السبت, نيسان 27, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

السبت, نيسان 27, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

مدينة السّويداء

مدينـــة السّويــــداء قلعــــة العــــروبــــة والكرامــــــــة

(تحقيق في حلقتين)

مدينة السويـداء في التاريخ

بناها النبطيون واستوطنها الموحدون الدروز
فجعلوا منها معقلاً ومنطلقاً لمقاومة المستعمرين

الأمويون اهتموا بها والخليفة عمر بن عبد العزيز امتلكها
لكن انتقال الخلافة إلى بغداد مع العباسيين أضعفها

تعتبر السويداء –السّوده، كما سمّاها الأنباط بسبب اسوداد حجارتها البازلتية- واحدة من أقدم الحواضر التي بناها الإنسان في ما كان يُعرف بجبل حوران سابقاً، والأنباط قوم من العرب دخلوا جنوب سورية في مطلع القرن الأول قبل الميلاد، وإليهم يُنسب بناؤها. وقد سكنوا المنطقة الممتدة من شمال الحجاز والأردن الحالية منذ القرون الثلاثة السابقة للميلاد، وأسّسوا حضارة تجاريّة وزراعيّة مركزها مدينة البتراء في جنوب الأردن، ولم يلبثوا أن توسّعوا شمالاً فهزموا السلوقيين الإغريق، خلفاء الإسكندر واحتلّوا دمشق نحو العام 88 قبل الميلاد.
ازدهرت السويداء في العصر النبطي، وبُني فيها معبد للإله ذي الشرى إله الأنباط، بفن بناء متقن تعلّموه من الإغريق، كما يشير إلى ذلك المهندس منهال وهب في مجلّة الحوليّات الأثرية السورية، المجلّد 41 ص51، وحُفرت بركة عظيمة تتسع لعشرات الآلاف من الأمتار المكعبة من مياه الشتاء، تم استجرارها من المرتفعات، ومضخ كبير لتخزين المياه، وزرع الأنباط الأراضي حول المدينة بالحبوب والأشجار المثمرة وخصوصاً العنب والتين.
في ذلك العصر كانت السويداء تتبع دينيّاً لـ «سيع»، وهي اليوم آثار خربة إلى الشمال الشرقي منها، وقد تفوّقت «سيع» على السويداء آنذاك لأن الأنباط والبدو الصفائيين جعلوها محجّة أو بمثابة كعبة تُزار. أمّا إدارياً فقد أُتبعت إلى «قنوات» التي كانت تفوقها أهمية، وربّما يعود ذلك إلى كون قنوات أقرب إلى «سيع» ذات المركز الديني المتميز. سنة 149م كان النفوذ النبطي قد أخذ بالتراجع لصالح النفوذ الروماني، وفي عهد القيصر كومودو تطوّرت المدينة بسرعة إلى مدينة من الطراز اليوناني، فظهرت فيها الشوارع العريضة الطويلة، والمباني المنظّمة، والمعابد التي لا تزال بقاياها شاهدة على تطور المدينة، بالإضافة إلى كنيستين إحداهما تعود للعصر الروماني والأخرى للبيزنطي.
وفي عهد الغساسنة، في القرن الخامس الميلادي وما تلاه حتى الفتح العربي الإسلامي، استمر إعمار المدينة وأصبحت مقر مطرانيّة تدير شؤون السكان وتشرف على كنائس وأديرة في ما حولها.

السويداء في عصر بني أُميّة وما بعده
بقيت السويداء عامرة بعد الفتح العربي الإسلامي، وخاصة في العصر الأموي، حيث أصبحت إقطاعة من ممتلكات الأمير الأموي عمر بن عبد العزيز، الذي أصبح خليفة في ما بعد. أما في العصر العباسي فقد تراجع دورها لأسباب أبرزها انتقال مركز الخلافة بعيداً إلى بغداد، وإهمال العباسيين لبلاد الشام، وتراجع الحضارة في العصر العباسي الأخير، وغَلَبة البداوة على البلاد التي ضعفت هيبة الخلافة والدولة فيها، ولم يكن الوضع أفضل في العصر المملوكي، إذ تدهورت الأحوال إلى الأسوأ في العهد العثماني خصوصاً في القرن السابع عشر الميلادي وما يليه، بسبب تسلّط البدو والقبائل الوافدة من الصحراء على البلاد، الأمر الذي دفع سكّان القرى والمدن للهجرة إلى الغرب الحوراني، والشمال إلى حوض دمشق كما يشير د. عادل عبد السلام، الأستاذ في جامعة دمشق، في مجلّة الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة، مجلّد 41 ص37.

الأمير فخر الدين المعني الثاني لم يهتم بالسويداء وركز اهتمامه على صلخد بسبب الموقع الاستراتيجي لقلعتها على تخوم الصحراء العربيّة

المعنيّون والسويداء
لم يهتم الأمير فخر الدين المعني الثاني بالسويداء، لكنّه عني بصلخد، وذلك بسبب موقع قلعتها الاستراتيجي على تخوم الصحراء العربيّة، ويذكر المؤرخ الخالدي الصفدي أنّ الأمير أرسل ابنه عليّاً على رأس حملة عسكريّة لترميم قلعة صلخد وجامعها سنة 1624 ففعل، كما بنى قلاعاً عدّة في بلاد الشام منها قلعة في تدمر التي لا تزال تحمل اسمه في قلب سوريا وإلى يومنا هذا، ومما يدلّنا على أنّ هذا الأمير المعني قد بسط نفوذ دولته على أجزاء واسعة من بلاد الشام، ويذكر الأمير حيدر الشهابي في تاريخه المعروف باسمه بأنه « في سنة 1630 سار الأمير فخر الدين إلى بلاد حوران، وبنى قلعة صلخد وجمع الذخيرة (ويقصد بذلك البارود العضوي الذي كان يستخدم في بنادق ومدافع ذلك الزمان) من تلك البلاد، ولمّا تضايق أهل الشام من الغلاء وشكوا له أحوالهم، أرسل إليهم ألفي حمل جمل محمّلة بحنطة حوران».
أما أوّل هجرة بقصد التوطّن فقد كانت هجرة إجباريّة، وقد حدثت على يد الأمير علم الدين المعني الذي اضطرّ إلى النزوح نحو العام 1685 أمام ضغوط الشهابيين وأحلافهم الذين أخذوا يضغطون على المعنيين حتّى قبل أن يصبحوا ورثتهم الفعليين سنة 1697 في الحادثة المعروفة باجتماع مرج السمقانيّة. لقد كان الأمير حيدر الشهابي المدعوم من والي دمشق وصيدا وعكّا معاً، يضيّق على الأمراء المعنيين الذين يرى فيهم خطراً على المشروع الشهابي الصاعد والرامي لوراثتهم، الأمر الذي أجبر الأمير علم الدين المعني إلى اللجوء مع مائتي فارس إلى الّلجاة شمال غرب جبل حوران. ولمّا وجدوا فيها مأمناً قاموا باستقدام أسرهم، وتذكر محفوظات المحامي ماجد الأطرش في السويداء، أنّ علم الدين آنذاك استدعى حمدان الحمدان وكانت أسرته قد استوطنت الكرك في جنوب الأردن بعد انكسار المشروع الاستقلالي الذي حاوله الأمير فخر الدين، ذلك أنّ والده كان أحد قادة فخر الدين الفارين من البطش العثماني، وعيّنه وكيلاً بدلاً منه، وعاد إلى لبنان بعد نحو سنتين من إقامته في اللجاة، لأن أنصاره هناك طلبوه لمواجهة الخصوم.

