقت لوضع نظام متجانس تجاه السّورييّن في مختلف قرى الجبل بالتّعاون مع الجهات المختصّة؟

احتراق معمل فرز النّفايات في بعذران
احتراق معمل فرز النّفايات في بعذران

احتراق معمل فرز النّفايات في بعذران

نتيجة الإهمال وسوء الإدارة شبّ حريق هائل في معمل فرز النّفايات في بعذران الذي أُنشئ حديثاً وهو مخصّص لفرز النّفايات في الشّوف الأعلى أدىّ لتوقّفه عن العمل وقد تطلب إصلاحه أكثر من ثلاثة أسابيع بكلفة مادية عالية. ولم تُعرَف بعد أسباب الحريق، وما إذا كان بسبب وجود موادّ الاشتعال بين النّفايات التي تنقل إلى المعمل الذي يستوعب من 12 إلى 20 طن من النّفايات يوميّاً.
في هذا الوقت يتابع اتّحاد بلديّات الشّوف السّوَيْجاني عمليّة إدارة معمل فرز النّفايات الصّلبة في منطقة الصّليِّب في خَراج بَلدة الكحْلونية وذلك بعد أن قرّر تولّي الأمر بنفسه على أثر خلاف مع المتعهّد الذي اعتُبِرَ غير متقيّد بشروط الالتزام. ويستقبل معمل فرز النّفايات نحو 40 طنّاً يوميًّا من النّفايات المنزليّة في قرى الاتّحاد التّسع وهي بعقلين وعينبال وغريفة وعترين والسّمقانيّة وعين وزين والجديدة والمزرعة والكحلونيّة. وتتّبِع القرى جدولاً محدّداً ينظّم استقبال المعمل للنّفايات من كلّ قرية في أيّام معيّنة من الأسبوع كما يعين عدد رحلات الشّاحنات الصّغيرة المخصّصة لكلّ قرية .

إزالة المطبَّات في عين قَني

في خطوة حضاريّة قامت بلديّة عين قَني بإزالة المطبَّات العشوائيّة التي زُرعت في الشّارع الرّئيسيّ في السّابق، بحيث باتت الطّريق حرّة ومفتوحة للسير العاديّ والطّبيعي دون إعاقة غير ضروريّة. وكان نشر المطبَّات من البلدية السّابقة قد أثار انتقادات مُرّة من المواطنين ومن السائقين الذين يمرّون في البلدة، لذلك كان نزعها أوّل عمل قام به المجلس البلديّ الجديد. بلدية عين قَني السّابقة ليست وحدها المُلامة بل الكثير من البلديّات التي تلجأ لزرع المطبَّات بصورة كيفيّة دون استشارة أحد من المواطنين وخلافاً لقرارات وزارة الداخليّة التي تمنع وضع المطبَّات إلّا في نقاط معيّنة مثل مداخل المدارس والمستشفيات وبعد موافقة السّلطات. وهذا يعني أنّ الأكثريّة السّاحقة من المطبَّات القائمة على الطّرقات عشوائيّة وهي خرق صريح للقانون.
نشير هنا إلى أنّ “الضُّحى” ستنشر تحقيقاً خاصًّا عن موضوع المطبَّات العشوائيّة في مناطق الجبل في العدد القادم.. فترقبونا!!

توسيع مجلس الأمناء

«الضحى» تتلقــى دعمــا واسعــا
مجلــس أمنــــاء جديــد موسّـــع

تلقت مجلة الضحى دعما واسعا من شخصيات وفعاليات بارزة في الطائفة ونجم عن ذلك قيام مجلس أمناء موسع شهد مضاعفة عدد أعضاء المجلس الذي بات يضم 13 عضوا يمثلون مختلف قطاعات الأعمال والمغتربات والمناطق.
ومن أجل التعريف بالأعضاء الجدد عقد مجلس الأمناء الموسع أول اجتماع له في دار الطائفة الدرزية في فردان بدعوة من سماحة شيخ عقل الطائفة الشيخ نعيم حسن ورئيس التحرير الأستاذ رشيد حسن، وشارك من المجلس المذهبي كل من الأستاذ رامي الريس رئيس اللجنة الإدارية والمحامي الأستاذ نزار البراضعي أمين سر المجلس المذهبي وبعد التداول خلص الجميع إلى ضرورة دعم هذا الإنجاز وتطويره إلى عمل مؤسسي تنبع ديمومته من القوة الذاتية والإدارة الفاعلة وذلك بالتنسيق بين رئيس التحرير وسماحة شيخ العقل ومجلس أمناء المجلة والمجلس المذهبي ولجانه.

الأعضاء الجدد والحاليون في مجلس أمناء مجلة الضحى

الأعضاء الجدد والحاليون في مجلس أمناء مجلة الضحى في صورة جامعة على أثر الاجتماع الأول للمجلس الموسّع في دار الطائفة. ويبدو وقوفا من اليمين كلٌ من السادة (مع حفظ الألقاب) : رافع أبو الحسن، سميح ضو، رامي الريِّس، أنور أبو الحسن، توفيق الشعّار، كميل أبو غانم، سماحة شيخ العقل الشيخ نعيم حس، نديم مكارم، جمال الجوهري، غازي دمج، مثقال عطا الله، ونزار البراضعي ورشيد حسن. وغاب عن الصورة لظروف اضطرارية أعضاء مجلس الأمناء السادة: علي عبد اللطيف، سليم عابد وكميل سريّ الدين. ولم يظهر فيها رجل الأعمال الفنزويلاني فرزان البعيني بداعي السفر والسيد رامي ضو بسبب انضمامه إلى مجلس الأمناء بعد انعقاد المجلس.

أثناء اللقاء في دار الطائفة بالسيد رامي ضو
أثناء اللقاء في دار الطائفة بالسيد رامي ضو

أثناء اللقاء في دار الطائفة بالسيد رامي ضو على أثر انضمامه إلى مجلس أمناء مجلة “الضحى” ويبدو جلوسا من اليمين كل من: رئيس التحرير الأستاذ رشيد حسن، الأستاذ وهيب فياض، سماحة شيخ العقل الشيخ نعيم حسن، المُكرّم السيد رامي ضو، أمين سر المجلس المذهبي الأستاذ نزار البراضعي ورئيس اللجنة الإدارية في المجلس المذهبي الأستاذ رامي الريِّس.

جامع الأمير شكيب أرسلان في المختارة

وليد بك يتابع الحدث التاريخي بتدشين كنيسة سيدة الدر في المختارة بعد ترميمها وتجديدها1
وليد بك يتابع الحدث التاريخي بتدشين كنيسة سيدة الدر في المختارة بعد ترميمها وتجديدها1

في زمن الإرهاب والإجرام والتدمير نبعث برسالة إلى العالم. لبنان يستطيع أن يقدّم مثالاً فريداً في حماية التعددية والتنوع

وليد بك يتابع الحدث التاريخي بتدشين كنيسة سيدة الدر في المختارة بعد ترميمها وتجديدها

وسط المناخ المشحون الذي يعيشه لبنان والأنواء العاصفة في المنطقة رسم حدثان وطنيان في المختارة صورة مختلفة جسدت الصمود الوطني دفاعا عن صيغة لبنان التنوع والتآخي والسلم الأهلي. كان مدهشا حقا ما حمله هذان الاحتفالان التاريخيان للبنانيين من دلالات في وقت هم في أمس الحاجة إلى جرعة إيجابية تبقي على الأمل حيا في قلوبهم وتقدم لهم الدليل على أن الوطن باق وأن اللبنانيين متفقون على أنه لا خيار أمامهم وسط صحراء الجهل والعنف والكراهية التي تجتاح المنطقة إلا استجماع كل عناصر القوة والصمود لحماية حريتهم وكرامتهم وصيغة عيشهم.
كان المشهد فريدا ومن المشاهد الحضارية النادرة التي تناقض مشاهد الجهل والعنف والدماء الذي تصطبغ بها شاشاتنا صباح مساء. نعم هنا في لبنان وفي جبله العريق، وليس في أي مكان في العالم العربي أو في هذا المشرق المتهاوي، يجتمع القادة السياسيون والروحيون والأعيان والمواطنون من كل صوب للاحتفال بكنسية ثم بجامع، لأخذ صور جامعة وتبادل كلمات ليس فيها تهديد ولا وعيد ولا تبجح بانتصارات وقهر لفئة من المواطنين.. نعم هنا التقى الجميع ودون أن ينسوا اختلافاتهم وخصوصيات كل فريق منهم لكن ليؤكدوا على ما يجمعهم أولا وهو كثير وأهمه إنسانيتهم المشتركة وهذه الإرادة الصلبة في حماية النسيج الوطني وتعزيز الأواصر وحفظ قيمة الإنسان وتجديد الثقة. كأنهم يقولون نريد أن نحفظ لأبنائنا ولأحفادنا هذا الوطن الجميل الذي تسلمناه من السابقين، ولا نريد له أن يصبح أرضا مهجورة ولأبنائنا أن يقنطوا ويفروا إلى أربع زوايا الأرض. لأنه لا وطن من دون مواطنين ومن دون أجيال شابة ومقدامة ومتفائلة، ولا بديل لذلك عن الكنيسة وعن الجامع وعن مجلس الذكر والحسينية لا بديل عن صون الأمل وعن الشراكة الحقيقة في الوطن.
وليد جنبلاط لا يقول الكثير في هذه الأيام التي استلبت فيها العقول واسترهنت عواطف وأرواح وتعطلت فيه بوصلة الكثيرين، لكنه عبر حدثي المختارة أتحف اللبنانيين بمائدة كبيرة للأمل وبحدثين يحملان من الرمزية والدلالات ما يفوق في بلاغته مئات الخطب والبيانات. وليد جنبلاط نفسه بما يجسد هو من رمزية ومن استمرارية لإرث الأمير شكيب أرسلان العربي الإسلامي ورؤية كمال جنبلاط الإنسانية التقدمية وعنفوان مي أرسلان العربي، وليد جنبلاط هو وحده القادر في هذه الظروف على أن يجمع في مكان واحد في لبنان، وفي دار المختارة بالتحديد، كل أطياف البلد ونخبته السياسية والروحية والفكرية وهو في موقع المستطيع لأنه يمتلك المصداقية ولأنه صوت الضمير والعقل في زمن الأهواء والغرائز والشحن الآثم.

رئيس التحرير

تدشين كنيسة سيدة الدرّ في المختارة

كنيسة-سيدة-الدر-في-المختارة-بعد-تجديدها
كنيسة-سيدة-الدر-في-المختارة-بعد-تجديدها

الكاردينال الراعي
المصالحة بين المسيحيين والدروز هي الخطوة الضرورية
لتعبيد طريق المصالحة الشاملة بين جميع اللبنانيين

وليد جنبلاط
التجارب أثبتت أن أي أثمانٍ تُسدد في سبيل السلم
هي أرخص من أثمان الحرب والقتل والدمار

احتفل المسيحيون ولبنان في السادس من آب المنصرم بتدشين كنيسة سيدة الدر في المختارة والتي تم بناؤها في العام 1820 بمبادرة من الشيخ بشير جنبلاط في عهد البطريرك يوحنا الحلو ومطران صيدا ودير القمر آنذاك عبد الله البستاني. وكان وليد بك جنبلاط أشرف بنفسه على أعمال التجديد وعلى التحضيرات التي تمت لافتتاح الكنيسة برعاية من الكاردينال بشارة الراعي بطريك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة. وتحول يوم التدشين والاستقبال الحاشد الذي تم في المختارة للبطريرك الراعي إلى يوم وطني رسخ المصالحة التاريخية التي تمت في الجبل قبل 15 عاما برعاية من البطريرك مار نصر الله بطرس صفير والزعيم وليد جنبلاط وترافقت بإعلانات متبادلة بأن حرب الجبل انتهت إلى غير رجعة. وقد دشنت المصالحة يومها سلسة من المصالحات المحلية التي استهدفت حفز المواطنين المسيحيين على العودة إلى قراهم وتم بمساعدة صندوق المهجرين تمويل ترميم المنازل وتسهيل العودة للألوف من سكان القرى المسيحية والمختلطة. ويعتبر تدشين الكنيسة في المختارة مؤشرا إيجابيا أساسيا يعزز ثقة المسيحيين بالشراكة الوطنية في الجبل ويشجع المزيد منهم على العودة للاستقرار في منطقة تعتبر من أجمل المناطق السكنية في لبنان وبين أبرز المناطق التي استعادت تقليد العيش المشترك بعد الامتحان المؤلم للحرب الأهلية.

