بخلاف مواسم معارض الكتاب المعروفة في العالم العربي (وهي لفترة أسبوعين لا أكثر في السنة)؛ فإنّ حال الكتاب، والصحافة الورَقية عموماً، لا يسعد أشدّ المتفائلين بين من تبقّى من قرّاء الكتاب والصحافة الورقية في كل عاصمة عربية تقريبًا، عدا القليل جداً، حيث لا تزال صناعة الكتاب والصحافة الورقية تلقى دعماً مادياً رسمياً.
مُحزنٌ بحق، أن تمرّ بغير عاصمة ومدينة عربية فتجد في المجمع التجاري مئة، وأحياناً ألف زاوية تجارية، تعرضُ ما يخطر أو لا يخطر ببال من الماركات التجارية الإستهلاكية المحلية، أو العالمية الباهظة الثمن؛ ولا تجد زاويةَ واحدة تعرض الكتب والمجلات الثقافية! نقول حرفياً: لا زاوية واحدة تعرض كتباً – عدا الأجنبي النوعي الذي يباع بأسعار خيالية وبالدولار واليورو. وقد لا تجد في الغالب حتى صحيفتك اليومية.
كان يقال غالباً: القاهرة تؤلّف، بيروت تطبع، وبغداد تقرأ!
هذا أيّام زمان. تغيّر كلّ شيء مع موجة العولمة التجارية الإستهلاكية التي ضربت بلدان العالم العربي منذ أواخر القرن الماضي. لا صحة للزّعم أنّ ثمن الكتاب هو سبب هجرة الناس له. فثمن أسخفِ سلعة في المراكز التجارية (الأيس كريم، أي ساندويش، مثلاً) أعلى سعراً من أغلى كتاب! ثمن الكتاب، أو ثمن المجلة الرّصينة، ليس السبب.
فلنبحث عن السبب في «زمن التفاهة» الذي بات مسيطراً في معظم مجالات الحياة العربية الحديثة. لا يشغل الكتاب والمجلة الرصينة مكانة ذات شأن في ثقافة الجمهور العربي اليوم. لم تعد المكتبة الخاصة أثمنَ ما في المنزل. وما عاد الناس يسألون عن آخر كتاب قرأتَه.
لكن هل جعلنا ذلك أكثر سعادة؟ حقائق «سلّم السعادة» المنشورة لا تقول ذلك. لقد بتنا أكثر استهلاكاً لنفايات الغرب والصين، ولكن ليس أكثر سعادةً. كان ديكارت يقول: وحدها الأمم السعيدة تقرأ! نحن لا نقرأ، والسعادة ليست لنا، مع الأسف.
و«الضحى» ليست استثناء. نتصل من أجل اشتراك سنوي (رمزي) بعشرات النُخب المهنية والإقتصادية والشخصيات المعنوية، فلا نحصل على اشتراك عشرة بالمئة من هؤلاء.
نحن في «الضّحى» نجذّف عكس التيار السائد؛ ربما هذا هو الصحيح.