رجال في السويداء في الأربعينات
رجال في السويداء في الأربعينات

آل الحمدان يعبرون إلى السويداء
سنة 1694 استشهد الأمير علم الدين في موقعة الغلغول قرب بيروت، فحمل حمدان الحمدان عبء قيادة الدفعة الأولى من بني معروف في تلك البلاد وكان جديراً بالمسؤوليّة الثقيلة، دعم قوّته بتتابع نزوح العائلات الدرزية من جبل لبنان، بتأثير النزاع القيسي اليمني، وكان الشهابيون يؤججون هذا النزاع بهدف تعزيز موقفهم في وراثة الإمارة المعنية التي أفل نجمها بعد مقتل الأمير علم الدين، ولجوء من تبقّى من المعنيين إلى المقلب الثاني من جبل الشيخ في الجولان، علماً أن الشهابيين استمروا في ملاحقتهم غدراً وتقتيلاً لإبعادهم عن جبل لبنان.
قاد الحمدان قومه في مرحلة حرجة، بشجاعة وحنكة، فقد كاتب الدروز في لبنان، وكذلك في فلسطين حيث زيّن لهم القدوم إلى المنطقة التي استطاع الصمود فيها، وتمكّن خلفه علي الحمدان من الانتقال إلى السويداء التي كانت شبه خربة، تستوطنها أسرتان، الأولى مسيحية من آل الدحدل. ومما يجدر ذكره أنّ نصارى حوران هم السكان الأقدم في البلاد ويعودون بأصولهم إلى الغساسنة العرب قبل الإسلام، أمّا الأسرة الثانية، فهي مسلمة من آل سويدان، والأسرتان كانتا تدفعان الإتاوة للبدو الذين كانوا يفدون إلى الجبل أواخر الربيع والصيف ويرتحلون شتاءً إلى البادية. في سنة 1804 هاجم والي الشام وادي القلمون قرب دمشق وهدم مجالس وبيوت الموحّدين، ومن نجا منهم لجأ إلى الجبل، منهم آل عامر وياغي والغضبان، من وادي بردى والزبداني، وآل الحكيم من الشام وقس على ذلك تهجير الموحدين من جهات حلب.
كان الشيخ الحمداني يختار مكاناً لكل جماعة قادمة، فيعيّن شيخاً من أقاربه أو أتباعه على كل قرية يُعاد إعمارها، وهكذا أعيد إعمار القرى المجاورة للسويداء كالرحى والسهوة ورساس، وعرى وعتيل وقنوات ومصاد وغيرها، وصارت السويداء مركز سلطة وقرار لآل الحمدان، وبذلك أصبح الدروز أصحاب النفوذ في الجبل، فللشيخ الحمداني جماعة من الفرسان يبلغ عددهم نحو تسعين فارساً، هم أداة سطوته، وكان يعاقب مخالفيه بعقوبات تصل للإعدام.
باستثناء نزول آل الحمدان ومن والاهم من بني معروف، نحو النصف الأوّل من القرن الثامن عشر، لم تمرّ أحداث بارزة في حياة ذلك المجتمع الناشئ، ويمكننا القول إنّه كان مجتمعاً ينمو بالتكاثر الطبيعي من جانب، وبقدوم الوافدين إليه من جانب آخر، ومع أنّ غالبية القادمين هم من بني معروف، الهاربين من تسلّط الشهابيين في لبنان، وبني زيدان وولاة عكّا في شمال فلسطين وغيرهم من الإقطاعيين، ومن تلك الأسر الوافدة إلى السويداء، ولم يزل الأحفاد يقيمون فيها آل أبو عسلي ورضوان ومرشد وقطيش والجرماني وعزّي مزهر وعبيد والشعّار وجربوع ونعيم وبدر وأبو الفضل وبوّز وعلم الدين وسري الدين وأبو سعدة والفقيه واشتي ورجب وكرباج والباروكي وحميدان والعشعوش والأسعد وشيّا ورشيد وعبد الدين وطربيه وأبو لطيف وتقي وحاتم ودوّارة وحمزة وبلاّن وأبو ذياب والبعيني وجانبيه ومحاسن وارشيد وعماشه ودويعر وسْعيد وبدران وقرضاب والحلبي ونصر وسواهم كثير، فقد كان يلجأ إلى المنطقة قادمون من المسيحيين، الذين وجدوا في العيش بين الدروز عيشاً أكثر تسامحاً وما زال أحفادهم يعيشون في مدينة السويداء إلى يومنا هذا، كآل الجهيّم والهزيم ومطر وأبو جمرة وحوشان والذيب والنمر وقندلفت وعزّام وفلّوح والظواهري وغيرهم، وكذلك وافدون من السنّة كآل النصّار والغوثاني والحْمود ورعد وسواهم، بالإضافة إلى بدو الجبل من قبائل الشنابلة والمساعيد، الذين كانوا يعملون كرعاة لمواشي الدروز الذين حرّروهم من الإتاوات التي كانوا يدفعونها للقبائل الأقوى.