غبطة-البطريرك-مار-بشارة-بطرس-الراعي-سماحة-شيخ-عقل-الطائفة-الشيخ-نعيم-حسن-السفير-البابوي-غابريال-كاتشيا
غبطة-البطريرك-مار-بشارة-بطرس-الراعي-سماحة-شيخ-عقل-الطائفة-الشيخ-نعيم-حسن-السفير-البابوي-غابريال-كاتشيا
في-استقبال-سماحة-مفتى-الجمهورية-عبد-الطيف-دريان-ويبدو--وليد-بك-جنبلاط-والأمير-طلال-أرسلان-وبعض-الضيوف
في-استقبال-سماحة-مفتى-الجمهورية-عبد-الطيف-دريان-ويبدو–وليد-بك-جنبلاط-والأمير-طلال-أرسلان-وبعض-الضيوف

 

 

 

 

 

 

 

 

برز المشاركين
أبرز ما لفت الأنظار في احتفال تدشين كنيسة سيدة الدر في المختارة كان حجم المشاركة الوطنية الواسعة التي شملت كافة القوى والزعامات السياسية والروحية والشخصيات التي انضمت إلى الكاردينال الراعي والزعيم وليد جنبلاط للاحتفال بالمناسبة. كما شارك شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن على رأس وفد من المشايخ الأجلاء وقضاة المذهب ووفد من مؤسسة العرفان التوحيدية . وضم الحضور العديد من النواب والوزراء وممثلي الطوائف والمرجعيات الروحية والشخصيات البارزة وممثلي الأحزاب والجمعيات.
وبعد الاستقبال من المدخل صعوداً نحو باحة “البركة” أقيم الاحتفال واستهله النائب جنبلاط بكلمة تطلع فيها أن “تدرّ علينا الأيام الآتية المزيد من الحكمة والوعي والمسؤولية ورئيساً للجمهورية وحلولاً لمشاكلنا المعقدة فتستعيد المؤسسات المعطلة دورها المنتظر وتعود عجلة الدولةُ إلى الدوران بإنتظام”
وأكد جنبلاط على تمتين مصالحة الجبل مكررا القول: “حرب السنتين ورواسبها انتهت إلى غيرِ رجعة، وحرب الجبل لا رجعة لها“. وقال: “في الوقتِ الذي تخطى الإرهاب الحدود الجغرافية بين الدول راسماً بالدم كل أشكال القتل والإجرام والتدمير، نؤكد في لبنان إحياء مناخ المصالحة والتقارب بين اللبنانيين، ونبعث برسالة إلى العالم أن لبنان يستطيع أن يقدّم مثالاً فريداً في حماية التعددية والتنوع“.
وأضاف: “لقد أثبتت كل التجارب، السياسية منها أو العسكرية، أن أي أثمانٍ تُسدد في سبيل السلم أرخص من أثمان الحرب والقتل والدمار“.
ثم ألقى الراعي كلمة أكد فيها “التزامنا جميعا، كلٌ من موقعه باستكمال هذه المصالحة عبر توفير إطارها الروحي والاجتماعي والاقتصادي والإنمائي، بحيث تعود الحياة إلى الجبل كسابق عهده، إخاءً وحياةً اجتماعية ناشطة“.
وتابع: القول: “إن تحقيق المصالحة بين المسيحيين والأخوة الموحّدين الدروز هو الخطوة الأولى التي لا مفرّ منها، في سبيل تعبيد الطريق نحو المصالحة الشاملة بين جميع اللبنانيين؛ ومن دون هذه المصالحة الشاملة لا ينهض مشروع بناء الدولة اللبنانية القادرة السيّدة الحرّة المستقلة احتفال تدشين جامع الأمير شكيب أرسلان في المختارة في 18 أيلول الماضي حمل معانٍ تاريخية استكملت المغزى الوطني والتاريخي لتدشين كنيسة سيدة الدرّ قبل ذلك بأربعين يوما، وقد جعل وليد جنبلاط تدشين الجامع ثلاثة مناسبات في مناسبة واحدة: الأولى كانت التأكيد على مغزى إعادة بناء جامع المختارة وقد وضعه في إطار تأكيد الانتماء الإسلامي للموحدين الدروز وفي إطار الوحدة الإسلامية. أما المناسبة الثانية فكانت إحياء ذكرى السلف الكبير الذي جُعل الجامع معلما يخلد اسمه وجهاده الطويل في سبيل العروبة والإسلام أما المناسبة الثالثة فكانت إحياء ذكرى سيدة القصر الأميرة مي شكيب أرسلان والتي توافقت مناسبة التدشين مع ذكرى مرور ثلاث على غيابها.
تدشين جامع المختارة تم برعاية سماحة مفتى الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي حضر برفقة وفد كبير ضم مفتيي المناطق وقضاة الشرع وعلماء ومدراء المرافق في مؤسسات دار الفتوى وحضر الاحتفال وليد بك جنبلاط ونجلاه تيمور وأصلان وخالته الأميرة ناظمة أرسلان وعطوفة الأمير طلال وسماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز وقضاة المذهب ومؤسسة العرفان التوحيدية وجمهور غفير من عقال الموحدين الدروز ومن رجال الدين المسلمين من الطائفتين السنية والشيعية، كما حضر رئيس كتلة المستقبل الرئيس فؤاد السنيورة، والنائب علي بزي ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري على رأس وفد والنائب بهيّة الحريري ممثلة الرئيس سعد الحريري، وممثل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الآباتي سعد نمر، وممثل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان وحشد كبير من النواب والوزراء الحاليين والسابقين ومن السياسيين وقادة الأحزاب والشخصيات المدنية والعسكرية.
وبعد تلاوة آيات من الذكر الحكيم والنشيد الوطني ألقى النائب جنبلاط كلمة بدأها بتأبين مؤثر لـ “صاحبة الدار” الأميرة مي أرسلان بمناسبة مرور ثلاث سنوات على رحيلِها منوها بدورها الكبير في حماية المختارة في أقسى الظروف السياسية والعسكرية” وأضاف منوها بالتزامها العربي فقال: “آمنت بحرية الشعوبِ رافضة الاستعمار بأي شكل وفي طليعتها شعب الجزائر وشعب فلسطين فسارت على خطى الأمير شكيب، وأذكر غضبها واستنكارها لخطف واغتيال المناضل العربي الكبير المهدي بن بركة”.
وأضاف: “وآمنت بتحريرِ المرأة من القيود الإجتماعية والفكرية التي تكبّلها، ورفضت سجنها في إطار من الموروثات القديمة التي تعيق قدرتها على تأدية دورها كاملاً في المجتمع بعيداً عن التقوقع والإنغلاق”.
وأضاف: “إنني أرى أن نظرة مي جنبلاط التحررية مبنية على الأسس التي وضعها في منظومته الفكرية والدها الراحل الأمير شكيب أرسلان وهو أحد كبارِ المفكرين في الحداثة الإسلامية وصاحب نهجٍ انفتاحي إذ دعا بصراحة للاستفادة من تجارب الغرب انطلاقاً من فهمه العميقِ للتحديات التي تواجه الإسلام، وقد عبّر عنها بصراحة ومسؤولية، وعلى طريقته، في كتابه الشهير: “لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدّم غيرهم؟”
وأكد: “إن التطورات التي شهدها ويشهدها العالم من خلال تخطي الإرهاب لحدود الدول والقارات تجعل من مسألة تجديد الفهمِ الديني للوقائع المتسارعة مسألة حتمية لا تحتمل النقاش والتأويل. وهذه مسؤولية جماعية سيولد تأخيرها مفاعيل سلبية على كل المستويات”.
وختم بالقول “إن بناء هذا المسجد في الجبل، في الشوف، في المختارة إنما يؤكد على الانتماء الإسلامي للموحدين الدروز” وأعرب عن تقديره لسماحة مفتى الجمهورية لاحتضانه افتتاح مسجد الأمير شكيب أرسلان، معتبرا الزيارة بمثابة تأكيد على إسلام الاعتدال والتسامح والتعايش ومحطة جديدة على طريق الوحدة الإسلامية والوحدة الوطنية “التي تقع علينا جميعاً مسؤولية حمايتها” ووجه جنبلاط باسمه وباسم الأمير طلال أرسلان وخالته الأميرة ناظمة أرسلان جميع المشاركين في هذا اللقاء التاريخي المميز”. كما نوه بجهودِ المهندسين مكرم القاضي وزياد جمال الدين اللذين وضعا تصاميم المسجد.

جامع-الأمير-شكيب-أرسلان-في-المختارة
جامع-الأمير-شكيب-أرسلان-في-المختارة

افتتاح مسجد الأمير شكيب أرسلان في المختارة

وليد جنبلاط
تأكيد على إسلام الاعتدال والتسامح والتعايش
ومحطة على طريق الوحدة الإسلامية والوحدة الوطنية

المفتي دريان
لنتابع المهمَّة التي عاش مِن أجلها شكيب أرسلان
واستشهد من أجلها المعلم كمال جنبلاط،

سماحة شيخ العقل
عودة إلى الجذور

أصحاب-الفضيلة-المشايخ-خلال-حفل-افتتاح-جامع-الأمير-شكيب-ارسلان-في-المختارة
أصحاب-الفضيلة-المشايخ-خلال-حفل-افتتاح-جامع-الأمير-شكيب-ارسلان-في-المختارة

حيّا سماحة شيخ عقل الطائفة الشيخ نعيم حسن تدشين جامع المختارة قائلا: “لا نستطيع أن نفصل مشهد إعادة بناء جامع الأمير شكيب أرسلان في المختارة عن الجذور التاريخية للجبل ولبني معروف، وتاريخ الأمراء المعنيين لا زال في ذاكرتنا من دير القمر إلى البقاع ووسط بيروت، حيث ترتفع في قلب بيروت مئذنة جامع الأمير منذر، منذ بدايات القرن السابع عشر وما زال حتى يومنا. وكان سبق للشيخ بشير جنبلاط أيضاً أن بنى جامعاً غير بعيد عن قصره عام 1814 م، الصحيح أنّ للموحدين الدروز في مسالكهم منحى في التقوى، بدأ أثره على بيوت عباداتهم الموصوفة بالتواضع والتقشف، لكن الأمير السيد التنوخي الذي عاش في القرن الخامس عشر كرّس مبدأ تضامن الجماعة عبر ما يمثله المسجد من مكان يزهر بذكر الله، وهذه كلها معاني وأمور راسخة عند الموحدين مهما حصل من عواصف، ورغم كل الافتراءات التي رماها بعض البغضاء.
وليد بيك يعرف كيف يُبنى لبنان على ثوابت الحوار والمشاركة والميثاقية، ويعرف كيف تستعيد كنيسةٌ أصوات ناقوسها في الجبل، ويدرك كما أدرك أجداده كيف يحفظ للتراث المعروفي العربي الإسلامي أصالته العريقة، بإعادة بناء جامع كان قد هدّمه الحقد الطائفي. أعاذنا الله وأعاذ لبنان من الفتن، نكرر رؤية الصورة التاريخية لهذا الحدث الكبير الذي ننتظره في 18 من الشهر الحالي، هي صورة نعتبرها مضاءة، وتضيئها صفحات تاريخ لبنان كما أرادتها المختارة وكما نريدها نحن لجميع أطياف الشعب اللبناني من الوحدة والعيش المشترك والسلام.”

