نفائس من كتاب
«سر الأسرار ومظهر الأنوار»
للشيخ العارف عبد القادر الجيلاني (ر)
العارِف يقول ما دونه والعالم يقول ما فوقه وعِلم العارف سر الله تعالى لا يعلمه غيره
صلاة الطريقة مؤبدة ومسجدها القلب وجماعتها اجتماع قـوى الباطن بالاشتغال على أسماء التوحيد بلسان الباطن وإمامها الشوق في الفؤاد وقبلتها الحضرة الأحدية جل جلاله وجمال الصمدية وهي القبلة الحقيقية
في مقام الاستهلاك وفناء الفناء يبقى الروح القدسي بنور الله ناظراً إليه منه معه فيه له بلا كيفية ولا تشبيه
صوم الطريقة أن يمسك جميع أعضائه عن المحرمات والمناهي والذمائم مثل العجب وغيره ظاهراً وباطناً ليلاً ونهاراً. أما صوم الحقيقة فهو إمساك الفؤاد عما سوى الله تعالى وإمساك السر عن محبة مشاهدة غير الله تعالى
يعتبر الشيخ عبد القادر الجيلاني من أشهر أعلام التصوف الإسلامي ويعود نسبه ونسب أمه فاطمة (أم الخير) إلى الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وقال عنه ابن الوردي “إن نسبه الشريف من أبويه خالص لسلامته من الموالي وانتهاؤه إلى علي كرّم الله وجهه”.
جلس للوعظ في مدرسته بباب الأزج في بغداد في بداية521 هـ، واستطاع بالموعظة الحسنة أن يرد كثيراً من الحكام الظالمين عن ظلمهم، وقد كان الوزراء والأمراء والأعيان يحضرون مجالسه، وكانت عامة الناس أشدّ تأثراً بوعظه، فاستطاع أن يرد كثيراً من الضالين عن ضلالتهم، وقيل إنه تاب على يديه أكثر من مائة ألف من قطّاع الطرق وأهل الشقاوة، وأسلم على يديه ما يزيد على خمسة آلاف من اليهود والنصارى. وكان بسبب شخصيته الفذة وهيبته يسيطر على قلوب المستمعين إلى وعظه، حتى أنه استغرق مرة في كلامه وهو على كرسي الوعظ فانحلت طية من عمامته وهو لا يدري فألقى الحاضرون عمائمهم وطواقيهم تقليداً له وهم لا يشعرون.
للشيخ عبد القادر أكثر من 30 مؤلفاً من أشهرها: “تحفة المتقين وسبيل العارفين” و “حزب الرجاء والانتهاء”، و”جلاء الخاطر في الباطن والظاهر”، و”فتوح الغيب” و”رسالة في الأسماء العظيمة للطريق إلى الله “، و”الفتح الرباني والفيض الرحماني” و”سر الأسرار في التصوف”، وهو كتاب مشهور عرض فيه لأسس السلوك العرفاني وأسراره وأبرز ما فيه إقامته للفرق في مفاهيم العبادة بين أهل الطريقة العاكفين على الزهد وقطع العلائق كلها وأعمال القلوب وبين عبادة أهل الظاهر. وقد اقتطفنا لهذا العدد من “الضحى” بعض الفصول من كتاب سر الأسرار، والتي تسلّط ضوءاً كاشفاً على تعليم عبد القادر الجيلاني الذي يعتبر أيضاً مؤسس ما يعرف في أوساط التصوف بالطريقة القادرية أو الجيلانية.
في بيان الطهارة
وهي على نوعين: طهارة الظاهر التي تحصل بماء الشريعة وطهارة الباطن وهي تحصل أيضاً بالتوبة والتلقين والتصفية وسلوك الطريقة. فإذا انتقض وضوء الشريعة بخروج نجس يجب تجديده بالماء كما قال عليه الصلاة والسلام “من جدد الوضوء جدد الله إليه إيمانه”، وكما قال عليه الصلاة والسلام “الوضوء على الوضوء نور على نور”. فإذا انتقض وضوء الباطن بالأفعال الذميمة والأخلاق الرديّة كالكبر والحقد والحسد والعجب والغيبة والكذب والخيانة – كمثل خيانة العينين والأذنين واليدين والرجلين كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم “العينان تزنيان” إلى آخره فتجديده (وضوء الباطن) بإخلاص التوبة عن هذه المفسدات وتجديد الإنابة بالندم والاستغفار والاشتغال بقمعها من الباطن وينبغي للعارف أن يحفظ توبته من هذه الآفات لتكون صلاته تامة كما قال الله تعالى {هذا ما توعدون لكل أوّاب حفيظ} (ق:32). فوضوء الظاهر وصلاته مؤقتة ووضوء الباطن وصلاته مؤبدة في جميع عمره في كل يوم وليلة متصلة.