مدينة السويداء اليوم
مدينة السويداء اليوم

ترهّل المشيخة الحمدانية وسقوطها
لم يكن الحمداني الوارث كالحمداني المؤسّس، فحمدان الحمدان الذي كان يرحّب بالقادمين الجدد، ويقدّم لهم الأرض والبذار وأدوات العمل والحرّية من ظالميهم، مات، وجاء من بعده وارثو الإمارة والسلطة، وأصبح الحمداني الوارث يعتبر السلطة حقّاً مطلقاً له، فهو إن غضب على أحد من رعاياه طرده من منزله إلى منطقة أخرى، لاحقّ له إلاّ أن يحمل باب منزله ويمضي بعيداً. لا يحق لأحد أن يطبخ القهوة أو يستقبل الضيف إلاّ الشيخ الحمداني. له خُمس ذكور الحيوانات والطيور كما يذكر ذلك الدكتور حسن أمين البعيني في كتابه “جبل العرب …ص 204” ، له عشر الإنتاج وتكاليف إطعام الجنود، واحتكر لنفسه ( القلاط ) وهي الضريبة المفروضة على البدو مقابل الرعي وورد الماء، ثمّ أنّ تنافراً وقع بين الشيخ يحيى الحمدان وهو شيخ السويداء آنذاك، والشيخ إبراهيم الهجري في منطقة نفوذ الحمدان في قرية قنوات، وهو يمثّل رئاسة روحيّة للموحّدين، وهذا كلّه أضعف هيبة الشيخ الحمداني الذي كان قد طرد حمد النجم جربوع وهو أحد أعيان السويداء إلى قرية أم الرمّان بعيداً ثم كناكر جنوب غرب السويداء.
بالإضافة إلى ما سبق فإنّ حرب اللجاة في سنة 1837 وما تلاها ضد قوّات محمد علي باشا وابنه إبراهيم المؤيّد من الأمير بشير الشهابي الثاني الذي تميّز حكمه باضطهاد بني معروف في لبنان وملاحقتهم إلى جبل حوران، والمواجهات مع القبائل البدويّة الغازية من الصحراء، وحرب 1860 في لبنان، كل تلك الأحداث أبرزت قيادة بديلة تمثّلت بظهور اسماعيل الأطرش المؤيّد بعشيرة قويّة من أقاربه وثمانية من أبنائه المعروفين بفروسيّتهم، وكان واكد قد خلف والده يحيى في المشيخة، أقدم على تدبير اغتيال اسماعيل مرّتين، نجح في المرّة الثانية بتسميمه متعاوناً مع قائمّقام بصرى العثماني سنة 1869.
كان اسماعيل قد انتزع بلدة «عرى» من آل الحمدان في سنة 1859، ولم تؤخّر عمليّة اغتياله تنفيذ خطّة كان قد أقرّها من قبل الغدر به، وهي دخول السويداء وطرد آل الحمدان منها، ولما كان واكد الحمدان قد رفض مطالب أهل السويداء المتمثّلة بعدم تسخير الفلّاحين وترحيلهم، والسماح بتمليك الأرض لغير الملاّكين، وتحويل الأرض المشاع في السويداء إلى أرض زراعيّة، ودفع الضّرائب المتأخّرة المفروضة عليهم من قبل العثمانيين، من أموال ( القلاط ) وعدم أخذ ضرائب من الفلّاحين.
لم يهتمّ الحمداني بمطالب السويداء، ولاحت الفرصة التي ينتظرها الأطارشة وفي مقدّمهم إبراهيم، لدخول السويداء وطرد الحمدان والحلول محلّهم، بعض أبناء عم إبراهيم أظهر تردّداً في عمليّة اقتحام المدينة، وحدث هرجٌ في أوساط العشيرة التي اعتادت أن تتحرّك كقبضة مضمومة منذ أن تجرّعت هزائمها المريرة أمام الشهابيين وحلفائهم في لبنان بيارقٌ مرفوعة وسيوفٌ مًشهرة وبلبلة مريبة لم يحتملها حمد العبد الله الأصم، وكان فارساً مشهوداً له في المعارك ضد العثمانيين وسواهم، في سائر الوقائع التي خاضها اسماعيل الأسطوري، سأل حمد ابن عم آخر له هو حمد المعّاز عن حقيقة الأمر، فأوضح المعّاز له سبب تردّد العشيرة فما كان منه إلاّ أن لكز حصانه، وأرعش سيفه وانطلق هازجاً :
المرجلـــــهْ كــــارٌ لنــــا مــــا نهــــابْ المــــوت وســـــــــــط رياضهـــــــــــا
إن هــــا بهــــا ولـــد الرديّ وعاب حِنّـــــــــــــا نــــــــَرِدْ لحيــــاضهــــــا
هنا، تبعه الرجال نحو السويداء، وقد حسم ذلك كل تردّد …

الحرب ضد قوات محمد علي وابنه إبراهيم عززت موقع آل الأطرش وزعامة اسماعيل الأطرش المؤيّد بعشيرة قويّة من أقاربه وثمانية من أبنائه المعروفين بفروسيّتهم

القديم والحديث في السويداء
القديم والحديث في السويداء

دخول الأطارشة السويداء
اشترط أهل السويداء على الأطارشة النزول في دور آل الحمدان والحلول محلّهم في ممتلكاتهم فقط دون المساس بسواها، والقبول بما رفضه الحمداني من مطالب. كانت المقاومة من جانب آل الحمدان عملاً لا جدوى منه، فخرجوا من المدينة بلا قتال بعد أن عزلتهم الأحداث التي استغلّها واستفاد منها خصومهم، وعجزوا هم عن مواجهتها، فخسروا ما ورثوه من ملك وعزّ أورثهم إيّاه حمدان الحمدان، ذلك الرجل الذي لا يقل أهميّة عن اسماعيل وشبلي وسلطان واغتاظ أحمد العليّان وهو شاعر سهل حوران وقتذاك لسقوط الحمدان وحلول الأطارشة محلّهم فنظم قصيدة يترحّم على زمانهم، فيقول منها : « راح الشيخ وتنصّب المعّاز» وذلك لأنّ آل الحمدان ومن والاهم كانوا « يعيّرون اسماعيل الأطرش وعشيرته بـ «المعّاز» لأنّ هذه العشيرة التي تنتسب إلى آل معن أصلاً قد اضطرّت إلى اقتناء الماعز عبر الملاحقات الدامية التي تعرّضت لها في ترحّلها القسري من لبنان إلى الجولان، فجنوب دمشق فاللجاة فجبل حوران الذي حمل اسم جبل الدروز في ما بعد. هذا ولم يزل أحد فروع تلك العشيرة يحمل كنية «المعّاز» إلى اليوم.
نزل في دور الحمدانيين في السويداء كلٌ من إبراهيم الأطرش وأقاربه من آل العبّاس والمعّاز، وتوزّع أبناء اسماعيل أخوة إبراهيم الآخرون وسائر العشيرة على قرى عدّة في المقرن القبلي والشرقي من السويداء، وبرهن إبراهيم من عاصمته في السويداء على مقدرة في إدارة شؤون الجبل، ووظّف علاقاته مع العثمانيين لترسيخ زعامته، فاعترفوا به كزعيم أوّل للجبل، وبعد استقالة سعيد تلحوق، الدرزي اللبناني من منصب القائمقام، عيّنه العثمانيون قائمقاماً في السويداء في سنة 1882، واستطاع أن يساهم في إنهاء أكثر من نزاع محلّي كالذي وقع بين آل عزّام الدروز وسكان بصرى الحرير الحوارنة، وفي حالات أخرى نجح في مساعيه حيث فشلت مساعي الولاة العثمانيين في حل الكثير من النزاعات الداخلية في جبل الدروز.
الزعامة الجديدة في السويداء ترث أزمة سالفتها !
بعض من ارّخوا للحركة التي أسقطت آل الحمدان في السويداء، يسمّونها بالعاميّة الأولى، ولم يكن لهذه الحركة من خسائر في الأرواح إلاّ عملية اغتيال اسماعيل الأطرش، لكنّ العاميّة الثانية التي قامت في وجه آل الأطرش أمر مختلف، صحيح أنّ أحداث هذه الحركة بدأت في قريتي مَلَح وعرمان من المقرن الشرقي – جنوب شرق السويداء- الذي يحكمه آل النجم الأطرش، لكنّ جذورها كانت أوسع من قرية أو مقرن، كانت الأسباب ماثلة في الجبل كلّه عموماً وفي السويداء خصوصاً، ذلك لأنّها مركز القرار.
ولعب الشيخ وهبة عامر من شهبا دوراً محرّضاً في تأجيج العامية في السويداء وسواها ضد الطرشان، ذلك لأنه كان يطمح ليكون شيخ مشايخ بدلاً من الأطارشة، وعلى مدى أعوام بين 1885 و1890 تتابعت أحداث ثورة العامية الثانية، كانت أعنفها في السويداء حيث قتل اثنان وأربعون قتيلاً.
واضطر المشايخ من الأطارشة للجوء إلى قلعة المزرعة وما حولها لمدة أكثر من شهرين، وطلب إبراهيم من حيث موقعه كقائمقام من قبل العثمانيين مساعدة الوالي العثماني في دمشق، فوجدها هذا فرصة سانحة لاحتلال السويداء وفرض شروطاً كانت الدولة العثمانية قد عجزت عن فرضها على الدروز سابقاً .
أعاد العثمانيون إبراهيم الأطرش والمشايخ المهجّرين إلى مواقعهم، ووضعوا حلاً يرضي الطرفين، مصالحة على أساس منح الفلاحين حق التملّك، ومنع السخرة، والترحيل وفرض الضرائب وأن يدفع المشايخ ديّات القتلى وأن يتنازلوا عن نصف ما يملكون من الأرض للفلاحين ( لهم ثُمن الأرض فقط ). وقد توفي إبراهيم الأطرش في سنة 1892 فخلفه أخوه شبلي كقائمقام في السويداء وكان شخصاً ذكيّاً محبوباً من قومه، كريماً وشاعراً.