المفتي دريان
بعد كلمة وليد بك جنبلاط ألقى المفتى دريان كلمة جامعة خصص قسما كبيرا منها لسيرة الأمير شكيب أرسلان ونضاله الطويل والذي لم يكل في سبيل العروبة والإسلام فقال “إننا بافتتاح مسجد الأمير شكيب أرسلان في المختارة، الذي أسّس على التقوى إن شاء الله، نرفع رايةَ الإسلام السّمح المعتدِل، التي رفعَها الأمير شكيب أرسلان رحمه الله، ونرفع راية العروبة الجامعة، التي كان الأمير شكيب رائداً مِن روَّادها، وركناً من أركانها. وبذلك نأمل في أنْ تتعزّز وحدةُ المسلمين ووحدة اللبنانيين، ليكون لبنان، نموذجاً يُحتذى في العيشِ الأخويّ والوطنيّ المشترك، ولِيكون قدوةً صالحة، تبدِّد غيوم التفرقة والعصبية التي تخيّم فوق ربوع بعض أقطارنا العربية الشقيقة”
وتابع القول: “عندما انتقل الأمير شكيب أرسلان إلى رحمة الله، نعاه مسلمو الشرقِ والغرب، وَفَقَدت الأمة الإسلامية بوفاتِه مؤمناً صادقاً، ومناضلاً مخلصاً، وقيادياً مُترفِّعاً عن مكاسِب الدنيا الفانية، ورُكناً مِن أركان نهضتها. وقد صُلِّي عليه في المسجد العُمرِيِّ الكبيرِ في بيروت، كما تليت صلوات الغائب عن روحِه في مساجد المسلمين، في العديدِ مِنْ دُول آسيا وشَمَالِ إفريقيا، وكأنَّه واحد مِن كبار رجالاتها “وأضاف القول: “لم يكن الأمير شكيب أرسلان مجرّد أمير أرسلاني أو أمير من الأمراء العرب. بل كان أميراً من أمراء الإسلام أيضا وقبل كلّ شيء وكان اسمه أنشودةً يردّدها مسلمو الشرق والغرب”.
وقال سماحة المفتى إن الأمير شكيب أرسلان كان “يتمتَّع بجرأةٍ في تحليل أوضاع العالم الإسلاميّ، كما كان يتمتَّع برؤيا نورانيَّة، تجسَّدت في التحليلِ العِلميّ الذي تضمَّنه جوابه، حول كيفية الخروج مِن نَفق التأخّر إلى رحابة التقدّم والرّقيّ. وهو ما تحتاج إليه اليوم مجتمعاتنا التي تعاني الانغلاق والتعصّب، والجهل والتطرُّف”.
وأضاف: “سنبقى معاً يا وليد بك كمَا كُنّا دائماً، لأنَّ وطننا واحد، ولأنَّ انتماءَنا واحد، ولأنَّ أمَّتنا وَاحدة، وقبل ذلك وبَعده، لأنَّ حرّيَّتنا واحدة، والحريَّة نسب بين أهلها “.

رامي الريس

انها رسالة الى العالم

مفوّض الإعلام في الحزب التقدمي الإشتراكي رامي الريّس قال لـ “الضحى”: “لقد صنعت المختارة الحدث الوطني والسياسي مجدداً، فمن خلال إعادة ترميم كنيسة سيدة الدر وبناء مسجد الأمير شكيب أرسلان، بعث النائب وليد جنبلاط برسالة واضحة إلى العالم بأسره مفادها بأن لبنان، رغم كل عثراته السياسية والدستورية والمؤسساتية، لا يزال قادراً أن يؤكد على رسالة العيش المشترك والتعددية والتنوع لا سيما في هذه اللحظات التي تلتهب فيه المنطقة وتتعرض فيها فئات وشرائح اجتماعية واسعة للتهجير والانقراض”.
وأكد الريّس أن “هذه الخطوات الانفتاحية تعلو فوق المناكفات السياسية اليومية، وتؤكد على طي صفحة الماضي والحرب بشكل نهائي وتكرّس مناخات المصالحة الوطنية التي وُضعت ركائزها مع البطريرك مار نصرالله بطرس صفير في آب 2001، وهي المصالحة التي حطمت الكثير من الجدران والحواجز السياسية والاجتماعية والنفسية التي كانت انتصبت خلال حقبة الأحداث الأهلية الأليمة”.
وتوقف الريّس عند خطابي البطريرك الراعي والمفتي دريان في المختارة مؤكدا أنهما يصلحان للدرس والتعمق والنقاش لاسيما أنهما يعكسان عمق العلاقات التاريخية بين شرائح إجتماعية واسعة من اللبنانيين، ويثبتان أن الاقتتال والتباعد والانقسام ليست سوى حالات استثنائية في تاريخ العيش المشترك في لبنان.

الإعلان عن رابطة أصدقاء الضحى

تطوّرٌ يعكس اتّساع دائرة التّقدير للمجلّة ودورها

رابطة أصدقاء «الضّحى»

قاعدة الدّعم الواسع للمجلّة في العالم

بعد ستّة أعوام من إعادة إصدارها أصبحت مجلة “الضحى” مَعْلَماً فكريّاً مرموقاً في لبنان وفي جبل العرب في سوريا، وقد تحوّلت إلى المرجعيّة الفكريّة الأولى لبني معروف الموحّدين يحرص أفراد النّخبة على متابعتها كما يتّسع كلّ يوم نادي الكتّاب والمساهمين الذين اتّسعت بفضلهم آفاقها وتنوّعت مواضيعها وتمّ في الوقت ذاته تطوير الموقع الشّبكي للمجلّة على الإنترنت ويتوقّع أن يوفّر هذا الموقع قريباً للقرّاء في لبنان والعالم العربيّ وللمغتربين حول العالم فرصة متابعة النّسخة الرّقميّة للمجلّة والاطّلاع في الوقت نفسه على كافّة المواضيع التي نُشرت في المجلّة منذ صدورها مجدّداً بصيغتها الحاليّة في صيف العام 2010.
في تطوّر لافت ومن أجل دعم نهضة المجلّة وتعزيز قدراتها تداعى عدد من مثقّفي الموحّدين الدّروز في لبنان والمغتربات إلى تأسيس “رابطة أصدقاء الضّحى” بهدف توفير قاعدة دعم واسعة للمجلّة في المُغتربات واستكمال الجهود الخيّرة لمجلس الأمناء وكذلك استكمال الهيكل المؤسّسي للمجلّة التي شهدت في العام الماضي تطوّرات عدّة على مستوى التّطوير الإداري والتّسويقيّ. وقد لاقت الدّعوة إلى تأسيس الرّابطة دعماً فوريّاً من مثقفي الطائفة وعدد من المغتربين العاملين في الخليج وفي الولايات المتّحدة الأميركيّة، وبلغ عدد الأصدقاء الذين أعلنوا التزامهم بتوفير الدّعم السّنويّ للمجلّة أكثر من 10 أعضاء في أقل من أسبوع مساهماً. وتتواصل الاتّصالات بين الأعضاء المؤسّسين من أجل تعريف قاعدة أوسع من المغتربين بالرّابطة وأهدافها والتّشجيع على تأسيس فروع للرّابطة في عدد من المُغتربات المهمة، وفي ضوء التّجاوب الممتاز الذي لاقته الفكرة يُتَوَقّع أن تجمع الرّابطة ما بين 30 إلى40 من الأصدقاء قبل نهاية العام الحاليّ.
أحد الأعضاء المؤسّسين قال لـ “الضحى” في شرح أهداف الفكرة: “المجلّة إنجاز ثقافيّ مهمٌّ ونحن قرّرنا أن نتبنّى قضية تطويرها وتوسيع دورها من خلال إنشاء هذه الرّابطة” وأضاف القول: “ نتيجة لتشكيل الرّابطة أصبحنا كأشخاص داعمين لقضية تقدّم الطّائفة نتواصل بصورة أفضل في ما بيننا فدعم المجلّة أصبح يجمعنا”.
تمّ تأسيس “رابطة أصدقاء الضّحى” على الأسس التّالية:
1. يصبح عضواً مؤسّساً في الرّابطة كلّ رجل أو سيّدة يتبرّع أو تتبرّع بمبلغ ألف دولار سنويّاً لصندوق المجلّة وتكون صفة المتبرّع أو المتبرعة : “عضو مساهم”.
2. إنّ الهدف هو أن تتأسّس الرّابطة بمساهمة 15 عضواً مساهماً على الأقلّ.
3. تنسّق “رابطة أصدقاء الضّحى” أعمالها وجهودها مع رئيس التّحرير ومع سماحة شيخ عقل الطائفة.
4. يكون رئيس “رابطة أصدقاء الضّحى” حُكماً عضواً في مجلس أمناء المجلّة ممثلاً للرابطة.
5. يقوم رئيس “رابطة أصدقاء الضحى” ولجنتها الإدارية بالعمل على تشكيل فروع إقليمية للرّابطة في بلدان الاغتراب، وتكون مهمّة الفرع الإقليمي توفير الدّعم الماليّ للمجلّة في بلده والتّشجيع على ضمّ أعضاء جُدد إلى الرّابطة وتنفيذ حملات التبرّع بالتّنسيق مع إدارة الرّابطة ومع رئاسة التّحرير.
6. يُخَصّص في مجلّة “الضّحى” وفي الموقع الشّبكي للمجلّة على الإنترنت عمود خاصّ يتضمّن ذكر أهداف الرّابطة ولائحة بأعضائها المساهمين، وبهيئة الإدارة وبمسؤولي الفروع الإقليميّة وأعضائها والمعلومات الضّرورية لتسهيل انضمام أشخاص جُدد إليها ودعم مبادراتها.
7. تنظّم “رابطة أصدقاء الضّحى” مؤتمراً سنويّاَ يُعقد في لبنان ليوم واحد يُختتم بعشاء خيريّ كبير. كما يمكن عقد مؤتمرات إقليميّة لدعم المجلّة في بلدان الاغتراب.
يُذكَر أخيراً أنّه وإلى حين تشكيل أوّل لجنة إدارية للرّابطة فإنّ الشّيخ مثقال عطا الله المقيم حاليا في دُبي – دولة الإمارات العربيّة يتولّى بصورة مؤقّتة مسؤوليّة تنسيق الاتّصالات الهادفة لتأسيس الرّابطة وتسجيل المُنتسبين والإشراف على انتخاب أوّل لجنة إدارية. ويمكن الاتصال به على أرقام الهاتف التالية:
لبنان : 03 882 844 دولة الإمارات : + 971 55 2335544

6 سنوات من « الضّحى »

الإنجـــازُ فــي سُطــور

“الضّحى” هي المجلّة المرجعيّة الأولى في الحقول التّالية:

1. تاريخ الموحّدين الدّروز وأمرائهم وكبرائهم وحروبهم والمحطّات المفصليّة التي أثّرت على مسارهم وتطورهم.
2. التّصوّف الإسلاميّ عبر أشهر شيوخه وأعلامه وشعرائه.
3. عقيدة ومسالك التّوحيد المبسّطة للعموم.
4. أقطاب الزّهد والحكمة والشّعر الصّوفيّ في الثّقافات العالميّة.
5. تاريخ جبل العرب الجهاديّ في القرنين الأخيرين.
6. سِيَر الصّالحين والأولياء من أهلِ التّوحيد.
7. أعلام المُوحِّدين ولاسيّما المعاصرين في جميع الحقول.
8. التّوحيد في الفلسفات الحِكَميّة القديمة المصرية والإغريقيّة والصّينيّة والهندوسيّة وغيرها.
9. تاريخ الإسلام ورسالته والفتوحات وإسهام الإسلام في الحضارة الإنسانية.
10. محاورات أفلاطون مُبسَّطة ومشروحة من منظور التّوحيد.
11. تحقيقات تستهدف تعريف الموحّدين في لبنان بقرى سورية وعائلاتها وتراثها وكذلك تعريف الموحّدين في سورية بقرى وبلدات الموحّدين في لبنان وعائلاتهم وتقاليدهم.
12. الصِّحَّة والطّبّ البديل وسبُل الوقاية من خلال التّغذية وأسلوب الحياة.
13. علوم الأرض والزّراعة التي تحترم صحّة الإنسان والبيئة والطّبيعة
14. شؤون الثّقافة والفكر واللّغة العربيّة والفولكلور في البيئة التّوحيديّة في لبنان وسورية.1

السيد الامير

مكرمة لافتة لرجل الأعمال الأستاذ عدنان الحلبي

إنجاز ترميم وتجميل مقام السيد الأمير (ق) في عبيه

التزاماً بمسؤولياتها في تطوير المعالم الدينية البارزة لطائفة الموحدين الدروز، قررت لجنة الأوقاف في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز خلال العام 2014 إعادة صيانة وترميم المقامات الثلاثة: السيد الأمير عبدالله (ق) والنبي أيوب (ع) والست شعوانه (ر)، وقد تمّ تكليف شركة عابد للمقاولات بإجراء الكشوفات وتقدير تكلفة الأعمال كل مزار.
بعد ذلك وبتاريخ 3/9/2014 قررت لجنة الأوقاف المباشرة بأعمال الترميم والصيانة في مقام السيد الأمير(ق) في عبيه، وكانت الكلفة المقدّرة لهذا المقام اقلّ من غيرها وفي حدود 164 ألف دولار.
عَلِم بهذا القرار المحسن الكريم الأستاذ عدنان سليم الحلبي فتقدّم من تلقاء نفسه متبرعاً بالقيام بأعمال الترميم في عبيه من ماله الخاص، وبإشرافه الشخصي، وبمساعدة المهندسة الأستاذة هلا ابو شقرا، في مبادرة قلّ نظيرها. ولم يقبل الأستاذ الحلبي بتسجيل اسمه متبرعاً في سجلات الأوقاف والمجلس المذهبي، كما قدمت المهندسة أبو شقرا مشكورة جهدها تبرعاً من دون مقابل.
وتمّ تنفيذ أعمال الترميم والتجميل في مقام السيد الأمير (ق) خلال العام 2015 وبلغت القيمة الإجمالية الفعلية للأشغال 196 ألف دولار. وتبين ان شركة السادة ايلي ميشال صليبي واولاده وكما تعودنا على مساهمتهم الدائمة في اعمال الخير قدمت مشكورة عشرين طنا من الاسفلت لدار المقام.
وتضمنت أهم الاعمال بناء غرفة الحارس من حجر بشكل مميز وتجديد مفروشات المقام وغرف الاستقبال وإعادة تأهيل البنى التحتية ووتأمين خزائن للملابس وطرش ودهان وأعمال عزل ونش وتأهيل دار المقام، وغير ذلك مما استلزم القيام به.
ان مشيخة العقل والمجلس المذهبي يوجّهان الشكر للمحسن الكريم سائلين المولى عزّ وجلّ أن يجعل هذا في ميزان حسناته، ويرسل عليه الفائض من نعمه، ويديمه مثالاً صالحاً يقتدى به في عمل الخير والحسنات، ويمدّه بالقوة والعافية لفعل المزيد من الخيرات، فالخُطى في العمل الصالح هو أربح المتاجر.

المجلس المذهبي

المجلس المذهبي يطلق التحدّي في وجه أصحاب الحملات

هذه هي الصّورة الكاملة حول الأوقاف
فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين

رئيس لجنة الأوقاف القاضي عبّاس الحلبي
جميع العقارات التي كانت في ولاية بعض الأشخاص والمرجعيّات
استعدنا ولايتها وأصبحت بالتّالي في عهدة المجلس المذهبي

«الدّفاع عن الأوقاف» بضاعة رائجة لأنّه يستثير العواطف
لكنّه يقوم على أوهام واختلاقات تكذّبها الحقائق والأرقام

تأكيد ولاية المجلس على العقار 2046 المصَيطبة
يفتح الطّريق أمام استثمار الأرض لصالح حاجات الطّائفة

بيروت: الضُّحى
لا يوجد موضوع يثير الجدال بين الموحدين الدروز مثل موضوع الأوقاف، وكلّ درزيّ أكان من أهل الحلّ والعقد، أم كان من عامة الناس، فإنّه يعتبر نفسه معنياً بملف الأوقاف ولا يتردد في إطلاق المواقف، ونقل “المعلومات الموثوقة” بشأنها في السّهرات أو الاجتماعات، غالباً بلغة الاتّهام والتحسّر على هذه الثّروة الكبيرة المهدورة، وعلى من لا يراعون أمانتها.
لماذا الأوقاف دائماً في عين العاصفة؟ ولماذا يسيل كلّ هذا الحبر، وتنظم الحملات وتطلق التصريحات حولها باستمرار؟ السّبب ببساطة: إنّها الموضوع الأسهل للإثارة واستدرار الشّعبية، لأنها تطرق موضوعاً حسّاساً له مكانته العاطفية لدى الموحّدين الدّروز. فمال الوقف له قُدسيّة وحُرمة، وإطلاق التّهم ضدّ المولَجين بإدارته في أيّ وقت، هو مظهر غَيْرةٍ زائفة يُلفت الانتباه إلى مُطلِقِ الاتّهام، ويلعب على مشاعر الغَرَضيّة السّياسية، ويُحرّك غريزة الظّنّ بالسّوء لدى العامة، ذلك لأنّ العامّة مطبوعون على تصديق التّهم، ونشر الأخبار السّيئة، ونادرا ما تجد بينهم مصلحون، أو من يدعون إلى التّرَوِّي والتّحقّق من الوقائع، بل غالباً ما تطغى الحماسة، فيحاول كلٌّ من “الغيورين” المزايدة على الآخرين اتهاماً وتنديداً. لهذا كانت حملات “الدفاع عن الأوقاف” دوماً بضاعة رائجة، وقد يظنّ أصحابُها أنّها تحقّق شعبيّة، لكنّهم لا يدرون، ربّما أنّهم يأثمون بذلك إثما كبيراً لأنّهم أولا لا يتكلمون بالصّدق، ولأنّه لا يأتي من عملهم إلا إذكاء الفِتَن وتفرقة الصفوف، وإضعاف الطّائفة في معرض زعم الدّفاع عنها، وهذا في وقت يمكن لأي إنسان مخلص في إرادة الإصلاح أن يطّلِعَ على ما يجري بكلّ شفافية، سواء عبر الاتّصال المباشر باللّجان، أو المشاركة بنشاطات المجلس، أو متابعة بيانات وتقارير لجان المجلس المذهبي على الإنترنت، وأن يقترح ما يشاء من إصلاحات.

حملات اختلاق وغوغائية
وبصورة عامّة، فإنّ المجلسَ المذهبيّ غالباً ما يكون منهمكا في العمل والإنجاز، ولم يكن هناك بالتالي اهتمام بالرّد على كلّ حملة تشهير أو افتراء. لكنّ التزامَ المجلس ولجانه موقف التروِّي والتجاهل لم يقنع أصحاب الحملات بأخذ جانب العقل، أو السّعي إلى العمل الإيجابيّ، فتعاظمت الحملات، وتعالى الصّراخ، وبرز استخدامُ أساليب الغوغاء في أمورٍ لا يمكن أن تُبحثَ بأسلوب الشارع، بل فقط في المجالس، وبين المُتخصّصين وأصحاب الاطّلاع، وأن يكون كلّ نقاش أو تناول لها مستندا فقط إلى الأرقام والحقائق، وليس إلى الافتراءات والكلام غير المسؤول.
لهذا السّبب وخوفاً من أن يؤدي تكرار الافتراءات إلى التصاق بعضها في أذهان العامة، وإلى تشويه الملفّ كلّه، فقد قرّرت لجنة الأوقاف في المجلس المذهبيّ أن تعقد ندوةً عامّةً مفتوحة، ويمكن لأيٍّ كان أن يشارك فيها، ويستمع ويناقش ويطرح الأسئلة. وكان هذا التّحدّي في وجه أصحاب الحملات من باب “هاتوا برهانَكم إن كنتم صادقين!” هذه وقائعُنا، وهذه أرقامُنا، وهذا كلّ ما تحتاجونه من معلومات عن وضع الأوقاف، وما نقوم بها في سبيل تنظيمها وكف يد الغاصبين عنها، ثمّ تفعيل إدارتها وتعظيم المداخيل المحققة منها، فمن كانت لديه نصيحةٌ فليقدّمها وسنكون له من الشّاكرين، ومن كانت له قضيّة فليأتِ بها وليشهرها على الملأ، ومن كان غير مُطلّع ومشارك في الحملات عن جهل بالوقائع، فلْيستمع إلى الحقائق، وليَبْنِ موقفاً ضميرياً بالاستناد إلى الحقائق، وليس إلى الظّنِّ أو الانفعال أو النّوايا السيئة..
ندوة وحضور كثيف
هذا الموضوع كان موضوع النّدوة الجامعة التي نظّمتها رابطةُ العمل الاجتماعيّ في مبنى دار الطّائفة في فردان، وقد استقطبت أهميةُ الموضوع، وعواصف الغبار المُثارة حضوراً واسعاً لأفراد النّخبة في الطائفة، من النّاشطين في الحقل العامّ على اختلاف مشاربهم السياسية، واهتماماتهم المهنية، فإلى جانب المُحاضر، رئيس لجنة الأوقاف في المجلس المذهبي القاضي عباس الحلبي، حضَرَ مُمَثّلُ شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، أمين سر المجلس المذهبي المحامي نزار البراضعي، وممثل رئيس اللّقاء الديمقراطي، النائب وليد جنبلاط، مُفوَّض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكيّ، رامي الريِّس، ومُستشار مشيخة العقل، الشيخ غسّان الحلبي، والوزير السّابق عصام نعمان، وأمين عامّ المؤسّسة الدّرزية للرّعاية الاجتماعيّة عصام مكارم، ونائب حاكم مصرف لبنان الدكتور سعد العنداري، والقاضي أمين بو نصار، ورئيسة الإتّحاد النّسائي التّقدّمي وفاء عابد، وعضو مجلس نقابة المحامين المحاميّة ندى تلحوق، ورئيسة اللَّجنة الاجتماعيّة في المجلس المذهبيّ، المحامية غادة جنبلاط، ورئيس اللّجنة الماليّة الدّكتور عماد الغصَيني، والدّكتور صلاح أبو الحسن، وعدد كبير من الشّخصيّات وأعضاء المجلس المذهبي، ورؤساء البلديّات والمخاتير والجمعيات الأهليّة والنسائية، وأعضاء الهيئة الإداريّة لرابطة العمل الاجتماعيّ وجمعٌ من المهتمّين.
رئيس اللجنة الثقافية في رابطة العمل الاجتماعي الدكتور مكرم بونصّار قدّم رئيس لجنة الأوقاف، وتولى بعد ذلك إدارة الحوار بين المشاركين في الندوة وبين المُحاضر.

