كابنودِس: حفّار ساق اللّوزيّات
العدوّ رقم واحد للمُزارع
الأرضُ المُهمَلة غير المحروثة أكبرُ سبب للوباء
وريّ الأشجار في أيار يخفّف خطر الإصابة 90%
هل حدث أن رأيتَ شجرة الخَوْخ التي تحبّها والمُحَمّلة بالثّمار الزّاهية تتبدّل فجأة، فتبدأ أوراقها بالذّبول والاصفرار وتجفّ ثمارها على الشّجرة وتصبح مثل هيكل يبعث على الحزن؟ إن حصل ذلك فإن شجرتك الجميلة قتلها على الأرجح حفّار ساق اللّوزيّات ويسمّى باللّغة العلمّية “كابنودس” Capnodis Tenebrionis.
لذلك تُعتبر حشرة الكابنودس أخطر عدوّ للمُزارع في الطّبيعة لأنّها تعمل في الظّلام تحت التّربة وقد لا ندرك أنّها أصابت مقتلاً من الشجرة إلّا بعد فوات الأوان. فما هي هذه الحشرة وكيف تعمل وكيف يمكن الوقاية منها؟
وصف الحَشَرة
الحشرة الكاملة هي خُنفساء كبيرة الحجم صلبة الأجنحة يتراوح طولها بين 3 و 4 سم تقريبا، لونها أسود يوجد على ظهر أنثاها الملاصقة للرأس بقع بيضاء مائلة إلى اللّون الرّمادي، أمّا ذكرها فأسود اللّون عموماً وأطول قليلاً ولا توجد بقع بيضاء على ظهره لكنّه يخرج معها في فترة التّزاوج لتلقيح بيضها قبل أنْ تضعه عند أسفل الأشجار. لذلك فإنّه غالباً ما يُرى الذّكر والأنثى مجتمعان على الشّجرة أو في وضعيّة التّزاوج. رأس الخُنفساء صغير مقارنة بصدرها، أجنحتها الصّدريّة عريضة الشّكل وغِمديّة أي صلبة وقاسية تُحدث فرقعة مسموعة عند كَسْرِها
لكن يجب التّوضيح منذ البدء أنّ العدوّ الأوّل الذي يُحدِث الأضرار الفادحة في اللّوزيّات ليست الخُنفساء نفسها بل يرقاتها التي تتغذّى على ساق الأشجار تحت التّربة، وتتحوّل إلى ديدان بيضاء مسطّحة برأس مفلطح قد يصل طول الناضجة منها إلى أكثر من 6 سنتم، لكن جزءاً أساسياًّ من المكافحة يمكن توجيهه للتّخلّص من الخنافس قبل أن تتمكّن من التّزاوج ومن ثمّ وضع بيضها وفقس يرقاتها وسنأتي إلى ذكر ذلك لاحقا.
عدوّ اللّوزيات رقم 1
يُعْتَبر حفّار الكابنودس العدوّ رقم واحد لأشجار اللّوزيّات والتي تضم المشمش والدرّاق والخوخ والكرز والجارنك كما انّه خَطر أيضاً على التّفاحيّات بما في ذلك التّفاح والإجّاص والسّفرجل والزّعرور وكذلك اللّوز الذي يتبع مجموعة أشجار الجوزيّات.
يفتك حفّار الكابنودس بجذور وكعوب جذوع الأشجار التي يهاجمها محدثاً أنفاقاً عريضة ومتعرّجة وطويلة قد يصل طول النّفق الواحد الى 50 سم تقريباً وتتّجه هذه الحفر نحو الأسفل، لذلك يصعبُ على المزارع اكتشافها بصورة مُبكرة لأنّ يرقات الحشرة تعمل تحت التّراب بعيداً عن الأنظار، وحتّى لو اكتُشفت فإنّ سَحْب الحفّار بواسطة سلك معدني غير مُتاح غالباً كما في حفار ساق التّفاح الذي يمكن سحبه بالشّريط لأنّه يصيب الأجزاء الظّاهرة من الشّجرة فوق التّربة ويحفر نفقاَ مستقيماً نوعا ما وغالباً باتّجاه الأعلى. أمّا أماكن تواجد وانتشار الكابنودس فهي في حوض البحر الأبيض المتوسّط وأوروبّا الوُسطى وجنوب روسيا والهند وإيران.
يرقة الكابنودس (الدودة): تَنتج عن فقس البيوض التي تضعها خنفساء الحشرة في أسفل الشجرة قريبا من التّراب، لونها أبيض مائل إلى الأصفر، وتبقى في طور اليرقة تأكل في أسفل الشجرة لمدّة عامين قبل تحوّلها إلى عذراء، طولها يصل إلى 6,5 سم تقريبا، جسمها طريّ وناعم، رأسها مفلطح وتحمل فَكّين قويّين تستخدمهما في الحفر.
العذراء: بعد اكتمال طور اليرقة تخرج هذه وتحفر حفرة في التّراب بجانب الشّجرة المُصابة تمهيداً لنسج شرنقة والتّحوّل إلى عذراء تمضي فصل الشّتاء تحت الأرض. وعندما ترتفع الحرارة في فصل الربيع وخلال شهر أيّار تخرج من شرنقتها خنفساء كاملة لتبدأ التّزاوج تمهيداً لوضع البيض في أسفل الأشجار لتبدأ دورة حياة (وتخريب للأشجار) جديدة!.