2 من ذاكرة جبل العرب

خيال بخيال

من طرائف القضاء العشائري في جبل العرب

الزمان عشّية القرن التاسع عشر؛ أواخر عهد السيطرة العثمانية على بلاد العرب، أي منذ نحو مئة عام ونيّف.
المكان منطقة البلقاء شمال الأردن؛ جنوبي حوران من ولاية الشام.
زيد شابٌّ هو ابن أحد وجهاء قبيلة من قبائل أهل الشمال؛ وهؤلاء قبائل بدويّة مواطن حلّها وارتحالها بين الحجاز جنوباً وحوران إلى الجنوب من دمشق شمالاً. كان زيد قد استيقظ في مضارب أهله مبكّراً عند الفجر على حلم مثير، لم يرغب أن يعود للنوم ثانية بعد رؤياه تلك، فبادر يطبخ القهوة المرّة في المضيف، بينما رعاة والده انطلقوا يسوقون قطعان الإبل والأغنام والماعز إلى مراعيها، وما أن ارتفعت شمس الصباح قليلاً حتّى تنبّه شابٌّ آخر من العشيرة هو صاحب لزيد؛ الى حركة صاحبه في المضيف المشرع على الشمس. كان زيد قد أنجز طبخ القهوة، فقدِم إليه صاحبه للمسامرة؛ هما صديقان؛ يكاشف كل منهما صاحبه بما يخفيه عن سواه.
قَوّكْ (أي قواك الله – وهذه تحيّة بدويّة بقاف ملكونة؛ أي ملتبسة بجيم مصريّة)
يا هلا؛ قالها زيد؛ وأردف: “تفَضّل فُتْ (أي أدخل).
وما أن جلس الصاحب حتّى قصّ زيدٌ عليه قصّة حلمه؛ ذلك انّه رأى نفسه عريساً لـ “شمسة” وأنه شاركها السرير في ليلة عرسهما، أمّا شمسة تلك؛ فهي شابّة فائقة الجمال وابنة لأحد وجهاء عشيرة أخرى في القبيلة.
أيّامٌ قليلة مضت، شاعت على أثرها قصّة حلم زيد في أوساط القبيلة، قصّة تناقلتها النّسوة همساً بادئ الأمر، ثمّ انتشرت بين الرّعاة وتناقلها الرّكبان (أي المسافرون على ظهور الإبل في أرجاء البوادي) وطارت الحكاية بين آذان الإبل؛ كما يقول المثل البدوي.
اعتبر أهل الفتاة القصّة مسألة كرامة، أغار شقيقا شمسة على إبل لعشيرة زيد صاحب الحلم، ونهبا بعض الجمال والمواشي واحتجزاها رهينة ً أو يُنظرَ في الأمر عند قاضٍ؛ وإلاّ فالشّرُّ والعراك بين العشيرتين.
بادر والد زيد إلى إبلاغ رجال عشيرة الفتاة عن طريق وسيط بالتّريّث؛ والاحتكام لقاضي القبيلة في الأمر تجنّباً للقتال وسفك الدّم.
قاضي القبيلة رأى في المسألة عقدة غير مسبوقة، ولم يرَ لها من حلّ عنده، فحوّلها عنه، ولمّا كانت النّوايا سليمة عند رجال القبيلة؛ فإنّ الرغبة باسترداد الإبل المنهوبة بالقوّة كانت مسألة مُؤجّلة حقناً للدّماء، لذا أُحيلت مسألة الاحتكام إلى قاضٍ آخر من قبيلة أُخرى، لكنّ هذا لم يجد عنده باباً للحكم فيها. فحوِّلت الدعوى إلى “ابن زهير” وهذا قاضي قضاة قبائل أهل الشمال، نظر الرجل في القضيّة مَليّاً، أنظرَ المختصمين شهراً لعلّه يجد حلّاً يرضيهم، لكنّه لم يصل إلى حل، ولكي يؤجّل عراكاً مُحتملاً بين القوم قال لهم: “لا يقدر على حل مشكلتكم هذه إلاّ القاضي الشيخ سلامة الأطرش في الضّلع؛ في قرية العانات (الضّلع؛ تسمية كانت تطلق على جبل الدّروز – محافظة السويداء حاليّاً – من قِبَل القبائل البدويّة في تلك المنطقة، لأنّ النّاظر إليه من جهة الجنوب والشمال يراه ممتدّاً في الأفق على شكل قوس أزرق لطيف يشبه الضّلع، أمّا العانات فهي قرية تقع في أقصى جنوب الجبل ممّا يلي بادية الحماد الأردنيّة؛ وتبعد عن مدينة السويداء نحو أربعين كيلومتراً باتجاه الجنوب).
قَبِلَ المختصمون بما أشار ابن زهير عليهم، وما هي إلاّ اْيّام حتى توجّهوا إلى الضّلع قاصدين قرية العانات، وصلوا ضيوفاً وعرضوا الأمر على القاضي، قال لهم: مَلّكوا. “أي: أن يرضى كل من الفريقين بتقديم عطاء من جِمال ومواشٍ اْو مال دلالة على قبول كل منهما بما سيحكم به القاضي.” فقبلوا، (والتمليك هذا يخسره من يخسر الدعوى، ويُرَدّ لمن يربحها)، كما طلب القاضي من أهل الفتاة ردّ الإبل المرتهنة لأصحابها مع ما أنجبته من خلائف، فوافقوا مقابل القبول بالحل الذي سيقضي به الرجل. وضرب لهم موعداً ليأتوا إليه مع كل ما يملكه والد الفتى من خيل ومواشٍ ومال.
ذات عصرٍ بعد نحو شهر قَدِمَ المختصمون إلى القاضي الاْطرش في العانات، أودع كل منهم ما يحمل من سلاح لديه، كانت القصة قد شاعت في قرى الجبل، ووفدَ الناس ليرَوْا ما سيحكم به الشيخ سلامة في المسألة المثيرة للنزاع.
في الصباح التالي ومع شروق الشمس كان القاضي قد طلب من والد الفتاة أن يقف على الحافّة الشرقيّة لمطخ العانات (البرْكة)، بحيث تكون الشمس من خلفه، وبحيث ينطبع خياله وخيال كل ما يمرّ من خلفه على صفحة الماء أمامه.
أمرَ القاضي الأبَ ألاّ يلتفت وراءه بتاتاً، وأن يحصي كل ما يمرّ أمامه من خيالات تظهر على صفحة الماء، وفي الوقت ذاته طلب من أهل الشاب أن يُمَرّروا من خلف الرجل فرساً ثُبّتَتْ فوق سَرْجِها بارودة، يتبعها عشرون من النوق، ومثلها من الجِمال، ومئة رأس من الغنم، ومثلها من الماعز، وكان القاضي كلّما مرت أعداد من المواشي خلف الرّجل يؤكّد عليه: اضبط عَدَّك، فيجيبه: إيْ والله قد ضبطت.
كان العمل بتمرير مواشي أبي زيد من خلف والد شمسة قد انتهى، هنا سأله القاضي هل ضبطت العّدّ؟
نعم.
أمُتأكدٌ أنت ممّا عَدَدت؟
إيْ والله.
كم عَدُّكَ؟
فرس وبارودة وعشرون ناقة وعشرون جَمَلاً، ومئة من الغنم ومئة من الماعز.
قال له القاضي: حسناً، لقد وصلك حقّكَ واستوفيت.
صُدِمَ الرجلُ:
كَيْفَ وصلني حقي وأنا لم استلم شيئاً ؟
خيالٌ بخيال، أردف القاضي قائلاً: هذا حقّك، زيد رأى خيالاً في منامه، وأنت رأيت خيالاً على الماء، هذا كل ما في الأمر.
كان القاضي قد أعدَّ وليمةَ مصالحةٍ للحاضرين، وجمعَ الفريقين على الطعام، وأنهى بذلك نزاعاً بين قوم من أهل الشمال كاد أن يقودَ إلى حربٍ قَبَلِيّةٍ في بلاد لم يكن للدولة فيها من وجود إلاّ في المدن الكبرى.