“هناك أوهام نُسجت حول الأوقاف تزعُم أنّ لديها ثَروات وأرصدة، وأنّ في إمكانها أن تسدّ حاجات الطّائفة، وهذه الاختلاقات لا أساس لها في الواقع”

الحلبي: مهمة “شاقّة وشائكة”
بعد ذلك قدّم رئيس لجنة الأوقاف القاضي عبّاس الحلبي مطالعةً مستفيضةّ ومُدَعّمةً بالوقائع والأرقام توضح حجم الإنجازات التي تحقّقت على صعيد الأوقاف منذ انتخاب أوّل مجلس مذهبيّ للطائفة، عملاً بقانون تنظيم أحوال طائفة الموحِّدين الدّروز الصّادر في العام 2006، لافتاً إلى أنّه يتولّى منذ ذلك الحين رئاسة لجنة الأوقاف في المجلس المذهبيّ.
ولفت القاضي الحلبي الحضور إلى أنّ التّعاطي بموضوع الأوقاف “مهمّةٌ شاقّة وشائكة” لأنّه ملفٌّ “تعرّض في تاريخه إلى التجاذبات السياسية، والحسابات الشّخصية والسّجالات الإعلاميّة” منوِّهاً في هذا السّياق بـ “الدّعم الذي توفّر لنا خلال السّنوات التّسع التي انقضت بسبب اقتناع الجميع بضرورة تنظيم الملفّ وتوجيهه وجهته الاستثماريّة”

حضور نسائي
حضور نسائي

عملية تنظيم شاملة
لَفَتَ المُحاضر إلى أنّه وعند تسلمه أمانة الأوقاف كانت المسؤولية موزعة لدى جهات عديدة لا تعاون بينها بل سجالات ومواقف كانت أصداؤها السلبية تتردد في الإعلام أحياناُ. فكانت المهمة الأولى لنا هي في لمّ الشمل وتجميع المحفظة التي هي بالأساس غير منظمة وأحيانا غير موجودة نتيجة غياب المجلس المذهبي عشرات السنوات. وقد اقتصر العمل في البداية على نَفَرٍ محدودٍ من الأشخاص غير المتفرّغين للقيام بالعمل، ولكنّ الغَيْرَةَ والحَمِيّةُ لتنفيذ المهمات تدفعُهم إلى العمل، إلى أن تمّ تعيين الجهاز الإداريّ المتفرّغ للمجلس، وأصبح للأوقاف مديريّة مصالح، ودوائر وموظّفين. كما أصبح للمجلس مديراً عامّاً مُعَيّناً، وهنا بدأت ورشة إعداد السجلاّت ومسكها، وإنشاء محاسبةٍ نظاميّة، وتوفير العدد الأكبر من المستندات المتّصلة بالعقارات التي جرى إحصاؤها، ثمّ أرشَفتُها ثمّ إعدادُ ملفٍّ لكلّ عقار، ثمّ بطاقة تعريف، وقد تمّ ذلك بإشراف لجنة الأوقاف، وسماحة شيخ العقل رئيس المجلس.
وأشاد القاضي الحلبي بجهود بعض أصحاب الغيرة على الأوقاف الذين كان لموقفهم وصلابتهم في الدفاع عنها نتائج مهمة نلمسها اليوم. وقال: “يقتضي الواجب عليَّ الإشارة إلى أن جهوداً كبيرة قام بها بعض الإخوان في الفترة السابقة لتسلمنا الأمانة، وفق ظروف لم تكن ميسرة خاصة في غياب العمل المؤسسي المنظم. كما يقضي الإنصاف القول بأن بعض ما تسلمناه نحن يعود الفضل فيه إلى تلك الجهود إن من الناحية المالية النقدية أو في استرداد بعض العقارات، ونحن في موقعنا ومنذ أول يوم تسلمنا الأمانة كنا منفتحين على الجميع ولم يدخل في حسابنا إطلاقاً إغماط حق من قام بجهد سابق أو محاسبة مقصر على عدم قيامه بالواجب. زنزّه في هذا السياق بجهود مجلس أمناء الأوقاف السابق رئيساً وأعضاء وكذلك جهود الشيخ سلمان عبد الخالق الذي يعود له فضل في مسك وإدارة هذا الملف في ظروف صعبة غير ميسرة وفي غياب الإتفاق السياسي وعدم وجود التنظيم المؤسسي”.
وأكد الحلبي بأن “علاقة طيبة لا تزال تربطنا بمن سبقنا ونحن حريصون على ان تكون العلاقة مع من سيخلفنا على نفس النحو لأن الأوقاف باقية ونحن كلنا زائلون”.
وقال رئيس لَجنة الأوقاف: “قد لا يُجدي الغَوْصُ عميقاً في هذه الورشةِ وشرح أبعادها ومضامينها نفعاً كثيراً ، لكنْ يكفي أن أشيرَ اليوم وبكلّ راحة ضمير إلى أنّ الأوقاف الدّرزية لم تعد سائبةً، وأنّها محصورةٌ، وأنّنا استردّينا جميعَ العقارات التي كانت في ولاية بعض الأشخاص والمرجعيات التي كانت في عُهْدتها، وأصبحت تالياً جميع الأوقاف في عهدة المجلس المذهبي”:.
تَطرّق القاضي الحلبي إلى الأوهام المنسوجة حول الأوقاف الدرزيّة مثل كونها “من أغنى الأوقاف” وأنّ “لديها أرصدة نقديّة مودعة في المصارف، وأنّ بإمكانها أن تسدّ كلّ حاجات الموحّدين الدّروز على صُعِدِ الاستشفاء والتّربية والتّعليم، والمساعدات الاجتماعيّة،” لافتاً إلى أنّ هذه المزاعمَ الخياليّة تجدّدت، وتناولتها بعضُ وسائل التّواصل دون أيّ إسناد أو براهين، الأمرُ الذي يفرض وضع النّقاط على الحروف، والفصل بين واقع الأوقاف وبين الأوهام المنسوجة حولها، وهنا لَفتَ النّظرَ إلى صدور كُتيِّب شامل عن إنجازات لجنة الأوقاف، وإدارة الأوقاف مُدَعَّم بجداول ماليّة شفّافّة تغطي الفترة من سنة 2007 (وهو تاريخ تأسيس إدارة الأوقاف)، ولغاية تاريخه مرفقاً بها، مُلخَّص عن المِحفظَة الوقفيّة المُحدّثة، وفيها بعض التّصنيفات المتّصلة ببعض المناطق التي تتوافر فيها عقارات قابلة للاستثمار التّجاري والزراعي والصناعي، وسوى ذلك. وهذه الجداول المفصّلة تسمح لكلّ مُنصِف بالنّظر إلى طبيعة الأوقاف، وإلى أخذِ فكرةٍ واقعيّة عنها، والتأكّد بالتّالي من أنها ليست ممّا يمكنه أن يحقّق المداخيل الهائلة التي يدّعيها البعض.

خطة العمل
عرض رئيس لجنة الأوقاف بعد ذلك إلى خطة لجنة الأوقاف، والتي تقوم على عدة محاور هي:
1. زيادة المداخيل.
2. إقامة الدّعاوى حيث يجب (متابعة الدّعاوى المُقامة سابقاً من وعلى الأوقاف) ودعاوى جديدة. بهدف إنهاء التّعدّيات واستخلاص حقوق الأوقاف.
3. إعداد التّصنيفات المناسبة للعقارات بعد استطلاع الأنظمة والبلديّات.

رئيس لجنة الأوقاف في المجلس المذهبي القاضي عباس الحلبي يعرض للتقدم المحقق في تنظيم الأوقاف وتصحيح أوضاعها
رئيس لجنة الأوقاف في المجلس المذهبي القاضي عباس الحلبي يعرض للتقدم المحقق في تنظيم الأوقاف وتصحيح أوضاعها

زيادة مداخيل الأوقاف
أمّا في زيادة المداخيل، فقد عمدت لجنة الأوقاف إلى تشجيع الاستثمار في العقارات الوقفيّة في الشويفات وبعورته خصوصاً، على شكل استثمارات صناعيّة وتجاريّة، وقامت بترميم وتجديد بعض عقارات عاليه المتهالكة، وبعض الاستثمارات الزراعية في البِنّيه، وأنجزنا الاتفاق التاريخي مع أهلنا في بيروت بخصوص العقار 2046، المصيطبة، وقامت بتأجير المحلاّت العشَرَة في واجهة العقار، وزادت الاستثمار في بعض عقارات بيروت، لاسيّما الموقف في مار إلياس، وأجازت إقامة العديد من الملاعب الرياضيّة في عدة مناطق من الجبل والبقاع، وفتحت فرعين للجامعة اللبنانيّة في عْبَيه وظهر الأحمر، كما أنجزت ترميم مقام السيد الأمير في عْبَيه، وهي ستباشر بإجراء التّرميم في مقام السّت شعوانة في البقاع الغربي، والمعالجة مستمرّة في مقام النبي أيّوب في نيحا. كما أنجزت اللّجنة بناءً في البِنّيه من أموال التّسويات في أوقاف الشّيخ أحمد أمين الدين، وكذلك بناء قاعة الشّيخ أمين الدين في عْبَيْه ومعهد الأمير السيد في عْبَيْه الذي فتح أبوابه لاستقبال المشايخ الطلاب لإعدادهم لمهمّتهم الدينية السامية. كما سارت لجنة الأوقاف بمعاملة استرداد العقار 512، المصيطبة للهدم، مع الأمل بأن تتمكّن من إخلائه قريباً، وإقامة مشروع سَكَني أو تجاري عليه. هذا فضلاً عن إزالة التعدّيات على عقارات الأوقاف من محتلين في بعض العقارات الوَقْفيّة في بيروت والجبل.

جانب من المشاركين في ندوة لجنة الأوقاف
جانب من المشاركين في ندوة لجنة الأوقاف

مبنى سكن الطالبات
كما أنجزت لجنة الأوقاف معاملات تملّك العقار 18 المصيطبة، بعد شرائه لمصلحة الأوقاف، وتخصيصه بقرار من معالي وليد بك جنبلاط والمجلس المذهبي، لإنشاء مبنى خاص Foyer لسَكنى الطّالبات الرّاغبات في متابعة تحصيلهنّ العلمي في بيروت، وسيكون المبنى بإدارة جمعيّة “بيت الفتاة” في الجبل، التي أمَّنت مصاريف ترميم وتأهيل العقار، وسيُعلن عن افتتاحه في وقت قريب.
كما سارت الّلجنة بمعاملة استرداد العقار 512-المصيطبة، للهدم مع الأمل بأن يتم إخلاؤه قريباً، وإقامة مشروع سَكَني أو تجاري عليه. هذا فضلاً عن إزالة التّعدّيات على عقارات الأوقاف من مُحتلّين في بعض العقارات الوقفية في بيروت والجبل.
كما تمت إعادة تأهيل صالات دار الطّائفة بما يليق بالدار ومكانتها الوطنية، وقد تأمَّنت مصاريف التّرميم، وإعادة التّأهيل من نُخبة من أهل الفضل الذين تبرّعوا لإتمام هذه المهمّة.
وَلَفَت رئيس لجنة الأوقاف إلى أن الّلجنة أعدّت كتيّباً يَتضَمّن ملخّصاً لعملها على مدى التّسع سنوات التي انصرمت منذ تأسيسها، وفيه عَرَضت لجميع الأعمال والإنجازات التي قامت بها، ونشرت الجداول الماليّة التي تَظهر في بابَيّ النّفقات والواردات بشفافيّة مُطلقة، مع الإشارة إلى أنّ محاسبة الأوقاف تخضع لنظام محاسَبيّ نظاميّ، يخضع بدوره لمدقّق داخليّ من جهة، ولمراقب عقد النّفقة من جهة ثانية، وللتّدقيق الخارجيّ الذي يُصْدِر بيانات ماليّة سنويّة لأعمال التّدقيق، كما يتضمّن الكُتَيّب ملخّصا للمحفظة الوقْفيّة نضعه بين أيدي المعنيّين والمهتمّين للاطّلاع عليها بكلّ شفافيّة. تجدر الإشارة إلى أنّ أوقافاً كثيرة، تخصّ عائلات وقرى ومعابد تخرج عن صلاحيّة الّلجنة المباشرة، وإنْ كان لها حقّ الإشراف عليها، ولهذه الغاية أعدّت الّلجنة نظاماً لإدارة أوقاف القرى والعائلات أصبح نافذاً، والهدف منه تطبيق نظام واحد على جميع الّلجان دون عرقلة مهامّها، وإنّما لوضع العمل في إطاره النّظامي الصّحيح.
ولَفَتَ النّظر إلى وجود نقاشات صريحة داخل المجلس لجهة تحديد مُدَد الإيجار والاستثمار، بين مؤيّد لمُدَد الإيجار الطّويلة ومعارضٍ لها، كما يجري نقاش لجهة ممارسة الحقّ بالاستبدال لبعض العقارات الوقفيّة عينا للعين، أم نقدا للعين، وأضاف القول: إنّ هذا النّقاش “لم يُحْسَم بعد”، وإنّ القرار بشأنه يبقى خاضعاً لرأي القيادات السياسية والروحية، فضلاً عن المجلس المذهبيّ.