في بيان صلاة الشريعة والطريقة
أما صلاة الشريعة فقد عُلمت بقوله تعالى {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} (البقرة:238) والمراد منها أركان الجوارح الظاهرة بحركة الجسمانية من القيام والقراءة والركوع والسجود والقعود والصوت والألفاظ، ولذلك جاء الفضل الجمع يعني قال الله تعالى {حافظوا}.
وأما صلاة الطريقة فهي صلاة القلب، وهي مؤبدة، فقد عُلمت بهذه الآية {والصلاة الوسطى} (البقرة:238) والمراد من الصلاة الوسطى صلاة القلب لأن القلب خلق في وسط الجسد بين اليمين والشمال وبين العلوي والسفلي وبين السعادة والشقاوة كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء) والمراد من الإصبعين صفتا القهر واللطف، فبهذه الآية والحديث يعلم أن الأصل صلاة القلب، فإذا غفل عن صلاته، فسدت صلاته وصلاة الجوارح لقوله عليه الصلاة والسلام (لا صلاة إلا بحضور القلب)، لأن المصلي يناجي ربه ومحل المناجاة القلب، فإذا غفل القلب بطلت صلاته وصلاة الجوارح لأن القلب أصل والباقي تابع له كما قال عليه الصلاة والسلام ( ألا أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب).
فأما صلاة الشريعة فمؤقتة في كل يوم وليلة خمس مرات والسُنّة أن يصلي هذه الصلاة في المسجد بالجماعة متوجهاً إلى الكعبة وتابعاً بالإمام بلا رياء ولا سمعة.
وأما صلاة الطريقة فهي مؤبدة في عمره ومسجدها القلب وجماعتها اجتماع قوى الباطن على الاشتغال بأسماء التوحيد بلسان الباطن وإمامها الشوق في الفؤاد وقبلتها الحضرة الأحدية جل جلاله وجمال الصمدية وهي القبلة الحقيقية، والقلب والروح مشغولان بهذه الصلاة على الدوام، فالقلب لا ينام ولا يموت بل مشغول في النوم واليقظة بحياة القلب بلا صوت ولا قيام ولا قعود فهو يخاطب الله تعالى بقوله {إياك نعبد وإياك نستعين} (الفاتحة: 5) متابعاً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم. قال القاضي في تفسير هذه الآية إن فيها إشارة إلى حال العارف وانتقاله من حالة الغيبة إلى الحضرة الأحدية سبحانه وتعالى، فاستحق بمثل هذا الخطاب ما قاله عليه أفضل الصلاة والسلام (الأنبياء والأولياء يصلون في قبورهم كما يصلون في بيوتهم)، أي أنهم مشغولون بالله تعالى ومناجاته بحياة قلوبهم. فإذا اجتمعت صلاة الشريعة والطريقة ظاهراً وباطناً فقد تمت الصلاة يعني تكون صلاته صلاة تامة وأجرها عظيم في القربة بالروحانية والدرجات بالجسمانية، فيكون هذا المصلي عابداً في الظاهر وعارفاً في الباطن، وإذا لم تحصل صلاة الطريقة بحياة القلب فهو ناقص وأجره يكون من الدرجات لا من القربات.
في بيان طهارة المعرفة في عالم التجريد
وهي على نوعين : طهارة لمعرفة الصفات وطهارة لمعرفة الذات .
فطهارة معرفة الصفات لا تحصل إلا بالتلقين وتصفية مرآة القلب بالأسماء من النقوش البشرية والحيوانية ثم يحصل له النظر بعين القلب لينظر بنور الصفات إلى عكس جمال الله تعالى في مرآة القلب، كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام (المؤمن ينظر بنور الله)، كما قال (المؤمن مرآة المؤمن)، وقيل “العالِم يُنقش والعارف يُصقـل” فإذا تمت التصفية بملازمة الأسماء حصلت معرفة الصفات بمشاهدة في مرآة القلب.
وأما طهارة معرفة الذات في السر فلا تحصل إلا بملازمة أسماء التوحيد الثلاثة الأخيرة من الأسماء الإثني عشر في عين السر بنور التوحيد. فإذا تجلت أنوار الذات ذابت البشرية وفنيت بالكلية، فهذا مقام الاستهلاك وفناء الفناء، وهذا التجلي يمحو جميع الأنوار كما قال الله تعالى {كل شيء هالك إلا وجهه} (القصص:88) وقال تعالى {يمحو الله ما يشاء ويُثبت وعنده أم الكتاب}(الرعد:39) فيبقى الروح القدسي بنور الله ناظراً إليه منه معه فيه له بلا كيفية ولا تشبيه لأن الله تعالى {ليس كمثله شيء} (الشورى:48) فبقي النور المطلق محضاً ولا يمكن الإخبار عما وراء ذلك لأنه عالم المحو فلا يبقى ثمة عقل يخبر عنه ولا موجود ثمة غير الله تعالى كما قال عليه السلام “لي مع الله وقت لا يسع فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل” فهذا عالم التجريد من غير الله تعالى كما قال تعالى ” تجرد تصل إليّ” والمراد من التجرد فناء الكل من صفات البشرية فيبقى في عالمه متصفاً بصفة الله تعالى كما قال عليه السلام “تخلقوا بأخلاق الله تعالى” أي اتصفوا بصفاته.