موت النّمر الأخير في جبل العرب

بدوي يرعي أغنامه
بدوي يرعي أغنامه

منذ زمن لا يتعدّى قرناً وبضع عشرات من السّنين، نحو الثلث الأخير من القرن التاسع عشر كان البدوي صبرا الصّبرا من قبيلة العظامات التي اعتادت الارتحال بين بادية الحماد وأطراف سهل حوران شتاءً وحتّى أوائل الربيع ثمّ تعود مصعّدة ًإلى الجبل في أواسط الربيع والصيف؛ قد خيّم قرب قرية حبران التي ترتفع نحو 1400 متر فوق سطح البحر، جنوب شرق السويداء بحوالي خمسة عشر كيلو متراً قرب الطريق إلى صلخد. كانت الأحراش تغطي معظم السفوح والقمم الجبليّة آنذاك، وكان هذا يوفّر حِمًى غنيّاً لكثير من الوحوش والأحياء البرّية المتنوّعة.
صبرا هذا رجل عصاميّ، امتلك ثروة من الغنم والماعز عبر المشاركة في الحصول على ربع مواليد المواشي التي يرعاها في أراضي بني معروف(الدّروز)؛ بالإضافة إلى عدد من الجمال التي ينقل على ظهورها أمتعته ومؤونته، وثلاثة عشر كلباً لحراسة مواشيه ومضاربه.
نهض صبرا مبكراً كعادته، لم يسمع صوتاً لأيّ كلب من كلابه الثلاثة عشر!. دهش البدويّ؟!، إذ لم يحدث له مثل هذا من قبل، سريعاً؛ ارتدى عباءته المنسوجة من وبر الجمال اتّقاء برد الصباح الجبلي القارص، تناول بندقيّته وخرج إلى الخلاء مستريباً؛ نادى كلابه بأسمائها؛ لا سِمرْ، لا جَدَع، لا جَدّوع، ما من مُجيب؛ لا نُباح ولا عُواء. صاحَ بأعلى صوته: “يا عيال شَيْ غريب بها الدّيرة”.
وعلت أصوات وساد في المضارب هرجٌ ومرج.
ما إن ابتعد الرجل قليلاً عن الزرائب حتّى وجد أحد كلابه مقتولاّ وقد ضرّجته الدّماء، لحق أثَرَ عراك على الأعشاب والتراب بين الأشجار الحرجيّة، وجد كلباً آخر مقتولاً أيضاً !، سأل نفسه مذعوراً: “ يا الله وِشْ ها البليّة” ؟ مشى بضع عشرات من الأمتار. هذا كلب قتيل. تذكّر صبرا أنّ الرعاة ما أخبره الرعاة من أنّ نمراً كان يعدو على المواشي بين حين وآخر، فتوجّس ريبة مما يحدث ومضى يلحق مَجَرّ العراك، أدرك بحدسه الفطري أنّ ما يراه يدلّ على أنّ معركة ٍ ضارية بين كلابه وبين وحشٍ أكثر شراسة من الذئاب التي تعوّدت على صدّها بخسائر لا تقارن بما يرى أمامه.
تابع جريرة العراك. كلب رابع قتيل. كان همّ الكلاب إبعاد النمر عن الزرائب. لا بدّ أنّه كان جائعاً. البدويّ لاييئس ولا يتشاءم إذا ما هاجم الذئب قطيعه، هو إنسان يؤمن بقضاء الله، هناك مثلٌ بدويٌّ يقول: “ شاة الذيب للذيب”.
استمرّ صبرا يتبع أثر العراك. كلب خامس. فسادس؛ فسابع. فتاسع وعاشر؛ وحادي عشر وهلمّ جرّاً؛ تابع سيره؛ لابدّ أنّها مهارشة مميتة مع وحش شرس، كان بعض كلابه قد نفق؛ آخرون يلفظون أنفاسهم، وَلْوَلَ الرجل؛ فخسارته لكلابه مصيبة، الكلب جزء هام من ثروة مالك الغنم؛ وكل من يقطن في هذه البقاع الموحشة. كل من في الحي فزع إليه، الجميع يتبع آثار العراك إلى جانبه؛ بل أخذ بعضهم يباريه ويسابقه بحذرٍ ودهشة وخوفٍ دفين مما يرون، ابنه الشاب “فيّاض” سبقه في تقصّي أثر المُهارشة، وصل إلى حيث انتهت المعركة، أدهشه المشهد، كان النمر قد ارتمى أرضاً؛ منهكاً مُدمًّى عاجزاً عن الحركة، يئنّ أنيناً خافتاً وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة؛ مهارشة الكلاب قد هدّت قواه، وقريب منه الكلب الثالث عشر؛ كبير الكلاب “سِمْر” ملقًى على الأرض؛ دامي الوجه والجسد يئنّ أنين طفل يطلب الغوث من ذويه. في فوران الغضب والخوف وشهوة الانتقام؛ استكبر فيّاض حجراً؛ أهوى به على رأس الوحش، نظر حوله مذعوراً؛ قفز إلى أعلى رُجْمةٍ من حجارة بالقرب منه؛ خلع ثوبه الأوحد الذي يستر جسده وأخذ يلَوّح به عارياً ينادي القوم أن يسرعوا إلى حيث يقف.
لم يلبث أن وصل صبرا إلى حيث انتهت المعركة كان النّمر لم ينفق بعد؛ خاصرته لم تزل تنبض؛ أطلق إلى رأسه رصاصة رحمة من بارودته، ثُمّ التفت إلى كلبه المُدَمّى؛ مشى إليه؛ قرفص فوق رأسه النازف؛ رفعه قليلاً عن العشب الرّطب وقبّله دامع العينين؛ وخاطب ابنه فيّاض : “هيّا رُحْ يا ولد؛ اذبح فطيماً (خروف صغير) وأطعم الكلاب التي لم تَمُت بعد عسى الله يشفيها”..
كانت الشّمس قد قاربت الضّحى في سماء قرية حُبْران في ذلك اليوم الدّامي؛ منذ نحو مئة وثلاثين عاماً من عامنا هذا، ومنذ ذلك اليوم لم يَعُدْ أحد يذكر أنّه شاهد نَمِراً في جبل العرب..