صلاحيّات لَجنة الأوقاف
شدّد الحلبي على أنّ القرارات الماليّة للجنــة الأوقاف تخضع لسلطة مجلس الإدارة، وأنّ لها عقدَ الإيجارات والاستثمار لمدة خمس سنوات، وكلّ ما عدا ذلك وأكثر، يعود لسلطة الهيئة العامّة وفق الآليّة المحدّدة في القانون لجهة النّصاب والأكثريّة. وأكّد على أنّ مهمّة لَجنة الأوقاف في المجلس المذهبيّ، تنحصر في توظيف وتثمير وتنمية الوقف. أمّا عائدات الأوقاف فليس لِلّجنة أية صلاحيات بخصوصها، ذلك لأنّه وفق آليّة النّظام الماليّ المُقَرّ في المجلس، فإنها تذهب إلى الصّندوق الموحّد للمجلس، وصلاحيّة التصرّف بالأموال تعود إلى مجلس الإدارة، وثم الهيئة العامة، التي تُقر موازنة المجلس وتحدّد أبواب الواردات والنفقات. ولَفت القاضي الحلبي النّظر إلى أنّه “لا مدخول للمجلس المذهبي إلاّ من واردات الأوقاف، وتالياً يخصص جزء من هذه الواردات لتغطية موازنات سائر لجان المجلس والمجلس نفسه. مع العلم أن الّلجنة الاجتماعيّة مثلا، تسعى دوماً لجمع التبرّعات تمكيناً لها من توسيع قاعدة المستفيدين من تقديماتها، وتحقيق برامجها”
بناء على ذلك دعا الحلبي بعضَ المُطالبين بإنفاق جميع أموال الأوقاف على شؤون اجتماعية، لأن يدقّقوا قليلاً في القانون الذي يرعى الأوقاف، وفي طبيعة نشاط المجلس المذهبيّ ولجانه، وأن يطّلعوا على الوقائع والأرقام حول المداخيل الحقيقية للأوقاف، ويزيلوا من مُخَيّلتهم تلك الصّورة الوهميّة عن أوقاف ثريّة لديها أموال مكدّسة في المصارف، ولا رقابة على إنفاقها متسائلاً:” هل هناك بين هؤلاء الّذين يقومون بهذا النّوع من الحملات من كلّف نفسه وسألنا تزويده بمعطيات، أو مستندات أو أرقام؟ مع الأسف لا أحد!! لكنْ إذا لم يكن هناك بين الّذين يشنّون الحملات من قام بتحقيق نزيه، أو طلب المعلومات الموثّقة والمدقّقة من مصادرها –وهي متوافرة وليست سرّاً- فإلى ماذا يستند هؤلاء في المزاعم التي يروّجونها”؟.
إنجازات إنمائيّة
تناول الحلبي بعد ذلك عدداً من الإنجازات الإنمائيّة، والمكاسب القانونيّة التي حقّقها المجلس المذهبيّ، في نطاق استعادة حقوق الوقف والطائفة، فتطرّق بصورة خاصّة إلى العقارين 2046-المصيطبة، وعقار المدرسة المعنيّة، (أنظر التفاصيل في مكان آخر) كما تحدّث عن المشروع الإسكاني الذي قامت ببنائه جمعيّة الغَدّ على أرض قدّمها تبرّعاً معالي وليد بك جنبلاط، وأقامت عليها بناء يتضمّن 64 شِقَّةً سكنية، مساحة كلّ شقّة نحو 140 متراً مربًعا، أُنجز البناء، وهي تضع هذه الشّقق بتصرّف شبابنا الرّاغبين في تملّك منازلهم مع توفير التّمويل، وقال: لقد شوّهت الشّائعات هذا المشروع، ونعتته بشتّى النّعوت، منها المتاجرة، مع أنّ الجمعية لا ترغب بتحقيق الرّبح، بل فقط باسترداد كلفة الدَّين وفوائده مع تحقيق رصيد محدود يشكل -على ضآلته- خميرة لاستكمال المرحلة الثّانية من البناء، لتوفير عدد أكبر من الشّقق توضع بتصرّف الشّباب.
وختم القاضي الحلبي مطالعته المفصّلة بملاحظة ختاميّة، دعت إلى التّعاون في سبيل الخير العام، داعياً إلى حوار بنّاء “في سبيل أوقاف مُحافَظٍ عليها من جهة، ونامية ومستثمَرة ومزدهرة من جهة ثانية، لكي يزداد دخلها، وتُنْفَق أموالها على سدّ الحاجات الكثيرة للموحّدين الدّروز” لكنّه نَبّه إلى أنّ “الأوقاف لا يمكنها أن تحلّ محلّ الدّولة من جهة، ولا المجتمع المدني من جهة ثانية، وإنْ هي شكّلت قاعدة أساسيّة وصلبة من قواعد العمل الاجتماعي الدّرزي في لبنان”.

إنجازات المؤسّسة الصّحيّة في عَين وزين

في معرض الرّد على حملات التّحريض، تطرّق القاضي عبّاس الحلبي من موقعه كرئيس لمجلس أمناء المؤسّسة الصّحيّة في عين وزين إلى الحملات التي تشن على المؤسّسة، مؤكّداً أنه يكتفي، على سبيل الرّدّ، بإيراد بعض الأرقام الّتي تُعطي فكرة عن أهميّة هذه المؤسّسة، وحجم الخدمات التي تقدّمها، والعدد الكبير للمستفيدين من خدماتها، وقدم الجدول التالي:

خدمات المؤسّسة الصّحيّة في عَين وزين
(خلال الأشهر التسعة الأولى من 2015)

2015
(تقديرات كامل العام)
2015
(حتى 30/9/2015)
مؤشّرات الأداء
11592 8694 عدد حالات الدخول
48758 36569 أيام الاستشفاء
87% نسبة الإشغال
3089 2317 عدد العمليّات الجراحيّة
26782 20087 عدد المعاينات الخارجيّة
جانب من الحضور
جانب من الحضور

انجازان رئيسيّان في معركة “تحرير الأوقاف”
حسم قضية العقار 2046
وكسب دعوى استرداد المدرسة المعنيّة

كشف رئيس لجنة الأوقاف في المجلس المذهبي القاضي عبّاس الحلبي أثناء النّدوة عن إلإنجاز الّذي حقّقه المجلس المذهبي لانتصارين قانونيّين أساسيّين ستكون لهما مفاعيل استثماريّة وماليّة مهمّة في المدى المنظور:
الانتصار القانونيّ الأوّل هو نجاح لجنة الأوقاف بالتّعاون مع الّلجنة القانونيّة في المجلس المذهبيّ، ومكتب المحاماة، وكيل المجلس وسائر المحامين في استرداد معمل البلاط في العقار 2046، المصيطبة، وذلك بعد صدور سبع قرارات قضائيّة لصالح المجلس بعضها في الدّرجة النّهائيّة، (محكمة التّمييز)، وقد أثبتت تلك القرارات ولاية المجلس المذهبيّ على العقار المذكور، وردّت كلّ الإدّعاءات التي حاولت أنْ تسلخ هذا العقار من ولايته الشرعيّة القانونيّة، الأمر الذي سمح للمجلس بإنجاز الاتّفاق مع لجنة أهالي وقف بيروت من جهة، وإحباط محاولة سلخ العقار عن ولاية المجلس.
أما الإنجاز الثاني المُهمّ فهو كَسب الدّعوى المُقامة بوجه مستثمر المدرسة المعنيّة في توصيف العقد الجاري بينه وبين الأوقاف على أنه عقد استثمار وليس عقد إيجار يخضع للتّمديد القانوني، ممّا مكّن المجلس من إنجاز الاتّفاق على استرداد المدرسة في 30/6/2016، كما مهّد الطّريق أمام لجنة الأوقاف لإنجاز دفتر الشّروط، الذي سيتمّ بموجبه استدراج العروض لاستثمار المدرسة في الفصل الأوّل من السّنة الجديدة، والحفاظ عليها مؤسّسة ناجحة تقوم بدور تربويٍّ رائد في بيروت.
وفي ما خص العقار 2046، المصيطبة، أشار الحلبي إلى أنّه ولضمان أفضل استثمار للعقار، فقد تمّ تعيين لجنة لإدارة واستثمار هذا العقار مؤلّفة من مهندسين، ورجال مال وأعمال، وبدأت الّلجنة بدرس ملفّ العقار، بينما قام المهندس مكرم القاضي بإعداد مخطّط توجيهيّ Master Plan لهذا العقار لَحَظ – بعد المحافظة على موقع الدّار وحُرْمَة والمدافن وحَرَمها والقاعة والمزار- إنشاء مبنى سكني في واجهة العقار في فردان، وتخصيص مساحة للاستثمار التّجاري تشغل واجهة العقار في فردان مكان محطّة المحروقات والبناية المقامة بجانبها كما خصّصت مساحة تحدّها على الجهة الشرقية، لإقامة برج تجاري مكان معمل البلاط ومساحة بقربه.
وفي هذا السّياق تمّ تقديم طلب إلى جانب رئاسة الحكومة لنقل رفات الشّهداء إلى جانب العقار المُلاصق لمدرسة “الرّمل الظريف” الرّسميّة لتحرير هذه المساحة الّتي تشغل وسط العقار، وإقامة مركز ثقافيّ واجتماعيّ للجهة الشّرقيّة الجنوبيّة، بحيث يلبّي هذا المخطّط الحاجات السكنيّة والمكتبيّة، والتجاريّة والثقافيّة والاجتماعيّة، مع مراعاة حرمة الدّار والمدافن.