في بيان زكاة الشريعة والطريقة
فأما زكاة الشريعة أن يُعطى من كسب الدنيا إلى مصرفة مؤقتة معينة في كل سنة من نصاب معين، وأما زكاة الطريقة فهي أن يعطى من كسب الآخرة كله في سبيل الله إلى فقراء الدين والمساكين الأخروية.
والزكاة (زكاة الشريعة) سميت صدقة في القرآن كما قال الله تعالى {إنما الصدقات للفقراء}(التوبة:60) لأنها تصل في يد الله تعالى قبل أن تصل بيد الفقير والمراد منه قبول الله تعالى.
وزكاة الطريقة فهي مؤبدة وهي أن يعطى ثواب كسب الآخرة للعاصين لرضاء الله تعالى فيغفر الله لهم مثل ثواب الصلاة والصوم والزكاة والحج وثواب التسبيح والتهليل وثواب تلاوة القرآن والسخاوة وغير ذلك من الحسنات فلا يبقى لنفسه شيء من ثواب حسناته ويبقي نفسه مفلساً فالله تعالى يحب السخاوة والإفلاس كما قال عليه السلام “المفلس في أمان الله تعالى في الدارين”.
فالعبد وما في يده كان لمولاه فإذا كان يوم القيامة أعطاه الله تعالى بكل حسنة عشرة أمثالها كما قال الله تعالى {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} (الأنعام:160)
وفي معنى الزكاة أيضاً تزكية القلب من صفات النفسانية كما قال الله تعالى {من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة} (البقرة:245) والمراد من القرض أن يعطى ما له من الحسنات في سبيل الله تعالى إحساناً إلى خلقه لوجهه الكريم وشفقة لا منة كما قال الله تعالى {لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى} (البقرة:264) لا طالباً عوض الدنيا فهذا من قسم الإنفاق في سبيل الله كما قال جل وعلا {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}(آل عمران:92).
في بيان صوم الشريعة والطريقة
صوم الشريعة: أن يمسك عن المأكولات والمشروبات وعن الوقاع في النهار.
وأما صوم الطريقة فهو أن يمسك جميع أعضائه عن المحرمات والمناهي والذمائم مثل العجب والكبر والبخل وغيره ظاهراً وباطناً ليلاً ونهاراً فكلها يبطل صوم الطريقة.
فصوم الشريعة مؤقت وصوم الطريقة مؤبد في جميع عمره. فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (رب صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش) فلذلك قيل “كم من صائم مفطر وكم من مفطر صائم”، أي يمسك أعضاءه عن المناهي وإيذاء الناس بالجوارح كما قال الله تعالى في الحديث القدسي {إن الصوم لي وأنا أجزي به} وقال الله تعالى في الحديث القدسي {يصير للصائم فرحتان: فرحة عند الإفطار وفرحة عند رؤية جمالي}.
قال أهل الشريعة: المراد من الإفطار الأكل عند غروب الشمس ومن الرؤية رؤية الهلال يوم العيد، وقال أهل الطريقة الإفطار عند دخول الجنة بالأكل مما فيها من النعيم. والمراد بالرؤية هي رؤية الله تعالى يوم القيامة بنظر السر معاينة.
وأما صوم الحقيقة فهو إمساك الفؤاد عن محبة ما سوى الله تعالى وإمساك السر عن محبة مشاهدة غير الله كما قال الله تعالى في الحديث القدسي {الإنسان سري وأنا سره}. والسر من نور الله تعالى فلا يميل إلى غير الله تعالى وليس له سواه محبوب ومرغوب ومطلوب في الدنيا وفي الآخرة. فإذا وقعت فيه محبة غير الله فسد صوم الحقيقة فله قضاء صومه وهو أن يرجع إلى الله تعالى ولقائه وجزاء هذا الصوم لقاء الله تعالى في الآخرة.