حماية دروز الجبل للأمير سلطان ابن الرشيد

حماية دروز الجبل للأمير سلطان ابن الرشيد
أمير مدينة حائل في السعودية

حاصر العسكر التركي قرية الصورة سعياً لاعتقال الضيف
ولم تمضِ ساعات حتى حوصروا من فرسان الجبل ومقاتليهم

ابن الرشيد حلّ ضيفاً عزيزاً على الشيخ أبو علي مصطفى الأطرش
وودّع الجبل بذكريات البطولة والكرم وبقصيدة مدح طويلة للدروز

في العام 1904 كان الأمير سلطان ابن الرشيد على خلاف مع ابن عمه الأمير متعب بن عبد العزيز الرشيد وكان يطالب بحق الإمارة التي كانت آنذاك في فرع العائلة الذي ينتمي إليه. ورداً على ذلك، أمر متعب الرشيد بإلقاء القبض على ابن عمه الأمير سلطان الذي قرر عندها الانتقال مؤقتاً للإقامة في الشام. ولما علم الأمير متعب بذلك طلب من الوالي التركي في دمشق إلقاء القبض على الأمير سلطان وتسليمه له. ويبدو أن الأمر بلغ الأمير سلطان فنصحه أصدقاؤه في دمشق بأن يلجأ إلى بني معروف في جبل العرب والدخول عندهم.
وفعلاً توجّه الأمير سلطان إلى الجبل ووصل إلى قرية الصورة الكبيرة وكان شيخها آنذاك واكد زهر الدين. وقد عرَّف الأمير سلطان عن نفسه بقصيدة وحلّ ضيفاً على الشيخ واكد وأهله والذين رحبوا بالأمير وقبلوه ضيفاً حسب عاداتهم.
لكن الأتراك عرفوا بواسطة أعوانهم بخبر انتقال الأمير سلطان إلى الجبل فأرسلوا في أثر الرشيد إلى جبل العرب فرقة من الجيش العثماني كان قوامها حوالي 50 بغالاً مع أمر بإلقاء القبض عليه. وحاصرت الفرقة التركية قرية الصورة ودخل الضابط العثماني على الشيخ واكد مطالباً إياه بكل حزم بتسليم الأمير ابن الرشيد. لكن الشيخ واكد ردّ بهدوء وبشاشة قائلاً للضابط التركي: الغداء أصبح على النار وقريباً يجهز. وأنا أدعوكم لتناول الطعام مع ضيفنا وبعد ذلك تأخذونه معكم فأنتم ضيوفنا أيضاً.

أبو عليى مصطفي الأطرش
أبو عليى مصطفي الأطرش

يقال بأن ابن الرشيد كانت في يده مسبحة وعندما سمع ما قاله الشيخ واكد للضابط التركي وقعت المسبحة من يده على الأرض ولزم الصمت. وذهب الشيخ واكد إلى النساء يطلب منهن تأخير الطعام قدر الإمكان وطلب من أولاده في الوقت نفسه اختراق الطوق العثماني ومن ثم التوجه على ظهور الخيل لإعلام القرى بالحادثة وحملهم قصيدة جاء فيها:
قـــم يارسل وانقل عجول أخبـاري لـلابــه اللـــى زينــو كل ملـــــــــــهوف
الضيغمى تو بحمانا استــــــــجاري هايالنشاما بلغو عيـــال معــــــروف
متـعـقبيـــنـــه فرقتــــــين صـــــــواري بضباطهم وجنودهم زايم الشــوف
هــالينشاما ســـلاحكم والمهـــــاري دون الدخيل المال والعمر متـــــلوف
حمــر البيــارق جردوهــا جــــياري ولاحنا بحال الترك لو جمعها الوف
والله لـــو إن أحمـــر الـــدم جـــاري ياغير ياصـل ضيفنــا ديرة الجوف
وما قدر الله يا أهل الطول جاري المال يذهـــب والضنا بعد مخـلوف
مار الكرامة ما من دونها اعــذاري كاس الردى ولا يلحق الضيم بضيوف

إحدى القلاع القديمة في حائل
إحدى القلاع القديمة في حائل

وفحوى هذه القصيدة التي كتبت بلغة أهل الجبل القريبة من الشعر النبطي أن الشيخ واكد يخبر أهل الجبل بقصة الأمير ابن الرشيد ويحثهم على النهوض للدفاع عن الضيف، مؤكداً أن الموت أهون له ولعشيرته من أن يلحق الأذى بضيف استجار ببني معروف.
وبعد ساعات عاد أبناء الشيخ واكد واخبروا والدهم بأن خيالة الجبل طوقت القوات العثمانية بالكامل. فدخل الشيخ واكد عندها المضافة وأعلم الضابط التركي برفضه تسليم الأمير ابن الرشيد، وذلك جرياً على تقاليد الجبل التي تحرم تسليم المستجير بأهله. غضب الضابط وهدد وتوعد بالانتقام من القرية. لكن الشيخ واكد أعلمه بأن قواته قد حوصرت من قبل الدروز ناصحاً إياه بالمغادرة على أن يضمن له خروجه مع عسكره سالمين من بين بيارق الدروز التي وصلت إلى قرية الصورة بالحداء والأهازيج الحماسية.
ويقال بأن الضابط عرض على الشيخ واكد رشوة كبيرة من الليرات الذهبية (“العصملية”) مقابل تسليم الأمير سلطان لكنه رفض بإباء وغادر العسكر التركي يجرون أذيال الفشل والخيبة.
كان جميع بيارق الجبل بلغ قرية الصورة وكان على رأسهم المرحوم الشيخ أبو علي مصطفى الأطرش، فتناول الجميع الغداء، وكان رأي الشيخ أبو علي أن بقاء ابن الرشيد في الصورة سيكون خطراً وذلك لقربها من الشام، فكان القرار أن يذهب الضيف إلى قرية أمتان حيث ديار الشيخ أبو علي.
وبعد أن تأكد الشيخ واكد من سلامة دخيله قال هذه القصيدة (بلهجة أهل الجبل) يروي فيها مأثرة الدروز في حماية الضيف واصفاً الدخيل (أي المستجير) بأنه في نظر الدروز مثل العقد أو الجوهرة التي يحافظ عليها، كذلك فإن “دخيلنا ما ينشرى بالمجيدي” (وهي العملة الذهبية العملة العثمانية ) ويشرح الشيخ واكد كيف أن الدروز مسالمون ولا يعتدون على أحد لكنهم يقاتلون أيضاً حتى نيل مبتغاهم. ومن اللافت أن الشيخ ينهي كلامه بالاستغفار بهذا البيت (يا الله يا محصي أنفاس العبيدي عنا تكفر كل خطل وتقصير) وفي هذا يعكس خضوع الموحدين الدروز للمولى في عز انتصارهم الذي يردونه دوماً لتأييد رباني لهم بسبب طيب نفوسهم وتجردهم من كل نوايا القهر والعدوان.
عينيك يا سلطان يابن الرشيـدي جوك النشاما فوق حمر النواضير
جوك وتنـــاخو من قريب وبعيــدي والكل منهم شـرع السيــف ومغيــر
انظــر بعينيك للرمـك والجريـدي واسمــع زغاريـــد البنات المبـــاكير
سيوف تحطـــم كل طـاغى عنيدي وعيــــال عـــم للــــوازم حواضيـــــــر
دخيلنــــا بالجيــــد عقـــد فــريــدي ولاحلنا بحال الترك لو هم طوابيـــر
متجـــــــود بنــــــا بحبــــل الوريـــدي نرفاه مثــل العش مايــرفى الطيـــر
دخيلنـــــا ماينشــــــــرى بالمجيـــدي ياغـــير من دم النشــــاما معاييــــر
هذى عــــــوايدنا قــــديم وجديـدي زود على عجــل القرى للخطاطير
يالله يامحــــصي أنفاس العبيـدي عنــــا تكفـــر كل خطــــل وتقصيـــر