مؤتمر فيينا

متّحدون لمناهضة العنف بإسم الدين

مؤتمــــر فيينا العالمي يدعـــــو
إلى احترام التعددية والحريات

في سياق الحملة الدولية لمناهضة الغلو وأشكال العنف التي ترتكب بإسم الدين نظّم مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات لقاءً عالمياً في مقر المركز في العاصمة النمساوية فيينا شارك فيه المئات من الشخصيات الدينية والفكرية والثقافية بهدف الاتفاق على موقف موحد بين المشاركين، وانعقد اللقاء في 18 و19 تشرين الثاني تحت شعار:»متّحدون لمناهضة العنف بإسم الدين» وتلقت مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز الدعوة للمشاركة في اللقاء وقد شارك في أعماله  كل من قاضي المذهب الشيخ غاندي مكارم و رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي الشيخ سامي أبي المنى الذي ألقى كلمة في المشاركين في الجلسة الثانية التي انعقدت تحت عنوان»دور المؤسسات الدينية والمجتمع المدني في بناء السلام» .
وفي البيان الختامي الذي أصدروه، أكّد المشاركون شجب الصراعات أينما وقعت، خاصة الأحداث المؤلمة والخطيرة التي تجري في منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً في العراق وسوريا، كما أعلنوا رفضهم القاطع لكل أشكال العنف، ولاسيما التي ترتكب بإسم الدين، وبراءة الإسلام الحنيف مما يتعرض له المسلمون من تشويه لتعاليم دينهم وقيمهم، ودورهم الحضاري، وأعلن المنتدون إدانتهم لكل ما يتعرّض له المواطنون في العراق وسوريا من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وأكّد المشاركون في بيانهم الختامي على أن كلّ مكوّن ديني أو عرقي أو ثقافي أو لغوي في هذه البلدان هو عنصر أصيل في تاريخها وعامل في بناء مستقبلها بالشراكة الكاملة على أسس المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين، ودعا البيان إلى الحفاظ على هذا التنوُّع في المجتمعات العربية، والذي يشكل إرثاً حضارياً وميزة ثقافية.
شجب الصراعات
وألقى رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي الشيخ سامي أبي المنى كلمة أعلن فيها عن دعم الموحدين الدروز لأهداف المؤتمر وشجبهم لاحتدامَ الصراعِات المذهبية والدينية والعرقية وطغيانَ العنف والتسلُّط السياسي او الكبت الاجتماعي.
النموذج اللبناني
وشدد الشيخ أبي المنى على النموذج المتقدم للتعايش بين الديانات والثقافات الذي يمثله لبنان والجبل خصوصاً، حيث يعيش المسيحيّون حياةً مشتركة مع أخوانهم ومواطنيهم المسلمين، وعلى الأخصّ الموحّدين الدروز، مؤكداً أنّ العنفَ والصدام ومحاولات الإلغاء والتهميش والتحجيم لا تُجدي، وأنّ التعاطي الإيجابي الواقعي والتوافق أجدى وأنفع، وأن التنوَّع الذي مَنَحنا إياه الخالقُ تعالى هو عاملُ غنىً للمجتمع، أراده اللهُ تعالى، بقوله: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ».
وأكد أبي المنى أنّ صيغةَ العيش المشترك تظلُّ السمةَ الأساسيةَ الأرقى في المجتمع التعدُّدي، وهي صيغةٌ ضامنة يجب الحفاظُ عليها وتحصينُها وتطويرها، وذلك لا يكون إلّا بالحوار وتبادل الخبرات، وتنمية روح الصداقة والمحبة وهو ما يأتي في صلب توجُّه طائفة المسلمين الموحدين الدروز، التي تجد نفسها في الموقع الوسطيّ اللاحم للكيان الوطني والضامن للعيش المشترَك.
وقال إنّ الدين، بنظرنا، ليس غايةً، بل هو وسيلةٌ لخدمة الإنسان ومساعدته لتحقيق إنسانيتِه، والتوحيدُ هو الطريقُ الأفضلُ لفَهم الذات وفَهم الآخر والمصالحة مع الله ومع الناس، وبالتالي لبناء السلام.
وأكد أنّ ما يحصل في كلٍّ من سوريا والعراق وغيرِهما من البلدان المجاورة يساهم في تعميق الهوة وتقوية المتاريسُ المذهبية والدينية فيما المطلوبُ هو تغذيةُ المؤمنينَ بالروحانية والعقلانية ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر واحترام حرية التعبير والمعتقد.

وقال إن الشرق الجامعِ للأديان التوحيدية كان دائماً هدفا أساسيٍّا في لعبةِ الأُمم، لذلك فإننا نجد أنفسَنا كالقابضِ على جمر التناقضات المتراكمة، فإمّا أن نُحوّلَ التنوّعَ نوراً يُضيء العالَم بأسره، وإمّا أن نُشعلَه ناراً تَحرقُ الجميع، لذلك فإننا نرى ما يراه المؤمنون المتنوّرون في كل مكان، من أنّ المجتمعاتِ المتنوِّعة، كمجتمعاتنا، والتي تضمّ المجموعات الدينية أو الإثنية القليلة العدد نسبياً، ونحن منها، لا يمكن أن ترتاحَ أو تطمئنَّ إلّا  باندماجها في ثقافةٍ وطنيةٍ موحِّدة وحضارةٍ جامعة، وفي ظلّ  جوٍّ من الحرية الدينية تعيش فيه خصوصياتِها وتقاليدَها، ويشعرُ فيه أبناؤها أنهم مواطنون متساوون، في دولة الخير والإصلاح، دولة المواطَنة الجامعة التي تحترم الدين وتتناغم معه بدل أن تعزله، فتستمدّ روحيتها من روحه، دولة ترعى الجميعَ في ظلّ ثقافة القانون وحكم العدالة.

مؤتمر الوحدة الإسلامية في طهران
دعوة إلى الاحترام المتبادل وإدانة التكفير

عقد المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية مؤتمره الدولي الثامن والعشرين للوحدة الإسلامية بطهران بين 7 و9 كانون الثاني 2015 بحضور مئات الشخصيات الدينية والعلمية من إيران والعالم الإسلامي ولبت مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز الدعوة للمشاركة في المناسبة ، فحضر عنها رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي الشيخ سامي أبي المنى والشيخ فاضل سليم. ألقى الشيخ أبي المنى كلمة في الجلسة العمومية الثانية للمؤتمر، أكد فيها دعم الموحدين الدروز لكل مظاهر الوحدة الإسلامية وعلاقات التسامح والتعاون بين المذاهب مشددا على رفض العنف وأشكال التطرف ونزعات التكفير؛ كما أجرى الشيخ أبي المنى عددا من المقابلات مع وسائل الإعلام الإيرانية والاسلامية. وعلى هامش المؤتمر، كما قام وفد مشيخة العقل بزيارات واتصالات تعارف ومجاملة شملت زيارة السيد جواد الشهرستاني في مدينة قمّ (ممثل السيد السيستاني، وصهره) للاطمئنان على صحته وتأكيد التواصل مع مؤسساته الثقافية.
تبنى المؤتمر لهذا العام شعارا لأعماله «لأمة الإسلامية الواحدة:التحديات والآليات» وكان قد افتتح المؤتمر الرئيس الإيراني الدكتور الشيخ حسن روحاني بكلمة جامعة شدد فيها على ضرورة تحقيق الوحدة والتلاحم بين ابناء الامة الاسلامية، موضحا اهمية التعريف بالاسلام الرحماني للمسلمين وغير المسلمين كدين يسر وحلم وليس كدين تطرف وعنف.
يهتم مؤتمر الوحدة الإسلامية بحكم رسالته بالتقريب بين المذاهب والجماعات الإسلامية وبصورة خاصة بالتقارب الشيعي السني باعتباره المرتكز الأهم المأمول لقيام الوحدة بين المسلمين وتوحيد مواقفهم إزاء التحديات التي تواجههم على اكثر من صعيد. وقد تم التأكيد مجددا من قبل المؤتمر على تقارب المذاهب الإسلامية التي تؤمن بأركان الإسلام وأصول الإيمان ، ولا تنكر معلوماً من الدين بالضرورة وعلى أن الاختلاف السياسي لا يجوز أن يستغل الاختلافات العقدية أو التاريخية أو الفقهية, كما أكدّ المؤتمر محافظته على هذه الروحية، بالحث على وجوب احترام المسلمين بعضهم لبعض، وترك البحث في الأمور الخلافية للعلماء والخبراء مؤكدا على عدم جواز الانتقاص من كرامة آل البيت الطاهرين أو أمهات المؤمنين أو الصحابة الكرام أو أئمة المسلمين، وعدم جواز استباحة المساجد ودور العبادة وكذلك الحسينيات والزوايا والمراقدن تحت أي مبرِّرٍ أو شعار. ونبه المؤتمر إلى خطورة انتشار السلوكيات المادية المنحرفة وحالة التقليد والتبعية للغرب والانبهار به.
ودعا المؤتمر العالم الاسلامي وشعوب المنطقة لتوحيد صفوفها في مواجهة حركات التطرف والتكفير ودعم إيجاد حلول سلمية للنزاعات في عدد من البلدان الإسلامية.

مساهمات حرة

في مضافة الشيخ الهجري في قنوات

أنت في مضافة الشيخ الهجري في قنوات، فمن الجد الى الأب الى الحفيد،
الزمان نيسان 2008 يستقبلك أول ما يستقبلك فنجان القهوة المرّة الذي لا يتخطاه في جبل العرب فنجان آخر بطيبه وعطره، وما أجمل أن يتخطاك الشيخ الجليل بالخطو بهمته رغم السن فتكون تابعاً وما أحلى ان يسبقك بأفكاره وأنت واثق ومطمئن إلى رأيه.
لما عزمنا على إقامة ملتقى «السويداء الدولي الأول للنحت» كان لا بدّ من أن نحشد الناس لدعمه بسبب تكاليفه الكبيرة وضعف الإمكانات. يومها دعونا مجموعة من 18 من الفنانين أجانب وعرباً وسوريين وقصدنا يومها شيخ العقل المرحوم الشيخ أحمد الهجري. وفي الحقيقة كان أقصى ما نرجوه في ضمائرنا هو الحصول على مباركة الشيخ الجليل وتشجيعه وربما توجيهه ونصحه في الأمر وهو المطّلع على الأمور العامة.
دخلنا مضافة الشيخ وشربنا من قهوته وأفاض الشيخ الجليل كرماً، فعرضنا مرادنا وشرحنا ما نحن عاقدون العزم عليه فقال الشيخ: بارك الله بكم نحن بحاجة لمن هم مثلكم لنبني بلدنا، لكم منا كل الدعم والرعاية، وامتدت يد الشيخ أحمد الى سماعة الهاتف واتصل فوراً بالشيخ علي حميد ودعاه ولم يتأخر الرجل فقال له الشيخ كلاماً لا يزال يرنّ في أذني وقلبي وما معناه أنه من الواجب علينا أن ندعم المبادرات المحترمة، وقال عنا كلاماً جميلاً ولم يكذب الشيخ حميد وشريكه الأستاذ مازن زريفة الخبر فكانوا أول من تبرعوا لإقامة الملتقى، تبرع محب، مخلص لبلده وأهله.
ومضت الأيام، وذات مساء وبينما كان الفنانون يجتهدون في العمل على منحوتاتهم توقفت سيارة الشيخ أحمد الهجري ونزل وصحبه وكان يحمل إليهم المرطبات الشهية التي يتقنها أهل قنوات. لقد سبقنا هذا الرجل النبيل وقد كان واجب علينا أن نسبقه بالزيارة. توجّه إلى الفنانين واحداً واحداً، وقدّم لهم الضيافة ببشاشة ورضى ثم دعانا الى بيته فلبّينا دعوته بعد أيام فكان اللقاء طيباً مؤثراً تحدّث فيه الشيخ بجميل الكلام وحلو الترحيب بضيوف المحافظة من بلاد العالم وشكرهم على ما يبذلونه من جهد في إنتاج منحوتات جميلة وراقية تزين بلدنا. الفنان البولوني داريوش كوفالسكي كان مأخوذاً بهيبة الشيخ وسماحة قسماته فطلب منه أن يسمح له برسم صورة له وكان الفنان بارعاً في النحت وبارعاً في الرسم أيضاً، فقبل الشيخ الهجري بكل طيبة خاطر، وبعد قليل انتهى الفنان من الرسم وقدّم الصورة لشيخنا الذي تقبلها ببشاشة وشكره على أريحيته ثم أوعز الشيخ الى معاونيه بأن يحضروا له درع الطائفة ودعاه ليقدمه له، ولما وقفا وسلّم الشيخ الدرع للفنان البولوني دمعت عينا الفنان فرحاً وتأثراً.
بعد ذلك اللقاء الثاني مع المرحوم الشيخ أحمد الهجري استمر دعمه للملتقى وكان لموقفه المشجّع أثر في حصولنا على دعم من عدد كبير من المشجعين، لكننا كنا دوماً نستمد منه القوة والعزيمة وكان لموقفه الداعم للملتقى ولكلية الفنون بالسويداء الأثر الكبير في نجاحهما والتفاف الناس حولهما أسوة بالمشايخ الأفاضل، فلروح المرحوم الشيخ أحمد الهجري السلام نذكره بالخير كلما زرنا الملتقى ولأصدقائي في ادارة الملتقى الشكر، إذ لولاهم لما نجح هذا الحدث الفني ولما ترك آثاره الطيبة على محبي الفن وجمهوره في المحافظة.