في بيان حج الشريعة والطريقة
الحج على نوعين: حج الشريعة وحج الطريقة
فحج الشريعة بحج بيت الله بشرائطه وأركانه، حتى يحصل ثواب الحج، إذا نقص شيء من شرائطه نقص ثواب الحج لأن الله تعالى أمرنا بإتمام الحج بقوله عز وجل {وأتموا الحج والعمرة لله} (البقة: 196).
فمن شرائطه الإحرام أولاً ثم دخول مكة ثم طواف القدوم ثم الوقوف بعرفة ثم المبيت بمزدلفة ثم ذبح الأضحية في منى ثم دخول الحرم ثم طواف الكعبة سبعة أشواط ثم شرب ماء زمزم ثم يصلي ركعتي الطواف في مقام إبراهيم (عليه الصلاة والسلام) ثم يحلل ما حرم الله تعالى عليه من الصيد ونحوه. فجزاء هذا الحج العتق من الجحيم والأمن من قهر الله كما قال تعالى {ومن دخله كان آمنا} (آل عمران :97) ، ثم طواف الصدور ثم الرجوع إلى وطنه.
وأما حج الطريقة فزاده وراحلته أولاً الميل إلى صاحب التلقين وأخذه منه، ثم ملازمة الذكر باللسان وملاحظة معناه حتى تحصل حياة القلب له ثم يشتغل بذكر الباطن حتى يصفيه بملازمة أسماء الصفات فتظهر كعبة السر بأنوار الصفات كما أمر الله تعالى إبراهيم وإسماعيل (عليهما الصلاة والسلام) بتطهير الكعبة أولاً بقوله تعالى {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين} (البقرة: 125) إلى آخر الآية.
فكعبة الظاهر تطهيرها لأجل الطائفين من المخلوقات وكعبة الباطن تطهيرها لنظر الخالق مما سواه ثم الإحرام بنور الروح القدسي ثم دخول كعبة القلب ثم طواف القدوم بملازمة الاسم الثاني ثم الذهاب إلى عرفات القلب وهو موضع المناجاة فوقف فيها بملازمة الاسم الثالث والرابع، ثم ذهب إلى مزدلفة الفؤاد وجمع بين الاسم الخامس والسادس، ثم ذهب إلى منى السر وهي ما بين الحرمين فوقف بينهما ثم ذبح النفس المطمئنة بملازمة الاسم السابع لأنه اسم الفناء ورافع حجاب الكفر، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الكفر والإيمان مقامان وراء العرش وهما حجابان بين العبد وبين الحقّ أحدهما أسود والآخر أبيض) ثم حلق رأس الروح من الصفات البشرية بملازمة الاسم الثامن ثم دخل حرم السر بملازمة الاسم التاسع ثم وصل رؤية العاكفين فيعتكف في بساط القربة والإنس بملازمة الاسم العاشر ثم رأى جمال الصمدية بلا كيف ولا تشبيه ثم طاف سبعة أشواط بملازمة الاسم الحادي عشر ومعه ستة أسماء من الفروعات ثم يشرب من يد القدرة شربا كما قال الله تعالى {وسقاهم ربهم شرابا طهورا} (الإنسان: 21) بقدح الاسم الثاني عشر ثم يُرفع برقع الوجه الباقي المقدس من التشبيه فينظر بنوره إليه وها معنى قوله تعالى في الحديث القدسي {ما لا عين رأت} يعني لقاء الله تعالى {ولا أذن سمعت} يعني كلام الله تعالى بلا واسطة الصوت والحروف {ولا خطر على قلب بشر} يعني ذوق الرؤية والخطاب، ثم حلل ما حرم الله بتبديل السيئات إلى الحسنات بتكرار أسماء التوحيد كما قال الله تعالى {إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} (الفرقان: 70) ثم العتق من التصرفات النفسانية ثم الأمن من الخوف والحزن كما قال الله تعالى {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} (يونس:62) رزقنا الله وإياكم بفضله وجوده وكرمه ثم طاف الصدور بتكرار الأسماء كلها ثم الرجوع إلى وطنه الأصلي الذي في عالم القدسي في أحسن التقويم بملازمة الاسم الثاني عشر وهو متعلق بعالم اليقين وهذه التأويلات في دائرة اللسان والعقل وأما ما وراء ذلك فلا يمكن الإخبار عنه لأنه لا تدركه الأفهام والأذهان ولا تسع الخواطر في ذلك، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (إن من العلوم كهيئة المكنون لا يعلمها إلا العلماء بالله فإذا نطقوا بها لم ينكره إلا أهل الغِرّة) فالعارف يقول ما دونه والعالم يقول ما فوقه فإن عِلم العارف سر الله تعالى ولا يعلمه غيره كما قال الله تعالى {ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء(البقرة : 255)} أي الأنبياء والأولياء {فإنه يعلم السر وأخفى} {الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى} (طه:7-8).