غادر الضيف بصحبة أبو علي وجموع بيارق الدروز ديار الشيخ واكد إلى الجبل ومكث في أمتان، وكان الشيخ أبو علي قد جهز له مكان إقامته وأعدّ له كل شي من متطلبات إكرامه كضيف ذي شأن. ويقال بأنه دفع له بـ 26 رأساً من الغنم قائلاً له “عليك جيرة الله غير تكرم مثل ما كنت ببلادك”.
ويروى أيضاً بأنه وطوال فترة مكوث الرشيد في أمتان لم تنقص الأغنام عن 26 أبداً، حيث كان الرشيد إذا ما ذبح منها واحدة أو اثنتين يوضع مكانها الذبائح أغناماً بديلة بحيث يبقى العدد 26.

الشيخ أبو علي مصطفى الأطرش يودّع ضيفه
مكث الرشيد في الجبل حوالي ستة أشهر زار خلالها معظم قرى الجبل وبعدها صدر العفو عنه نتيجة لمساعي صلح جرت مع ابن عمه ومع السلطة العثمانية. فغادر عائداً إلى دياره في حائل السعودية وفي ذاكرته قصص لا تنسى عن كرم الدروز وطيبهم ونخوتهم وهو أرسل لدى بلوغه بلده قصيدة شكر للدروز ذاكراً فيها بصورة خاصة كلاً من الشيخ واكد زهر الدين والشيخ أبو علي مصطفى الأطرش، وجاء في القصيدة التي كتبت باللهجة العربية البدوية (النبطية) وصف الأمير لشهامة الدروز وذودهم عن الدخيل وكرمهم وانتصارهم على العسكر العثماني. وفي هذه القصيدة يشهد الأمير أن الدروز عرب أقحاح يتصفون بصفاتهم وشيمهم في الذود عن المستجير. ويروي الأمير قصة حصار العسكر التركي (حمر الطرابيش) ثم كيف هزمهم الدروز فباتوا “يجرون الخزي والفشيلة” (أي يجرون أذيال الخزي والفشل).

من قصيدة ابن الرشيد في شكر الدروز
وسيوف واكـــد من بيارق وفرسان نعمـــين ربـــــع معذبــــــين دخيلــــــــه
أنـا اشــــهد أن ساســــــكم قحطان وأنا اشهد أنكم من ذواد القبيـــله
جونا سرايا الكـــيد من آل عثمــان وبعيونـهم تقرى الغدر والدغيـــــله
حاطو بنا ما يحوط خمسك بفنجان ويات الفرج عسر على كل كـحيـــله
نحرت عانى لابه من هـــل الشـــان بيض العمــــايم كاسبيـــن النفيلــه
تطابقـــــو يـــوم تناخـــو المـــــــــردان وبيدينـــهم تلمع رهاف النصيـــلـه
حينـــن لفـوا والجـــو عــج ودخــــان ياشوفــهم يبـــرى الكبـــود العليــلـه
راحت على حمر الطرابيش شردان واقفـــو يجرون الخــزى والفشيــلـه

يوم البيارق في القريّا

يوم البيارق في القريّا

أبَـــــا هِنْـــــدٍ فــــَلاَ تَعْجــــَـلْ عَلَيْنَـــــا وَأَنْظِـــــرْنَا نُخَبِّـــــــــــرْكَ اليَقِيْنَــــــــــــــا
بِـــــأَنَّـــــا نُــــــوْرِدُ الـرَّايَـــــاتِ بِيْضــــــاً وَنُصْـدِرُهـــُنَّ حُمـــْراً قَـــــدْ رُوِيْنَــــــا

البيـــرق مهمـــاز البطولـــة فـي المعــارك
كـــــم مـن الشهـــــداء سقطـــوا لحمايتــــه

شهد صرح الثورة في القريّا في سورية في 21 آذار الماضي احتفالاً مهيباً بإيداع بيارق جبل العرب في صرح سلطان باشا الأطرش الذي يتحول بذلك يوماً بعد يوم إلى متحف متكامل للثورة السورية الكبرى، إضافة إلى احتضانه ضريح بطل الثورة وقائدها المغفور له سلطان باشا الأطرش. وقد جرى الاحتفال بحضور جمهور غفير من ممثلي القرى وحملة بيارقها الذين هم غالباً من أبناء أو أحفاد أبطال الثورة والمعارك العديدة التي جرت خلالها، وكانت المشاعر الجياشة واضحة في هذه المناسبة نظراً للرمزية الكبرى التي يحملها البيرق بالنسبة لكل من قرى الجبل العديدة ولما يحاط به من اهتمام ورعاية، وما يثيره أحياناً من تنافس بين العائلات ووجهائها على شرف الاحتفاظ به وحمله في المناسبات .
أما سبب ذلك التنافس فهو كون البيرق الراية التي حملها الثوار أثناء معاركهم التي خاضوها عبر التاريخ ضد قوى كبرى سعت لإخضاع الجبل المسالم فاستفزت مشاعر الكرامة والعزة بين أبنائه الذين كانوا يردون دوماً بعنف واستبسال في الدفاع عن حماهم وكرامتهم، بسبب الأنفة التي تميزهم وتمسكهم الشديد بكرامتهم، فقد وجد ثوار جبل العرب أنفسهم في مرات كثيرة في صدام مباشر مع قوى كبرى مثل العثمانيين والمصريين (حملة إبراهيم باشا) والفرنسيين، بحيث يمكن القول إن تاريخ الجبل كله هو تاريخ ملاحم ومواجهات بطولية استغرقت قسماً كبيراً من تاريخ الجبل الأشم.
والبيرق هو عبارة عن قطعة من القماش الأحمر مستطيلة الشكل ومكتوب عليها بعض العبارات التي تدل على اسم القرية التي يعود لها، وذلك لحث شبابها على القتال والشد من عزيمتهم. وجرت العادة أن يكون حامل البيرق من الرجال الشجعان لأن له مكانة خاصة في النفوس على اعتباره راية من رايات الحرب، وله مفاهيم عديدة منها أنه لا يجوز أن يقع البيرق على الأرض في ساحة المعركة، حيث يلتف المحاربون حول البيرق أثناء المعركة لحمايته من الوقوع في أيدي الأعداء، وإذا ما استشهد حامله تناوله شاب آخر قد يكون أخوه وكثيراً ما قام الثوار بغرسه بصدورهم بعد إصابتهم خوفاً من وقوعه، كما أن تاريخ الجبل والعائلات فيه زاخر بالقصص عن كل بيرق وكم من الشهداء سقط تحته في هذه المعركة أو تلك. وعلى سبيل المثال فإن بيرق السويداء سقط تحته في إحدى المعارك سبعة من أسرة واحدة في سعيهم المستميت للحفاظ عليه.