سميح العوام – فنان تشكيلي ونحات

مجلة للرقي والمعرفة الصحيحة

حضرة رئيس تحرير مجلة «الضحى»
الاستاذ رشيد حسن المحترم

تحية واحتراماً،
بكل اعتزاز وتقدير أتقدّم منكم مهنئاً بعودة إصدار مجلة «الضحى» بحلتها الرصينة الراقية التي يتوخى القيمون عليها تعميم الفائدة في معالجة المواضيع المختارة الشيقة، كذلك أخص بالشكر أعضاء مجلس الأمناء في المجلة وسماحة شيخ عقل الطائفة الموقر وإدارة المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز لرعاية هذه المجلة الرائدة التي تتميز بالشموليّة والفرادة والعمق والتنوع.
لقد تابعت باستمرار مطالعة كافة المواضيع في مجلتكم الغراء منذ اصدار العدد الأول الجديد وحتّى العدد العاشر الأخير، وأيقنت انّ بنود شعار المجلة الثلاثة ( للنهضة- للأرض -–للمعرفة) هي عناوين ضخمة عولجت برويّة وفصاحة في اللغة ووضوح في المعنى والمبنى، الأمر الذي جعل القرّاء ينتظرون صدورها بشوق كلّ ثلاثة أشهر، وجعلتنا نؤمن بأنها في طليعة المجلات العربيّة الراقية.
نجحت المجلة في طرق المواضيع المبوبة بعناية ودقة وتسليط الضوء على بعض خفايا تاريخ الموحدين الدروز في المشرق العربي ونضالهم المشرّف في لبنان وسوريا وفلسطين ومنها كرم الضيافة وإغاثة الملهوف وحمايته والمروءة والبسالة النادرة في الدفاع والذود عن الارض والكرامة ضد القوى الكبرى كفرنسا والعثمانيين، وهذا قلما تتسع له كتب التاريخ في المدارس.
واذ تبنت مجلة «الضحى» تسطير بعض الحقائق والمواقف المعروفيّة ضد من حاولوا الاساءة والتزوير لتاريخ الدروز فهي في منأى عن العنصريّة والتلوين المذهبي والطائفي وانّ أفضل شاهد على ذلك هو اقبال القرّاء والمثقفين من جميع الطوائف على قراءة المجلة وسعة انتشارها.
ولا شك انّ التنوع في معالجة المواضيع بأمانة أغنى المجلة بالمعرفة الصحيحة وجعل القارئ لا يمل من قراءة المقالات الثقافيّة والأدبيّة والفلسفة وعلوم الطب والارشاد الزراعي والصحة والغذاء.
تحدثنا عن المضمون في إعداد المجلة. وهنا لا بدّ لنا من الاشارة أيضاً الى حسن ذوق القيمين على المجلة باعتماد طباعتها على الورق المصقول المتين والمزين بالألوان والرسوم التي تدعم حيثيات المواضيع اضافة الى تزيين الغلاف برسوم العباقرة والفلاسفة وأولياء الله الصالحين.
ما احوجنا اليوم الى وضع هذه المجلة بين أيدي القرّاء وطالبي المعرفة والثقافة وبخاصة ابناء الجيل الصاعد للاطلاع على كنوز المعرفة الصرفة والتاريخ المنصف ولتكون منذ اليوم مرجعاً متوفراً يسهل الحصول عليه من المكتبات وأن تكون مستقبلاً بعد كرّ السنوات مصادر جيدة للباحثين والساعين للإستزادة من المعرفة الصحيحة.

فؤاد سليم أبو رسلان
مدير المدرسة المنار – رأس المتن

سماء جبل العرب في التاريخ

حضرة رئيس تحرير الضحى الأستاذ رشيد حسن حفظه الله
سلاماً وتحية وبعد،
لقد تسنى لي الاطلاع على العدد العاشر من مجلة الضحى الغرَّاء كما اطلع عليها أيضاً وعلى مواضيعها القيِّمة الثقافية والروحية والتاريخية الرائعة العديد من الأصدقاء والأقرباء في قريتي (الرشيدة) وفي السويداء من جبل العرب.
زادكم الله عطاءً ومعرفة وأنار دربكم لما فيه خير للأمة والإنسانية جمعاء ولطائفة التوحيد أجمع.
وبهذه المناسبة فإنه يسرني أن أبعث إليكم بهذا الموضوع حول أسماء جبل العرب في التاريخ أرجو أن تكون فيه فائدة للقرّاء.

أسماء جبل العرب في التاريخ
1.  سمي بجبل (الباشان) في عهودِ الآراميين والكنعانيين والفينيقيين ومحافظة السويداء غنية بالآثار التاريخية الهامة التي تفصح عن تاريخها الحضاري الهام، كالحضارة الحثية والآشورية والبابلية، كما خضع هذا الجبل لحكم الأمويين والعباسيين والفاطميين والسلاجقة والأيوبيين والمماليك والأتراك والفرنسيين. واتخذت مملكة الغساسنة الشهيرة التي كانت في صراع دائم مع مملكة «المناذرة» في العراق موقعها في الجبل وكانت عاصمتها بلدة المجيمر جنوب عرى ولا تزال آثار العاصمة قائمة حتى اليوم لكنها مهملة لا يعرفها إلا القليل. ويروى أن الشاعر امرؤ القيس بن حجر الكندي مرّ بها أثناء رحلته إلى القيصر ليستنجده على بني أسد وليأخذ بثأر أبيه. أما أهم الأسماء التي أعطيت لجبل العرب من قبل مختلف الحضارات والممالك فهي:
2. جبل (تراخونيد) أو (أورانتيس) تسمية رومانية تعني بلاد المُغر.
3.  جبل (جيرانواي) تسمية آشورية أي الأرض المجوفة.
4. جبل (ترايهونيتد) تسمية إغريقية أي بلاد الحجارة.
5. جبل (الدانوس) تسمية رومانية أيضاً أي بلاد الخصب والمياه.
6. جبل (حوران) منذ العهد الجاهلي ثم الإسلامي وسمي السهل الغربي للجبل بسهل حوران وأعلى قمة فيه 1800 م عن سطح البحر (قمة أم حوران). ذكره جرير بشعره كما سيرد.
7. جبل (الريان) تسمية عربية قديمة لوفرة المياه والأشجار وخصوبة التربة وقد استمتع جرير الشاعر الأموي الشهير أثناء مروره بهذه المنطقة بالهواء العليل والمناظر الخلابة فأنشد قائلاً:
يا حبذا جبل الريان من جبـــلٍ وحبذا ساكن الريان من كـــان
هبَّت شملاً فذكرى ما ذكرتكمُ عند الصفاةِ التي شرقي حورانا
8.  جبل (بني هلال) حيث استوطنت به إحدى عشائر بني هلال بعد هجرتها من نجد واتخذت من مدينة (صلخد) قاعدة لها وبعدها هاجرت منه إلى المغرب العربي
9. (الضلع) تسمية عربية يتداولها أبناء العشائر الرحل في بلاد الشام والجزيرة العربية لأنه يشكل ضلعاً بين البادية والمعمورة.
10. (الطل) تسمية عربية قديمة يحفظها أبناء العشائر العربية إما لأنه يطل ويشرف على كافة الجهات أو لأن الندى أي الطل لا يفارقه إلا قليلاً.
11. جبل (الدروز) تسمية أحلها الفرنسيون محل تسمية جبل حوران بهدف الترويج لكيان درزي وهذا الكيان رفضه أهل الجبل رفضاً قاطعاً. ثم ورد القول لجرير:
12. أما آخر التسمية الحالية (جبل العرب) فقد ظهرت عام 1938 على لسان العلامة عجاج نويهض في حفل أقيم في سينما البتراء في عمّان بهدف توديع سلطان باشا والثوار الذين كانوا قد نزحوا إلى الأردن هرباً من الاضطهاد الفرنسي، وقد خاطب نويهض الحضور قائلاً:« أنتم عائدون إلى جبل الدروز، لا بل إلى جبل العرب, وكل ما سواها غير مقبول» .
وفي عام 1938م كان الأستاذ فارس الخوري رئيساً للمجلس النيابي (البرلمان) فقال في إحدى جلساته:« إن هذا الجبل كان وما زال موطناً للعرب كل العرب وحريٌّ بنا أن نسميه (جبل العرب) بدلاً من جبل الدروز» وقد تمّ تثبيت هذه التسمية بمرسوم جمهوري بعهد الوحدة السورية-المصرية عام 1958م.
مراجع: موسوعة السويداء الأولى، موسوعة جبل العرب الحديثة، بحوث في التاريخ العربي متعددة، عدد من المجلات الثقافية ( «الجبل»، «الحقيقة» إلخ).

إعداد: محمد جادو شجاع – الرشيدة، سورية

أنشطة ومناسبات

This content is locked Login To Unlock The Content! تذكرني Lost your password?

This content is locked Login To Unlock The Content! تذكرني Lost your password?

افتتاح كنيسة الدرّ يرسخ التآخي الدرزي المسيحي في الجبل وجامع أمير البيان يؤكد الانتماء الإسلامي للموحدين الدروز

This content is locked Login To Unlock The Content! تذكرني Lost your password?

مؤتمر فيينا

متّحدون لمناهضة العنف بإسم الدين مؤتمــــر فيينا العالمي يدعـــــو إلى احترام التعددية والحريات في سياق الحملة الدولية لمناهضة الغلو وأشكال العنف التي …

سميح القاسم

سميح القاسـم شاعــــر العروبــــة والصمــــــود ورفــــــــض الاحتـــــلال رفض وأولاده الخدمة العسكرية فسجنوا وحدّدت إقامتهم وقاد المبادرة الدرزية في رفض التجنيد وسياسات المحتل …

بدعوة من سماحة شيخ العقل والمجلس المذهبي حفل وتوزيع دروع في دار الطائفـــة تكريمــــــاً لمجلــــس أمنـــاء «الضحى » الشيخ نعيم حسن نتطلع …

[su_accordion] [su_spoiler title=لقاء شعبي للجنة الاجتماعية في حاصبيا ة” open=”no” style=”default” icon=”plus” anchor=”” class=””] ] تنظّم اللجنة الاجتماعية في المجلس المذهبي لطائفة …