تكاثُر حشرة الكابنودس
بعد خروج أنثى الخنفساء من النّفق تصعد على الشّجر بحثاً عن الشّريك للتّزاوج ثم تبدأ بعد أيّام من التّلقيح بوضع البيض في الشّقوق القريبة من سطح التّربة حول كعب الشّجرة، وتستمرّ بوضع البّيض خلال أشهر أيّار وحزيران وتموز.
تبدأ اليرقات بعد فقسها من البيض بالتّغذية على لُحاء القشرة مُحدِثَة أنفاقاً في منطقة أسفل الساق باتّجاه الجذر الرئيسية وتملؤها ببُرازها الذي يأخذ شكل نشارة الخشب، وتستمر اليرقة في الحَفر والتّغذية أثناء أشهر الصيف والخريف لتدخل بعد ذلك في فترة بيات شتويّ (بالطّور اليَرقي) وعند بداية الرّبيع تستأنف الحفر والتّغذية. والمهم أن إصابة كعب الشجرة قد لا تقتصر على حفّار واحد إنّما في بعض الأحيان قد يصل العدد إلى أكثر من 50 يرقة مختلفة المراحل من عمرها أي بعدة أطوال وأحجام وأعمار.
عوامل تساعد على انتشار الكابنودس
• تنتشر هذه الآفة في الحقول والبساتين المُهمَلة خاصّة في المناطق التي يكون معدّل الأمطار فيها دون 600 ملم فتصيب الأشجار القليلة الرّطوبة في أسفلها.
• ضَعف الأشجار وجفاف التّربة نفسها ممّا يؤدي إلى خَسارة الشّجرة لرطوبتها وجفافها نوعا وهذا ما تحبّه الكابنودس.
• وجود أشجار مصابة بالحشرات وإهمال مكافحتها.
• عدم حراثة الأرض وإزالة الأعشاب وهو ما يساعد الخنفساء على التخفّي ويحمي شرانقها في جوف التربة من أن تقتلع وتصاب بالتّلف.
الوقاية والعلاج
• حراثة كانونيّة لكشف مداخل أنفاق عذراوات الحشرة أو السّماح لمياه الأمطار بالتسرّب إليها وموت الحشرة هذا بالإضافة الى أنّ الرطوبة عامل أساسي في مكافحة الكابنودس لأنّها تؤدي إلى مَوت يرقاتها اختناقا.
• ريّ الأشجار بشكل مُنتَظم ومكثّف خلال أشهر الصّيف لرفع نسبة الرّطوبة حول جذور الأشجار.
• العناية بالأشجار من تسميد وتقليم وحراثة وريّ وتعشيب ومكافحة لانتظام النّموّ والحمل ولإبقاء الشّجرة قادرة على مقاومة الحشرة.
• تظهر الحشرات الكاملة (الخنافس) في عزّ الظّهيرة عند ارتفاع حرارة الجوّ في شهر أيّار فتحطّ على الأشجار القريبة تمهيداً للتّزاوج، وهذه فرصة ذهبيّة لجمع هذه الخنافس باليد أو هزّ الأشجار لإسقاط الخنافس عنها ثم جمعها وقتلها. لكنْ من الضّروريّ تعاون جميع المزارعين في المنطقة الواحدة لتخفيض نسبة الحشرات وبالتّالي التّقليل من ضررها. وفي سوريا تنظّم وزارة الزّراعة حملات أهليّة لجمع خُنفساء الكابنودس ويُعطى مبلغ من المال عن كلّ خنفساء يتمّ التقاطها.
• يذكر أنّ المزارعين الذين يستخدمون المكافحة الكيميائيّة للأشجار يتدنّى لديهم عدد الأشجار المُصابة لأنّ تلك المكافحة تصيب أيضاً حشرة الكابنودس. لكننا لا نشجع على استخدام المبيدات الكيماوية بل الري على كعوب الأشجار بين أيار وحزيران
• تخفيف الثّمار في مواسم الحمل الغزيرة لأنّها تُضعف الشّجرة وتجعلُها عرضةً للإصابة بالحشرة.
• ريّ الأشجار في فترة وضع البَيض منتصف شهر أيّار كلّ أسبوعين مرة تخفف 90% من الإصابة لأنّ الرّطوبة العالية تسبّب عدم فقس البَيض وموت اليرقات حديثة الفقس .
• زراعة أصول متحمّلة للحشرة مثل اللّوز المرّ والمَحلب ومن ثمّ تطعيمها .
• التخلّص من الأشجار المُصابة إصابة شديدة بقلعها وحرقها وتعقيم التّربة مكان القلع للتخلّص من البيوض واليرقات حديثة الفقس.
المكافحة الكيماوية
ونحن لا ننصح بها بسبب مضارّها الجانبيّة الكثيرة لكن لاتّباع “الأسلوب الكيماويّ” يمكن القيام بالتّالي:
• استخدام مبيدات (ميثا داثيون) أو مبيد (ميفيغوس) ذات نفاذيّة عالية لإطلاقها أبخرة قاتلة.
• استخدام مركّبات دلتا ميثرين.
• استخدام مبيد ديازينون أو مبيد (كارباريل) أو مبيد (كاربوفوران)
وهذه تستخدم بطريقة التّعفير أو الرّش حول جذع الشّجرة لمكافحة الطّور اليَرقي حولها وعلى بعد نصف متر وذلك برشها رشّة أولى في شهر أيّار والثّانية في شهر حزيران.