من يحمل البيرق؟
حمل البيرق شرفٌ لا يعطى إلا لأنبل شاب في القرية أدباً وأخلاقاً وفتوة وفروسية، بحيث يكون أهلاً لحمل بيرقها، لكن غالباً ما كانت تراعى في الاختيار اعتبارات أخرى مثل أن يكون حامل البيرق من عائلة شبابها كثيرون ومشهورون بتماسكهم وشدة بأسهم أثناء القتال، وذلك بما يضمن تكاتفهم واستماتتهم في الدفاع عن البيرق. وهذا ما يجعل العائلة التي يتم اختيارها لحمل البيرق ترى في ذلك شرفاً عظيماً لها لا تتنازل عنه مهما كلفها ذلك من تضحيات.

متى يخرج البيرق؟
لخروج البيارق في جبل العرب مغزى عظيم وجسيم لأنه لا يتم إلا في حالات الخطر الداهم والتنادي للذود عن الحياض. ففي أثناء الحرب يأتي النذير ويعلم أول من يصادفه من أبناء القرية بأن العدو في المكان الفلاني وأن عليهم الاستعداد على الفور للمواجهة. وغالباً ما يتابع النذير سيره خيالاً كان أو راجلاً على وجه السرعة بهدف إعلام القرى المجاورة التي تنتدب بدورها منذرين يتصلون بالقرى التالية. وغالباً ما تكون وظيفة النذير أن يصعد إلى أعلى مكان ويصيح (وين راحوا النشامى وين راحوا حماة الوطن) فتتناخى الشباب ويجتمعون في ساحة القرية ومعهم حامل البيرق وتبدأ “النخوات”.
ويحضر (عازف المجوز) إلى جانب البيرق ويبدأ بعزف نغمة تثير الهمم وترفع المعنوية في النفوس وتسمى هذه النغمة “الجرودي” ومعناها (تجريد السيوف من أغمادها استعداداً لمواجهة منتظم العدو).
وعادةً ما يخرج البيرق بعد اجتماع عام عند كبير القوم، حيث يقف حامل البيرق ومن معه من الفرسان في الساحة استعداداً للانطلاق إلى المعركة حيث تلتقي بيارق الثوار جميعها. وللبيارق منظر مهيب في ساحة المعركة، إذ يدخل الرعب في قلوب الأعداء. ومن العادات السائدة أيضاً أنه لا يجوز بأي شكل من الأشكال طي البيارق قبل انتهاء المعركة كما لا يجوز بأي شكل من الأشكال رمي البيرق على الأرض، وخير مثال على ذلك عندما استشهد “شهاب غزالي” (من قرية ملح في جبل العرب) غرس “البيرق” بصدره كي يحول دون سقوطه..

ضريح ومتحف سلطان باشا الذي استقبل بيارق قرى جبل العرب
ضريح ومتحف سلطان باشا الذي استقبل بيارق قرى جبل العرب

دور البيرق في المعركة
عند بدء المعركة يندفع حامل البيرق إلى موقع متقدم حتى يلحق به كل شباب القرية ويلتفّون جميعهم حول البيرق كالسوار وبشكل دائم، فإن استشهد حامله تلقف البيرق مقاتل آخر حتى انتهاء المعركة فيثبت البيرق عندها في مكان واضح كي يهتدي إليه كافة شباب القرية للعودة به، وبعد ذلك يعزف لاعب المجوز أنغام النصر ويتحلق المقاتلون لأداء رقصات حربية على أنغام المجوز الحماسية وتصفيق الأيادي احتفاء بالنصر الذي تحقق بجهودهم وتضحيات رفاقهم من شهداء وجرحى.
إن أهمية البيرق في التكتيكات العسكرية للمقاتلين في جبل العرب هو أنه يعتبر أهم وسيلة للتشجيع على ثبات المقاتلين في موقفهم واجتناب الانهزام مهما اشتدت الضغوط. بمعنى أن العنصر الأهم في معارك الموحدين الدروز في جبل العرب، والعامل الأساسي الذي وقف وراء انتصاراتهم الباهرة على جيوش جرارة كان دوماً الروح المعنوية والاستعداد للبذل وعدم الخشية من الموت، بل الإقبال عليه دون تردد وفي الحكمة الشريفة (لا تخافوا من تمزيق أقمصتكم) أي لا تخافوا من خسارة الجسد الذي هو مجرد قميص للروح ولا يكون التعلق بالحياة سبباً للهوان والعيش الذليل.
من أجل توضيح المغزى الكبير للبيرق في تاريخ جيل العرب وأبنائه نورد في ما يلي بعض المقتطفات من الشعر الشعبي الذي قيل في البيرق من بعض الشعراء المعروفين.

هلال الأطرش على فرسه 1925 وخلفه حملة البيارق
هلال الأطرش على فرسه 1925 وخلفه حملة البيارق

تاريخنــا وضــاح مابــه عروجــــي ومجــد ليعــرب طافــح بكــل الــوزان
ويوم البيارق في المعامع خفوجي وين إنت يلي مصنف الناس غفلان
محمد جادو شجاع

شدوا على قب الرمك والبكارة وخلوا البيــارق فوقهــــا ترجف رجــوف
ويا ما حلا عند الصباح المثارة ويضحى سماها بأصفر العج مكسوف
إسماعيل العبد لله

حمر البيارق ما إنطـــوت عاذلة وعاداتنــــــا جيـــــش العــــدو نذلـــــــــــه
بصوله تــــــــروي للقـــلب والغلــة وأرض العــــرب لا بد من تكنيســـــــــــا
عيسى عصفور

حمر البيارق والسيوف رعافــــي شيـــالة ضيــــم الدخيــــــــل العــــافــــي
والديرة اللما أنتم بهـــــا تنعـــافي لو أنها جنــــة عـــدن والطـــــــــايـــــــــفِ
عيسى عصفور

يــا سيوف تزنري بلون الـــــورود وحزي رقاب البِطْل والعنق إقطعــــــي
ويــا بيــارق لوحي فــوق الـــــزنود شقـي الفضا وكفي طريقك وإطلعـــي
علي شعبان

سلطان متحــــف للبيارق والعلام للهنــــــــادى.للمــــدى. للمطـــــــــــــــــال
سلطان يمكن من بعد ألفــين عام بيظل بيــرق للمحـــبــة والســـــــــــــلام
حمد المصفي

بيــــــــــــــــــرق جبلنا إلي إنتـــــصب فـــــــــــــوق الليــــــــــــــــــوث بغابهــــــــــــا
وجبـــــــــــــــال بركـــــان الغــــــــضب عســـــــــــــــرت علــــــــــــى طلابـــــهـــــــا
شاعر من الجبل

رسالة جبل العرب